+ A
A -
تتدحرج الأزمة الفنزويلية سريعاً إلى تطورات دراماتيكية خطيرة، يتضح منها أن الولايات المتحدة صارت تعتنق سياسات جديدة تجاه دول فنائها الجنوبي، لإغلاق الجبهة الأميركية اللاتينية برمتها في وجه محاولات التسلل الروسي أو الصيني بحثاً عن توسيع دائرة الحلفاء من جهة، أو بناء قواعد عسكرية وإيجاد مواطئ للأقدام في هذه القارة الواعدة التي تكتنز ثروات لم يتم الكشف عن معظمها بعد من جهة أخرى، فالمصادر الطاقوية الهائلة في فنزويلا، وربما في غيرها، تمثل بديلاً مهماً لمصادر الطاقة الأخرى في العالم التي تحيط بها الأزمات والنزاعات.
واشنطن بذلك تسعى إلى سياسة وقائية تتجنب بها تكرار أزمة خليج الخنازير، وهي العملية العسكرية الفاشلة التي بادرت إليها واشنطن في مطلع الستينيات للإطاحة بالزعيم الكوبي فيدل كاستروا، وهي الأزمة التي تطورت إلى أزمة دولية بين القطبين الأعظم وقتئذ واستمرت أسبوعين انتهيا بحل سلمي بعد أن وضعت العالم في تلك الأثناء على شفا حرب نووية مدمرة.
لذلك فإن الاستهداف الأميركي الحالي لنظام الرئيس الفنزويلي مادورو يتم في سياق تجربة سابقة يخطط لها ألا تنتهي النهاية ذاتها التي انتهت إليها أزمة خليج الخنازير، عجل بسعي أميركي إذ كان وصول سرب من المقاتلات الروسية مباشرة من قواعد روسية إلى فنزويلا قبل شهور قلائل مليئا بالاستفزازات لواشنطن، مما عجل بتعقيد الأزمة الفنزويلية وسعي واشنطن إلى دعم معارض قوي للرئيس مادورو، والذي يخوض حالياً صراعاً مؤيداً أوروبياً وأميركياً.
الاهتمام الأميركي بالفناء الأميركي اللاتيني الجنوبي تساعد عليه معطيات عدة، منها أن زمن التيارات اليسارية الراديكالية قد ولى، فكيف يسقط اليسار الخصم اللدود للسياسة الأميركية في دول عدة، بينما لايزال له وجود في القارة اللصيقة بالولايات المتحدة.. ففي غداة وقف القوات الفنزويلية جهود إدخال إمدادات إنسانية إلى البلاد أعرب وزير الخارجية الأميركي عن ثقته بأنّ «أيام» مادورو «معدودة».
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
01/03/2019
1658