+ A
A -
كنت أشعر بهيمنة كلية الشريعة على باقي الكليات الأخرى في الجامعة وكانت شخصية رئيسها الدكتور يوسف القرضاوي تعادل شخصية رئيس الجامعة إن لم تكن تفوقها سلطة ونطاقا ونفوذا، ورئيس الجامعة أصلا الدكتور إبراهيم كاظم كان أستاذا من جامعة الأزهر ونائبه كذلك الدكتور جابر، فالجامعة كانت أشبه بمعهد ديني كبير، أكثر منها جامعة تضم جميع التخصصات، وكان هناك أيضا قسم صغير للفلسفة وليس به سوى أستاذ واحد على ما أذكر اسمه الدكتور «خليف» وقسم الاجتماع كذلك كان تحت رقابة لصيقة حيث ربط بقسم الخدمة الاجتماعية، الذي كان تدريبا أكثر منه علما، في مجتمع كانت الدولة فيه في ذلك الوقت تقدم جميع الخدمات الاجتماعية، فلم يكن اختيار هذا التخصص في حينه مناسبا إلا من أجل التقليل من دراسة نظريات علم الاجتماع ونظريات التغير الاجتماعي دراسة شمولية متعمقة، وسبق أن ذكرت كذلك عن تحيز الجامعة لجنسية دون أخرى ولفكر دون آخر نظرا لهيمنة كلية الشريعة، الكلية الأم في الجامعة.

وهناك أيضا قسم جغرافيا يخرج مساحي خرائط، بالاضافة إلى التخصصات العلمية المعروفة، لذلك كان علي أن أضاعف الجهد لدراسة النظريات الاجتماعية والفلسفية بجهد ذاتي خارج نطاق الجامعة، حتى انني كنت استعير الكتب من المكتبة ولا أجد إقبالا من الطلبة على الاستعارة أو قراءة الكتب والمراجع، كما شكا لي الأخ مسؤول المكتبة. كان الشيخ القرضاوي يُدرس مادة الثقافة الإسلامية على ما أذكر وكذلك الدكتور حسن عبد الظاهر رحمه الله، وكان له أسلوب مميز، في حين أن الشيخ القرضاوي كنا قد تعودنا على أسلوبه لكثرة ما كنا نشاهده اسبوعيا حتى قبل إنشاء الجامعة من خلال برنامجه التليفزيوني، وفي آخر فصل لي في الجامعة، سمعت عن دكتور قطري قد انضم إلى كلية الشريعة واسمه عبد الحميد الانصاري، الذي اصبح عميدا للكلية في ما بعد والذي أثار قضايا لم تحتملها الكلية والجامعة كذلك. لم تستطع الجامعة منذ ذلك اليوم وربما إلى الآن إيجاد فكر نقدي لدى طلابها، بقدر ما اوجدت موظفين لم تزدهم الشهادة سوى راتب ووظيفة ومنصب، لذلك بالمقابل لم نر ولم نسمع عن اساتذة جامعيين قطريين على مستوى إخوانهم من أبناء الخليج.. فبدلا من ان تكون الجامعة مصدر إشعاع فكري، كانت مصدرا لإعداد موظفين وليس متخصصين ولا حتى تربويين، مع مراعاة بعض الفروق الفردية والامكانيات الذاتية لدى البعض.

عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
10/05/2016
456