+ A
A -
يهدف مشروع القرار الغريب، والعجيب، والمُسمى بقانون «الولاء بالثقافة» الذي تقدمت به وزيرة الثقافة والرياضة في دولة الاحتلال (ميري ريغف) لبلورة كل النشاطات والأعمال الثقافية في فلسطين المحتلة، وجعلها متجانسة مع التوجهات المعروفة لـ«قوى اليمين الإسرائيلي» وحتى للقوى المعارضة الموجودة ضمن ائتلاف ما يُسمى بـ«المعسكر الصهيوني» الذي يضم حزب العمل، وهو حزب المعارضة الأكبر. الوزيرة (ميري ريغف) عضو الكنيست عن كتلة حزب الليكود، عملت طوال السنتين الماضيتين من أجل سنّ هذا القانون، حيث واجهت انتقاد فنانين وإعلاميين ويساريين من وسط المجتمع اليهودي في فلسطين المحتلة عام 1948، وفي الوسط العربي بالطبع داخل «إسرائيل»، نظراً للعنصرية الفاقعة التي يحملها هذا القانون حال إقراره والمترتبات الناتجة عنه داخل المجتمع، ومساسه بنحو 22 % من المواطنين «الإسرائيليين» من العرب الفلسطينيين أصحاب الوطن الأصليين. المهم أنَّ الوزيرة اليمينية (ميري ريغف) وجدت الآن الفرصة سانحة أمامها للدفع بالقانون لإقراره، على ضوء التفاعلات الجارية في «إسرائيل» بعد استقالة الوزير أفيغدور ليبرمان، وتأرجح الائتلاف الحكومي الذي بات قلقاً، ويقف على سيبه مؤلفة من 61 عضواً من أصل 120 عضواً من أعضاء الكنيست. حيث اعتقدت بأن أحوال نتانياهو وخشيته من الانتخابات المُبكّرة ستدفعه لتبني القانون فوراً والدفع به للقراءة في الكنيست، لكنها أخطأت حساباتها ووقفت وحيدة، ولم يقف أعضاء حزب الليكود في الكنيست خلفها، وخاصة نتانياهو، الذي امتنع عن دعمها ليس من موقع مناهضة المضمون العنصري لمشروع القانون، بل لحساباته الخاصة، فقد كان بمقدوره تمرير مشروع القانون العنصري والمعادي للديمقراطية لو أراد، لكنه لم يفعل ذلك، فهو لا يريد مشاكل وهزات وخضات جديدة تمسه شخصياً، فهو يُدرك تماماً «أن استناد الحكومة إلى ائتلاف ضيق يستوجب قواعد تصرف جديدة». وأنَّ «تمرير قوانين في الكنيست في فترة غير مستقرة لهذه الدرجة وبأغلبية ليست كبيرة جداً، فيما تتجه الأنظار إلى انتخابات ليست بعيدة، يتطلب عملاً حساساً وسرياً من وراء الكواليس». إذاً، حسابات نتانياهو تختلف كلياً عن حسابات الوزيرة (ميري ريغف) الصغيرة السن نسبياً والمتواضعة في تجربتها السياسية، كما أن شخصيتها السياسية غير محبوبة لدى الكثيرين من القوى والأحزاب «الإسرائيلية» الذين يقولون عنها بأنها «لا تحمل أي أيديولوجية وإنما تولت مناصب متتالية في إسرائيل بسبب تملقها لرؤسائها دائما، فصارت الأيديولوجيا عندها بمثابة كرسي لوجيا». وكانت صحيفة «هآرتس» قد قدّرَت أن مشروع القانون إياه، يؤيده نحو 70 % من الجمهور اليهودي في «إسرائيل»، ومعهم جميع كتل اليمين المُمثلة في الائتلاف الحكومي، وحتى أنَّ أعضاء كنيست من كتل المعارضة، والمقصود كتلتي «المعسكر الصهيوني» و«ييش عتيد»، يؤيدونه لدى التصويت عليه بالقراءة الأولى، كما أن المستشار القضائي للحكومة لا يعترض عليه. وعليه، لقد دلّ فشل الوزيرة (ميري ريغف)، في تمرير مشروع قانون «الولاء بالثقافة»، على حال الائتلاف الحكومي الضيق، في أعقاب استقالة رئيس حزب «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، وما يجري الآن من حديث يتعلق بإمكانية التوجه لانتخابات مبكّرة.
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
11/12/2018
1727