+ A
A -
الناس في ما يخص اقتناء المنتجات الاستهلاكية على أنواعها صنفان؛ صنف تعود أن يبحث عن السعر الأقل، وصنف تعود على البحث عن النوعية بغض النظر عن السعر.. الأول – وإن كان جيبه دافئا ويحتمل شراء الأفضل – إلا أنه لا يهتم بالنوعية ويفرح كلما وجد أن المنتج الذي اشتراه كان بسعر أقل، والثاني يعتقد في قرارة نفسه أنه كلما ارتفع سعر المنتج كان أفضل جودة، وهذا أمر في المجمل صحيح.
الأمر الذي لابد أن الكثيرين صاروا يلاحظونه اليوم هو أن أكثر المنتجات التي تتوفر في الأسواق هي من النوع الأقل سعرا والأقل جودة، وأن الأكثر جودة يتوفر أحيانا ولكن بأسعار مبالغ فيها تجبر المنتمين إلى الصنف الثاني على الشراء حسب نظرية المنتمين إلى الصنف الأول.
ما يحدث اليوم هو أن المستهلك، من الصنفين، يشتري المنتج الأقل سعرا، يشجعه على ذلك حصوله على ضمان من التاجر لمدة لا تقل عن ستة أشهر أو سنة وتمتد في بعض الأحايين إلى سنتين، لكنه وبعد فترة قصيرة يكتشف أن ما اشتراه لم يستفد منه إلا قليلا، ولأن سعره بسيط، لذا فإنه في الغالب لا يضيع وقته في العودة إلى التاجر وعمل إجراء تعويض حسب الاتفاق والصك الذي في يده، فيشتري غيره، ولتتكرر القصة نفسها، وهكذا. هذا واقع لم يعد يغب عن كثيرين ولكن الكثيرين لا يعطونه الاهتمام المطلوب، ولهذا فإن التاجر اليوم في أحسن حال وفي رضى تام عن حركة السوق.
هذا يدفع إلى طرح سؤال عن أسباب انخفاض جودة المنتجات إجمالا في السنوات الأخيرة، فالمكيف الذي كان المستهلك يستفيد منه لعدة سنوات ويعمل ليل نهار من دون أن يقول «آخ» صار يعطب بسرعة، والأمر نفسه في ما يخص كثيرا من المنتجات التي يكفي مثالا لتوضيحها «لمبات» الإضاءة التي تفنى قبل أوانها وتكتفي أحيانا بتوفير لحظة فرح سريعة لمقتنيها «ربما عن العين والنفس» فتضيء لتنطفئ على الفور!
تسأل التاجر عن نوعية معينة اشتريتها قبل عدة سنوات وارتحت من جودتها فيخبرك بأن الشركة الأصلية لم تعد تصنعه وصارت توفر نوعيات أخرى. لكن النوعيات الجديدة لا ترقى أبدا إلى جودة تلك النوعية فلا تجد بدا من شرائها مطمئنا إلى فترة الضمان التي يوفرها لك التاجر وتضع ورقته ربما في «التجوري» كي لا تضيع ولتستفيد منه لاحقا، ولكنك في الغالب لا تفعل.
هذا التحول في جودة المنتجات لابد أنه حدث نتيجة دراسات واسعة للسوق ولنفسية المستهلك، وإلا فما الذي يدفع شركات لها أسماؤها وشهرتها إلى تصنيع منتجات أقل جودة من التي نالت بها ثقة المستهلك وارتقت بها؟ ولأن الأسئلة المثارة هنا تحتاج إلى متخصصين في التصنيع وفي فنون التجارة.. لذا فإن المأمول أن يصرف المعنيون بعض وقتهم في البحث عن إجابات واضحة وحلول تعيد ثقة المستهلك في البضاعة وفي التاجر.
بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
14/06/2016
2761