+ A
A -
قد يكون اليوم أول أيام شهر رمضان المبارك (أكتب السبت ولا أستطيع التكهن) وسواء كان أم لم يكن، أبارك للجميع قدوم شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، ولا أريد أن أنضم إلى قافلة الذين يكتبون عن رمضان ومعظم ما يقولونه معاد مكرر مئات المرات، وقبل 1400 سنة قال كعب بن زهير:
ما أرانا نقول إلا رجيعاً ومعاداً من قولنا مكرورا
ويوم أمس حلت الذكرى 49 لهزيمة العرب الفضيحة في 1967 وتفتق ذهن عباقرة التضليل عن تسميتها «نكسة» ولم نتخلص من آثارها حتى اليوم، على الرغم من أننا خضنا ما يشبه الحرب عام 1973، وعلى الرغم من أننا قدمنا لإسرائيل إغراء تطبيع العلاقات معها ومسامحتها بكل ما استولت عليه بعد قرار التقسيم الذي رفضناه ولا نجرؤ الآن حتى على أن نحلم به.
لكنني أريد العودة أربعة أيام إلى الوراء لأتحدث عن الذكرى المئوية لما سمي الثورة العربية الكبرى، ففي الثاني من يونيو 1916 أطلق الشريف حسين شريف مكة طلقة كانت الإعلان عن قيام الثورة التي عمت مدن الحجاز أولاً، ثم امتدت لتشمل الشام (لم تكن سوريا قد قسمت إلى أربع دول) والعراق.
استغل الغرب أخطاء العثمانيين، وحرض العرب على القيام بثورة عليهم، ودغدغ أحلام الشريف حسين بإقامة دولة واحدة أو مجموعة من الدول المتحدة، من تركيا حتى اليمن.
قامت الثورة، وهزمت تركيا، لكن البريطانيين والفرنسيين كانوا قد اتفقوا على تقاسم تركة الرجل المريض فيما عرف بعد ذلك باتفاقية سايكس بيكو لتقاسم المستعمرات.
أما مصر فكانت منذ عام 1882 تحت الوصاية البريطانية، وأما الخليج فلم تكن له تلك الأهمية إلا للحفاظ على حرية الملاحة إلى الهند وباقي المستعمرات، وأما نجد والحجاز فقد تنازع عليهما الشريف حسين مع ابن سعود، وكانت الغلبة في النهاية لابن سعود، ولم تكن بريطانيا مهتمة كثيراً بالمنطقة جنوب سوريا الطبيعية، إذ لم يكن البترول قد اكتشف في هذه المنطقة، ولم يكن فيها ما يغري، وكانت النتيجة وقوع سوريا ولبنان تحت الاستعمار الفرنسي باسم مخفف «الانتداب» وهو الوصاية على الشعوب التي لم تكن مؤهلة لحكم نفسها، وخلعت فرنسا الملك فيصل الذي اختاره السوريون ملكاً عليهم فنقلته بريطانيا ملكاً على العراق، وقسمت سوريا الكبرى واخترعت «إمارة شرقي الأردن» ونصبت عليها الأمير عبد الله أخ الملك فيصل، وكان مصير فلسطين قد تقرر بوعد بلفور.
مشكلتنا أننا لا نتعلم من تجاربنا، وما زلنا نصدق وعودهم ونتكل عليهم، ونحن نعرف أنهم غير مهتمين بتحررنا أو استقلالنا أو تقدمنا، و«ما حك جلدك مثل ظفرك».

بقلم : نزار عابدين
copy short url   نسخ
06/06/2016
1489