+ A
A -
نيلان، يجريان في الخرطوم، يشكلان في ( مقرن النيلين) النيل، ذلك الذي يجري ويجري، منذ ان كان، إلى (أم دنيا)، والخرطوم، تعاني الآن من أزمة عطش!
هذا، أقل مايقال فيه، أنه من مسرح اللامعقول.
السياسات الخائبة، تفعلُ أكثر من ذلك.. وكذا قصر النظر، وغياب مايسمى في أدبيات الدول الرشيدة، بسياسة ترتيب الأولويات.
من الأولويات لأي مجموعة سكانية- حتى في الأرياف البعيدة- الماء، ذلك الذي جعل منه الرب، كل شيء حي.
لا يهم السودانيين، ما إذا كانت الرئاسة، تمتلك يختا فاخرا، أم لا.. ولا يهمها أن تُشيّد قصرا رئاسيا جديدا، إلى جوار القصر التاريخي، ولا يهمها أن يكون في السودان، كل هذا الكم من نواب الرئيس ومساعديه، ومستشاريه.. وكل هذا الكم من الوزراء، ووزراء الدولة، والولاة ونوابهم، والمحافظين، ولكل سياراته الفاخرة، وإمتيازاته وبدلاته الضخمة..
مايهم السودانيين، توفر الخدمات الضرورية، وأعلاها الماء.. والكهرباء. ومايهمهم في جملة واحدة: الأمن الاجتماعي، بتسمياته المختلفة.
انهيار الدولة- أي دولة- يبدأ بانهيار الخدمات، حتى في العاصمة.
الخرطوم، التي تعيش الآن، واحدة من أسوأ الإنهيارات في خدمات الماء والكهرباء، وخدمات النظافة، تكشفُ- وبشكل لا يقبل الجدل إطلاقا- عن إنهيار مايُسمى بالدولة.. هذا إذا ماتجاوزنا- بالطبع- الغلاء الطاحن، وإنهيار العملة الوطنية، والفساد، ما يستتبع كل ذلك من إنهيار في الضمير العام، وفي القيم، والاعراف الكريمة.. وفي المروءة!
اسطوانة مشروخة، ظل يرددها الحاكمون وتنابلتهم في السودان، إزاء أي كارثة: ذلك إبتلاء من رب الناس.
ليت الحاكمين، لو صمتوا عن هذه الإسطوانة المشروخة. ليتهم لو لو تحلوا بقدر يسير من الشجاعة وجلد الذات، وقالوا إن مايحدث من انهيارات، هو من عند أنفسنا. ليتهم يواجهون المشكلة بما تستحق، من سياسات رجال الدولة.. بما تستحق من الدولة!
مايحدث الآن في الخرطوم، فظيع..
حالة السكان تدعو للرثاء..
ومايحدث فظيع، والمسؤولون يرجعون الأزمة إلى غير جذورها الحقيقية، وبتصريحات تدعو للرثاء، والضحك أيضا.
جذور الأزمة- أيها السادة- في الاستهانة بأبسط حقوق المواطن، في الحياة الكريمة.. بل في الحياة نفسها!.
بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
13/06/2016
893