+ A
A -
أشعر بتضخم مخيف «للأنا» في مجتمعنا، لم يعد ظاهرة فردية، بل تشعر معها بعدم الاطمئنان والإيمان بالوطن كمشترك يجب المحافظة عليه، نقيم بناء على أي شيء من أجل تضخيم «الأنا» الفئوية حتى نستطيع التأقلم في مجتمع الأنا المتضخمة، نُحرف في التاريخ، نُغير في الأسماء ونضيف ونحذف ونخفي ونظهر، نؤلف، نؤرخ، نبني أوهاما على أنها تاريخ.. خطورة الأنا المتضخمة أنها غير اتصالية، متوجسة. الأنا المتضخمة مجالها التاريخ لا الواقع ومن هنا الإشكال، لا تعيش الواقع إلا بمقدار ما تجد نفسها فيه أو تختلق تاريخها فيه، عندما يفقد المجتمع الإنتاج يلوذ بالتاريخ كريع يستسقي منه مداده وحكاياته ومروياته. لم يعد الوطن كافيا لأنه لم يترسخ كمفهوم وتجربة وواقع، الأنا المتضخمة تخترق الوطن وربما تعلن امتلاكها له، الإشكالية أنها كظاهرة ليست ثابته وإنما قابلة للزيادة والانتشار بعدد المجاميع المتراكمة والمتزايدة طالما أن كتب الأنساب وشجرات الأصول التي تورق يوما بعد يوم مرجعيات صغرى على حساب مرجعية الوطن، فيتلاشى الوطن أمام الأنا المتضخمة التي تاريخها يمتد مخترقا التاريخ مارا عبر العصور منذ أيام الخيام وبيوت الشعر حتى أيام القصور، فالوطن ليس سوى استثناء، فابحث لنفسك عن مرجعية أقوى منه، تجدها هنا أو هناك في كتب الأنساب أو الطوائف فإن عز عليك الأمر فالمؤلفون كثر، لا أخاف من السير «مروريا» في الاتجاه المعاكس رغم خطورته إلا أن ضحاياه أفراد، بقدر ما أخاف من السير في الاتجاه المعاكس «تاريخيا» لأن ضحاياه أوطان وشعوب.
بقلم : عبدالعزيز محمد الخاطر
copy short url   نسخ
09/06/2016
2374