+ A
A -
شباك على الدنياذاك الجيل المولود في منتصف القرن الفائت، والذي صار أفراده حالياً على أعتاب السبعينات من العمر، كان يحظى بعالم تلتمع فيه أسماء زعامات بارزة في السياسة والسينما والأدب والعلم، فعرفنا في عالم السياسة عبدالناصر وجواهر لال نهرو وسوكارنو وجون كيندي ونيكيتا خروتشوف وشواين لاي ونكروما وغيرهم، وكنا نقرأ من عباقرة العرب: عباس محمود العقاد وطه حسين والمازني ومحمد حسنين هيكل ونزار قباني وغادة السمان وغيرهم، ومن الأدب العالمي كنا نقرأ البرتو مورافيا واجاثا كريستي وتولستوي ودستيوفسكي واندرية جيد وهيمنجواي وغيرهم، وكنا نتابع أفلاماً لفنانات وفنانين عرب مشهورين مثل: فاتن حمامة ونادية لطفي وماجدة ومريم فخرالدين وآمال فريد ورشدي أباظة وأحمد مظهر وأحمد رمزي وغيرهم، ومن الفنانات والفنانين العالميين صوفيا لورين ومارلين مونرو وانيتا اكبرغ وكيرك دوغلاس وجون واين وغيرهم، ناهيك ما كنا نسمعه من أصوات غنائية عذبة من كل أنحاء عالمنا العربي.
من حق من بقي من ذاك الجيل على قيد الحياة أن يستغرب: لماذا أصبحنا في عالم غابت فيه الكاريزمات وانطفأت فيه إلى حد كبير أضواء كانت تلاحق نجوم أيام زمان في السياسة والأدب والسينما والغناء، ولماذا أصبح معظم الذين يديرون دفاف السياسة في عالمنا الراهن أناساً كانوا مغمورين، وظلوا هكذا بعد أن سكنوا قصور السلطة الشهيرة في العالم، ومضوا بعد انتهاء عهدتهم إلى ظلال من دون أن يتركوا بصمات تضع أسماءهم في سجلات التاريخ، ولماذا أصيب عوالم الأدب والسينما والغناء ببوادر عقم إبداعي، حتى أن كثيراً من قديمهم أكثر جاذبية وعمقاً وملاحة من حديثهم، بدليل أننا صرنا نلاحظ أعداداً ليست قليلة من شباب اليوم تعيش في جلباب أبيها الغنائي والفني، وأحيانا في جلباب جدها.
ومن ذلك يصح ونحن نطل على دنيانا من شباك رصد ومتابعة أن نتوقف عند ملاحظة تقول: إن هناك علاقة بين أحوال العلوم والفنون من جهة، وأحوال السياسة من جهة أخرى، فالمجتمعات يتكون كل منها من مجموعة من النظم الاجتماعية مثل: النظام القانوني والديني والإعلامي والأسري والفني... الخ، وهذه النظم متبادلة التأثير والتأثر، ومن الطبيعي جدا أن تتأثر مما يشهده العالم ومجتمعاته من سياسات يمتد تأثيرها آلياً وتلقائياً إلى كل شيء، وإلى تفاصيل هذه النظم الاجتماعية.
عالمنا الراهن مرتبك سياسياً، وعالمنا العربي على وجه الخصوص هو الأكثر ارتباكاً بين كل أنحاء وجغرافيات العالم، فالنظام الدولي يمر بفترة تحولات غير مسبوقة، وهذا هو المسؤول عن شروخ وضعف أصاب حناجر الغناء، وجعلنا مكياج وجوه نساء اليوم نراها متشابهة، وأحياناً متطابقة، وخلت رفوف المكتبات من الإصدارات الثمينة التي كانت تروي عطشنا للمعرفة وتوسيع الخيال، وتشيخ مزاج الشباب!
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
19/03/2019
1726