+ A
A -

دنيانا التي نطل عليها من هذه الشرفة المحدودة المساحة بقدر ما تملؤها الأخطار والصراعات والقتل الملغز وغير المبرر ونذر حروب وفقر مدقع ترزح تحت وطأته شعوب وأصقاع عدة، بقدر ما فيها أيضا عقول خيرة تبحث وتبتكر وتفكر وتخترع وتسدي للإنسانية ما يغير وجوه حياتها، ومن أهم ما يعكف عليه علماء ألمان وإنجليز وأميركيون ومن جنسيات أخرى ان يكون غاز الهيدروجين طاقة المستقبل التي تنطلق بها السيارات والقطارات وربما الطائرات والبوارج وسفن النقل البحري.
برنامج في البي بي سي نقل إلينا ما يعكف عليه حاليا علماء ألمان، يحصلون على الهيدروجين بتحليل المياه تحليلا كهربائيا إلى عنصريه: الهيدروجين والأوكسجين، فيطلق الأوكسجين في الهواء لعلاج ما أعطبته البشرية في البيئة الارضية، ويعبأ الهيدروجين في أسطوانات لتشغيل محركات خاصة. مبدئيا يمكن أن تكون تاليا وقود محركات سيارات أو وسائل نقل أخرى.
كانت المشكلة هي كيفية ابتكار جهاز رخيص التكلفة لتحليل الماء، ويعمل هذا الجهاز بكهرباء تنتجها طاقة الرياح، أي ان العلماء العاكفين على استخدام الهيدروجين كطاقة للمستقبل أقالوا النفط والغاز من عالم الطاقة الذي يسعون إلى استخدامه في مستقبل لا أظنه بعيدا.
شركة سيارات ألمانية أعلنت عن استكمال برنامجها؛ لتصنيع سيارات وقودها الهيدروجين بدلاً من البنزين، شركات أميركية وبريطانية تفعل الشيء ذاته، واذا ما نجحت هذه الشركات فيما هي تبحث فيه وعنه، سيتحول النفط والغاز إلى خامين غير طاقويين، لان الكهرباء التي سوف تستخدم في تحليل الماء إلى عنصريه الأوكسجين والهيدروجين سوف يتم إنتاجها من طاقة متجددة، مثل طاقتي الرياح والشمس، أو حتى شلالات الأنهار وما شابه.
خبراء السياسة الذين يقولون دائما: فتش عن النفط والغاز وراء معظم الازمات والصراعات التي يشهدها العالم سيكفون عن استخدام هذا القول، لان طاقة المستقبل ستكون هيدروجينا، وما اكثر هذا الهيدروجين في دنيانا، فهو موجود في مياه اربعة اخماس مساحة الكرة الارضية المغطاة بمحيطات وخلجان وبحار بأعماق سحيقة أحيانا، وبذلك سوف يتمكن العلماء من وضع نهاية للفزع العالمي بسبب مخاوف نضوب حقول النفط والصراع الدائر حول حقوله واحتياطيه المخزون بجوف الارض.
كما ان العلماء الذين يعكفون على توظيف الهيدروجين كطاقة للمستقبل أقالوا ايضا بأبحاثهم الهيدروجينية ما سبق ان تردد عن السيارات الكهربائية، فسيارات وقطارات الغد ستكون هيدروجينية.
العلماء والباحثون في دول عدة، ومنهم علماء في الدانمرك ودول اسكندنافية اخرى، يعملون على تحويل الهيدروجين إلى طاقة للمستقبل، وبهذا سوف يغير هؤلاء العلماء خرائط السياسة في العالم، وأيضا سيضيفون بعدا جديدا مفاده ان العقل ليس فقط زينة كما كان يقول أسلافنا، ولكن العقل ايضا يغير اقتصاد الإنسانية جمعاء ويأخذ بيدها إلى بر امان، بدل ما يشهده العالم حاليا من صراع اقتصادي حامي الوطيس.
من كل ذلك سيتعين علينا الا نغفل مثل هذه التطورات الطاقوية التي تعكف عليها دول في القارة البيضاء العجوز التي قد تعود إلى الواجهة في صدارة الاقتصاد الدولي بهذه الاختراعات المذهلة.
بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
13/11/2018
2176