+ A
A -
انتشرت في بعض البلدان العربية جملة كتبت بخط جميل، وعلقوها على جدران محلاتهم ودكاكينهم «إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك» والجملة ناقصة، ولكي تكتمل يجب أن نضيف «قدرتك على ظلم الناس إلى ظلمهم» لكن المقصود من الجملة وصل إلى جميع الناس وفهموها.
ما أبشع الظلم، ولا يعرف هذا إلا من تعرض له، أي من ظلمه الآخرون، ولذلك قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا» أي لا يظلم بعضكم بعضاً، (من عمل صالحاً فلنفسه، ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد) وقليلون جداً من أطاعوا ويطيعون هذا الأمر الإلهي: الرجل يظلم زوجته، وقد يظلم بعض أولاده لصالح بعضهم الآخر، وبدلاً من أن يرحم الغني الفقير يظلمه، ليزيد في ماله، وبدلاً من أن يواسي القوي الضعيف يظلمه ليشعر بلذة القوة والتفوق، لكن ظلم الأفراد أبسط وأهون بكثير من ظلم الجماعات والأحزاب والطوائف والحكومات، وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم «وأعوذ بك أن أَظلِم أو اُظلم» وثبت في الحديث عن عبد الله بن عباس - رضي الـلـه عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن وقال له: (اتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب) وليس شرطاً أن يكون المظلوم مؤمناً، فدعوة الكافر المظلوم تصعد إلى الله تعالى، لأن كفره على نفسه كما جاء في رواية أنس بن مالك رضي الله عنه (دعوة المظلوم وإن كان كافرا ليس دونها حجاب).
وتنسب إلى الإمام ابن قيم الجوزية مقولة تدل على خلاصة التعمق في أمور الحكم والسلطة «إذا خيرت بين إمام كافر عادل وإمام مسلم ظالم، فإنني أختار الإمام العادل الكافر، لأن عدله لي وكفره عليه، أما الآخر فإسلامه له وظلمه علي» والفكرة مأخوذة من شيخ الإسلام ابن تيمية، ونقل عنه القول: «حاكم كافر عادل خير عند الـلـه من حاكم مسلم ظالم»، ونقلت صياغة أخرى للنص: «طاعة حاكم كافر عادل خير عند الـلـه من طاعة حاكم مسلم ظالم». قال: وأمور الناس إنما تستقيم في الدنيا مع العدل الذي قد يكون فيه الاشـتراك في بعض أنواع الإثم، أكثر مما تسـتـقيم مع الظلم في الحقوق، وإن لم تشـترك في إثم ولهذا قـيل: «إن الـلـه ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافـرة، ولا ينصر الدولـة الظالـمة ولو كانت مؤمنة».
أيها المظلومون، ادعوا ربكم فليس بينكم وبينه حجاب.
بقلم: نزار عابدين
copy short url   نسخ
15/04/2019
9944