+ A
A -
هلال أبوشناف اسم  لا يزال أسمع صداه في أذني  بين حين وآخر هو أستاذ  اللغة العربية والعلوم الشرعية الذي درسنا في الصف الأول ثانوي في مدرسة الدوحة الثانوية الواقعة في رأس بوعبود، مقابل فندق الماريوت حاليا «الخليج سابقا»، ويدعى بالشيخ هلال، من جمهورية مصر العربية وأعتقد أنه من  أهل سينا، يلبس الغترة والعقال، لا تكاد تميزه عن أهل قطر، رجل هادئ الطباع  منخفض الصوت وهذه ميزة لا تجدها كثيرا عند مدرسي زمان، حيث كان الصوت المرتفع وربما «الزعيق» من أدوات المدرس لضبط الطلبة وفرض الاحترام، يفرض احترامه عليك، فيه من البداوة شيء ومن طباع  رجل القبيلة أشياء كثيرة،  في أمسيات رمضان كان محدثا بعد صلاة التراويح في مسجد أحمد بن يوسف الجابر في الريان القديم القريب من منزلنا، فوقعت في حيرة كبيرة حيث كان يشكو من شقاوة بعض الطلبة وأنا أحدهم في الفصل صباحا، فإذا بي أجده مساء في المسجد محدثا بحضور والدي وغيره من أهل الريان القديم في ذلك الوقت الهادئ الجميل، وزادني خوفا طلبه مني أن أعرفه على والدي في احدى الامسيات لأن لديه كلاما يود أن يذكره له، فقلت في نفسي  سيذكر له معاناته معي في الفصل وعدم انتظامي في أداء الواجب المدرسي كما كان يريد رحمه الله، وأصر على أن يتعرف بوالدي  وانتظر خارج المسجد ممسكا بي، فلما خرج والدي  أشرت له، فسلم عليه، وكنت خائفا مما سيقوله، فإذا به رحمه الله يذكرني له بكل إحسان وخير وجد ومثابرة، وقع ذلك في قلبي موقعا لا يزال متمكنا منه حتى الآن  بعد أكثر من أربعين عاما خلت، ايقنت منذ تلك اللحظة أن الكلمة الطيبة  تحدث أثرا إيجابيا  لاتحدثه التربية الصارمة  ولا الأوامر المشددة، ولم أعد ذلك الطالب الشقي  بل أكاد أن أقف أمامه  موقف الابن من أبيه  احتراما وإجلالا.
الشيخ هلال أبوشناف من أولئك المدرسين الأوائل  الذين لا يتكررون، لأن قيم التربية عندهم عالية جدا، حيث كانت وزارة التربية والتعليم  وزارة ثقافة بالدرجة الأولى، من العجب أن نفصل وزارة الثقافة عن وزارة التربية والتعليم، ونجعل منهما جهازين منفصلين وهما اللذان اتحدا في شخصية الشيخ هلال أبوشناف، فآثر الدخول لاصلاح سلوك الطالب التعليمي من مدخل الثقافة كما في حالتي. رحم الله الشيخ هلال أبوشناف وأسكنه فسيح جنانه أنه نعم المولى ونعم النصير.

بقلم : عبدالعزيز محمد الخاطر
copy short url   نسخ
12/06/2016
1435