+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 772م توفي سُوار القاضي، عيَّنه أبو جعفر المنصور أميراً على البصرة وقاضياً لها، فلحقه لقب القاضي وغلب عليه لما عُرف من عدله وذكائه!
أراد أهل البصرة أن يتخلصوا منه، فشكوه زوراً إلى المنصور أنه لا يعدل ولا يحسن القضاء، فاستدعاه المنصور لينظر في أمره، وبينما هو يسمع منه ومن خصومه إذ عطسَ، فقام كل من في المجلس بتشميت الخليفة إلا سواراً القاضي.
فقال له المنصور: أراك لم تُشمتني إذ عطستُ!
فقال له سوار: لم أشمتك لأنك لم تحمد الله، وقد عطسَ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فشمَّتَ أحدهما ولم يُشمِّت الآخر، فقال الرجلُ الذي لم يُشمَّت: يا رسول الله شمَّتَ هذا ولم تُشمتني.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ هذا حمد الله وأنتَ لم تحمد الله!
فقال المنصور لسوار: ارجع إلى عملك وقضائك، ودُمْ على ما كنتَ عليه، فمن لم يُسامح الخليفة في عطسة لن يسامح غيره في غيرها!
إن أكبر مصائبنا اليوم ليستْ في الحُكام بقدر ما هي في الحاشية المحيطة بهم التي تُطبل لهم على كل صغيرة وكبيرة، وعلى الخطأ والصواب، وعلى الحلال والحرام، من أين سيعرف الحاكم أنه أخطأ ما لم يكن في حاشيته من لا يجامله حتى في عطسة، ولكن الحال كما تعلمون لو أن حاكماً قام وذبح ألف رجل لخرجتْ في صبيحة اليوم التالي ألف فتوى خسيسة، وألف إعلامي قذر، وألف صحيفة عفنة، تُسبح بحمد الحاكم وتستخلص المنافع والحكم من أخطائه!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
25/04/2019
1945