+ A
A -
دقت واشنطن طبول الحرب في فنزويلا، واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن أمام بلاده العديد من الخيارات في التعامل مع الأزمة في فنزويلا، بما في ذلك خيار العمل العسكري المباشر، ويبدو أن الطلب الأميركي من مجلس الأمن الدولي عقد اجتماعاً حول فنزويلا هو لغاية توفير غطاء سياسي لهذا التدخل العسكري الأميركي الذي يأتي لموازنة تدخل عسكري روسي وآخر صيني في هذا البلد الذي ينشطر شعبه وقواه السياسية بين الرئيس مادورو الذي يحظى بتأييد الجيش الفنزويلي، والرئيس المعارض غوايدو الذي تعترف به الولايات المتحدة الأميركية و50 دولة أخرى
الروس الذين كانوا قد سارعوا بإرسال نحو 99 من ضباطهم إلى كاركاس برروا هذا التدخل بانه لحماية المصالح الاقتصادية لبلادهم في فنزويلا، حيث يقال إن روسيا قد استثمرت حوالي 10 مليارات دولار في الاقتصاد الفنزويلي، وحصلت الشركة الروسية العملاقة «روس نفط» على حصة في قطاع الطاقة في الجمهورية البوليفارية، وأخذت، كضمانة لقرض قيمته 1.5 مليار دولار، حصة 49.9 % في مصفاة مملوكة للحكومية الفنزويلية، وحماية هذه الاستثمارات والمصالح الاقتصادية الروسية ترتبط إلى حد كبير ببقاء الرئيس مادورو في السلطة، فضلاً عن أن فنزويلا تشكل نقطة ارتكاز مهمة لصادرات السلاح الروسية إلى أميركا اللاتينية، وجسر للعبور الروسي السياسي والاقتصادي للفناء الخلفي للولايات المتحدة الأميركية، كما أرسلت بكين أيضاً عدداً من رجال الأعمال إلى كاركاس لحماية أموالها المستثمرة في الاقتصاد الفنزويلي، ما يعني أن المخاوف الروسية والصينية على استثماراتهما واقعية وكبيرة، ولهذا يمكن القول إن التدخل العسكري الأميركي في فنزويلا في حال حدوثه سيكون ضربة قاسية للاقتصادين الروسي والصيني.
غير أن حجم القوة العسكرية الروسية التي أرسلتها موسكو إلى كاركاس لا يعني نية الروس التدخل العسكري الواسع النطاق لحماية الرئيس مادورو، بينما سيكون التدخل العسكري الأميركي في فنزويلا، في حال حدوثة، هو بغاية الإطاحة بالرئيس الفنزويلي، الذي لم يرفع راية بيضاء حتى كتابة هذه السطور أمام محاولات إزاحته، ومن ثم لو أرسلت واشنطن ارمادتها العسكرية إلى فنزويلا، فإنها ستكون حجماً ونوعاً أخطر بكثير مما أرسلته موسكو إلى كاركاس.
دق واشنطن طبول الحرب ضد فنزويلا ضغط كبير على أعصاب المؤسسة العسكرية في هذا البلد بغية إحدث شروخ كبيرة فيها، كما يعيد إلى الذاكرة سجل واشنطن في التدخلات العسكرية في أميركا اللاتينية، ومنها على سبيل المثال تدخلها في بنما ونجاحها في اعتقال مانويل نورييغا رئيس بنما الأسبق الذي اضطر إلى الاستسلام للقوات الأميركية الغازية، وحوكم في الولايات المتحدة بتهمة الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال، وحكم عليه بالسجن 20 عاماً وبعد انقضاء محكوميته سلم في العام 2010 إلى فرنسا التي كانت قد حاكمته غيابيًا كذلك بتهمه غسيل الأموال
كما سيق للولايات المتحدة إن تدخلت عسكرياً أيضاً في جزر غرينادا التي تقع في الكاريبي بعد أن اتهمت حكومتها بالتحالف مع كوبا الشيوعية، فضلاً عن تدخلات عسكرية أميركية عديدة لا تغيب عن ذاكرة الأميركيين اللاتينيين .
يتبع)
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
12/04/2019
1495