+ A
A -
في رواية «السُحب» وهي من أروع روايات الكوميديا النقدية لاريستوفانيس احد كتاب الكوميديا الساخرة في اليونان القديمة، يسخر وينتقد الفساد الاخلاقي والاجتماعي في المجتمع الاثيني، يصل إلى نتيجة هامة وهي أن فساد التعليم وراء كل فساد يظهر في المجتمع، ويحكي قصة أسرة تسيء تربية ابنها الوحيد بكثرة تدليله مما جعله يستهتر بالحياة إلى درجة أن يوقع الاسرة في ديون تعجز معها عن السداد والايفاء بها، فتلجأ الاسرة إلى النظام التعليمي الذي كان سائدا في حينه وهو النظام السفسطائي القائم على قلب الجدل والمقدرة على الايهام بأنه لايوجد شيء ثابت، وإن مقياس الاشياء هو الفرد، ليتمكن الولد من الخلاص أمام المحكمة من ديونه وبالفعل ينجح في التنصل من التهمة التي وجهت اليه. بعد ذلك يبدأ الولد في الاساءة إلى والديه وضربهما فيشكوانه إلى المحكمة فينجح في التنصل من هذه التهمة كذلك عن طريق اثبات انهما سبب فشله لأنهما أساءا تربيته وقال انه يجب أن يؤدبهما حتى يقومانه بتأديبه وحسن تربيته، بعد ذلك يقوم الأب ومعه كل عجائز أثينا بإشعال المشاعل والـــــذهاب إلى المدرسة لإحراقها والتخلص من هذا النظام التعليمي الذي أوجد تبريرا لكل فساد فتغطي السحب سماء أثينا كلها. هذه القصة تدل على أهمية دور النظام التعليمي في كل مجتمع وإنه يتحمل المسؤولية الأولى ليس فقط في تطور المجتمع وإنما في تزويده بأخلاقيات التربية التي لاتحدث انشقاقا نفسيا بين مايلقن وبين ما يُمارس في الواقع.
عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
15/06/2016
1403