+ A
A -
حين تكون هنالك متاعب بائنة في واقع العمل السياسي العام، يتزايد الاحتقان السياسي وتستشعر عدة قوى وأطراف سياسية أن المناخ السياسي لا يعجبها، أو كأنه مفصل على مقاس قوى سياسية بعينها تعتبر نفسها «محتكرة» لتجربة التغيير السياسي!
من هذا المنطلق تظل أقلام كثيرة بمقدورها التحليل وإضافة بعض الملاحظات التي تعين على مغالبة الصعاب، محجمة عن المشاركة متشحة بصمت طويل.
وفي هذا السياق أود مقاربة عدة نقاط متعلقة بقراءة المشهد السياسي العام في الساحة السودانية. وأبدأ في نقطة أولية، بالإشارة عموما إلى أن هنالك دولا استقلت في ذات الفترة مع السودان (منتصف الخمسينيات) وظل واقعها على الصعيد الاقتصادي يشهد تطورات كبيرة ونجاحات مرموقة في شتى المجالات، وهو ما يطرح تساؤلا رئيسيا: هل أدت تقلبات التجارب السياسية عبر الدائرة المعروفة في فضاء السياسة السوداني من بدء حكم للتعددية الحزبية به حريات واسعة سياسيا وإعلاميا، ثم الدخول في تجربة (انقلاب عسكري) تحت أي ذريعة من الذرائع كما حدث ثلاث مرات في تاريخ السودان الحديث بعد رفع علم الاستقلال في أول يناير 1956، ثم مواجهات بين الأحزاب السياسية والقوى التي تريد احتكار السلطة عبر التجارب التي يطلق عليها علماء الاجتماع السياسي اسم «التجارب الشمولية» تفضي إلى انتفاضات أو ثورات شعبية سلمية يحركها الشارع بعفوية وتلقائية وصدق لإنهاء تجارب (حكم الفرد) والعودة إلى خيارات الديمقراطية الليبرالية مثل ما حدث في السودان في أكتوبر 1964 وأبريل 1985، هل أدت تلك التقلبات إلى تعطيل حراك التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة المأمولة؟
وانتقل إلى نقطة ثانية وهي أن واقع العمل السياسي والمسارات المعقدة في الفضاء السياسي السوداني بصفة عامة، اتسمت بتكرار تجارب الحكم وتشابه مراحل التاريخ السياسي في بعض الأحيان على نحو غريب.
ثم ادلف إلى نقطة ثالثة تتمحور حول استشفاف الآمال مجددا في التوقيت السياسي الراهن بإمكانية التلاقي على وفاق حقيقي جديد. إن هنالك ثمة مؤشرات تلفت انتباه المراقب للشأن السوداني السياسي في المرحلة الحالية، ومن ذلك الإعلان في دوائر حزب الأمة، وهو الحزب الذي كان رئيسه السيد الصادق المهدي (وهو في ذات الوقت زعيم طائفة الأنصار الدينية المستندة إلى تجربة الثورة المهدية بإشعاعها الكبير المعروف داخل السودان وخارجه) رئيسا لوزراء التجربة السياسية الليبرالية الماضية، التي وئدت بعد أعوام قليلة من بدئها ( 1985 إلى 1989).. الإعلان عن أن السيد الصادق المهدي سوف يعود إلى السودان في غضون أيام قليلة بمشيئة الله تعالى.. بكل ما يعنيه ذلك من ثقل سياسي واجتماعي تجسده عودة زعيم وطني مرموق تشهد له الأوساط السودانية بالحكمة. كما لابد من القول بأن هنالك عدة إشارات سياسية أخرى تتفاعل في الساحة السياسية السودانية بشكل يومي وكلها تهدف إلى فتح آفاق جديدة لوفاق حقيقي ممكن يحقق كل ما يريده الشعب السوداني على صعيد تجربة العمل السياسي الوطني.
بقلم : جمال عدوي
copy short url   نسخ
11/11/2018
1955