+ A
A -


في الكثير من الأحيان يجد المراقبون أهمية لإجراء مقارنات بين واقع السياسة عبر دول ترسخت فيها تجارب ما يعرف بـ «دولة القانون والديمقراطية» وما يحدث في بعض الدول عبر قارات مختلفة من العام، والتي لا تزال غافلة عن أهمية إعطاء حيوية للسياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة عبر الالتزام بالقيم التي فيها احترام الرأي العام.
قادتني قراءة خبر عن استقالة وزيرين في سويسرا إلى هذه التداعيات عبر كتابة تنحو إلى استكشاف أساليب دول متقدمة في التعامل مع القضايا العامة. ملخص الخبر في يوم الخميس 27 سبتمبر 2018، هو أن وزيرين استقالا.. وتتبعت دقائق الخبر، لأدرك بعدها أن أحد الوزيرين استقال ليتفرغ أكثر لأفراد عائلته.. بينما كانت استقالة الوزيرة الأخرى بسبب رغبتها في ترسيخ ثقافة «إفساح المجال لقوى جديدة».
وأقتطف هنا موجزا من الخبر الذي أعتقد أنه استوقف العديد ممن يطالعون أخبار السياسة عبر العالم..
يقول الخبر: بعد الإعلان بداية الأسبوع عن استقالة وزير الاقتصاد السويسري، أعلنت الوزيرة المسؤولة عن النقل والطاقة استقالتها، منهية بذلك فترة تردد مستمرة منذ 2017.
وكانت دوريس لوثار عميدة الحكومة بعدما أمضت فيها 12 عاما، رغم أنها في الـ55 من العمر، أعلنت العام الماضي أنها ستستقيل قبل نهاية فترة مجلس النواب أواخر 2019.
وقالت هذه الوزيرة التي تحترمها جميع الأحزاب، في رسالة الاستقالة «الوقت حان للإفساح في المجال لقوى جديدة».
وباستقالتها، لم تعد الحكومة السويسرية تضم سوى امرأة واحدة.
ويأتي إعلان استقالة لوثار من الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط) بعد استقالة وزير الاقتصاد يوهان شنايدر- أمان (66 عاما) من الحزب اللليبرالي الراديكالي (يمين) الذي أعلن قراره الثلاثاء على أن يبقى حتى آخر السنة. ويأمل في تمضية مزيد من الوقت مع العائلة).
إن واقعا تترسخ فيه قيم البحث عن المصلحة المجتمعية العامة واحترام الرأي العام عبر الحراك السياسي اليومي، هو واقع يحقق للناس فوائد جمة.
إن مجتعاتنا العربية جدير بها في التوقيت السياسي الراهن أن تخطو بخطوات متقدمة لاقتباس أهمية تلك التجارب ذات الوهج المضيء في واقع السياسة في ما يعرف بـ «العالم المتقدم».
إن السياسة في تطور مفاهيمها ومعاييرها عبر العقود الزمنية الأخيرة صارت تتطلب الإنصات المستمر إلى نبض الشارع والانفتاح المتجدد على آراء عامة الناس عن الحكومات وعن أداء الوزراء والمسؤولين.
بصفة عامة أود القول إن ترسيخ تجارب العمل الديمقراطي في عامنا العربي باتت تتطلب أن يتم الحرص على ترسسيخ الإيجابيات والبعد عن السلبيات.
في إيجابيات العمل السياسي أن يكون هنالك تواضع جم من قبل المسؤول حين يكلف بالاضطلاع بمهام وزارية معينة. فمن المهم أن يجدد المسؤول رقابته لأدائه وأن ينفتح بشكل شفاف على أراء المواطنين عبر مختلف الوسائل وفي مقدمتها وسائل الإعلام الحرة.
إن المفاهيم العامة عن ترسيخ إيجابيات العمل السياسي ترتبط بمنظومة متكاملة في الحقل السياسي.. منظومة يكون فيها موقع دائم لاختبار الأداء لدى الاضطلاع بالمسؤوليات في العمل العام.
يتجدد التطلع إلى أن تكتسب ساحات العمل السياسي في عالمنا العربي مفاهيم إيجابية راسخة في مقدمتها احترام وسائل الإعلام واحترام «اتجاهات الرأي العام» عبر ما يكون بين الفينة والأخرى من استطلاعات متجددة تستكشف مدى ما يتحقق من إنجازات للمصلحة المجتمعية العامة.
بقلم : جمال عدوي
copy short url   نسخ
29/09/2018
2176