+ A
A -
يختلط على كثير من الناس أهمية الدراسات العليا ومفهومها وتحديدا درجة الدكتوراة وأهميتها البحثية بما تقدمه من بحث يضاف كمرجع للمكتبات العلمية والأكاديمية بما يضيفه كمقرر جامعي للطلبة، ويعد مرجعا مهما في الموضوع البحثي سواء تخصصا علميا أو دراسات أدبية واجتماعية وإنسانية أو دراسات اقتصادية وغيرها من تخصصات، وبين من جعل جل اهتمامهم وهدفهم الالتحاق ببرنامج الدكتوراة للحصول على حرف يسبق أسماءهم كواجهة اجتماعية.. بحرف (د) الدال أو بعضهم يحرص على الحصول على درجة الأستاذية ليلقب بالأستاذ الدكتور (البروفسور) وهو الهدف الأساسي من التحاقهم بالدراسات العليا دون هدف وغاية ورسالة علمية أسمى من خلال تقديم بحث مهم واستمرار القراءة والبحث، فطلب العلم لا يتوقف بمنصب ولا ينتهي بعمر، ومن خلال أبحاث تفتح مجالات وإسهامات لاستكماله البحث في المواضع العلمية لباحثين وطلبة يهمهم في المقام الأول البحث العلمي والمعرفة والإضافة الحقيقة للعلم والمجال والمكتبات والجامعات.
من تعب واجتهد وتغرب وسعى لاستكمال دراسته سواء كان مبتعثا على نفقة الدولة أو نفقته الخاصة، ونال شهادة الدكتوراة بضمير يسكنه ويغلفه الإخلاص، ويجتمع معه السهر والتعب والغربة والمعاناة النفسية التي تُنسى وتتلاشى كل تلك المعاناة مع مناقشة رسالته التي بحث فيها بجهده وسهره ووقته وعمره، وبإشراف أستاذ يتعامل برقي وضمير معلم وأخلاق الأنبياء والرسل كونه معلما.. يقدم خبرته ومساعدته للطالب انطلاقا من شرف مهنة الأستاذ وطلب العلم ليحصل على درجة الدكتوراة باستحقاق وشرف، ولا يكون ذلك الاستاذ المشرف ممن يسهل لطلبته الحصول على الحرف (د) قبل البحث والتعب تتداخل فيه مصالح مادية ودنيوية لتسهيل حصول طلبته على الدرجة دون استحقاق! وهو لا يفقه ألف باء أصول ومنهجية البحث العلمي!
كم من حملة الدكتوراة لم تضف لهم هذه الشهادة الأكاديمية العليا والراقية شيئا على مستوى المفردات وأسلوب الحوار ولغة الكلام، وحتى على مستوى لغة الجسد! يفتقدون لغة الحوار ولا يفقهون معنى تقبل الاختلاف! تكتشف إنهم بين ليل وضحاها وشهور لم تتعدى سنة وسنوات يحملون لقب دكتور! وإن طلبت منهم كتابه ورقة بحثية من صفحة أو تقديم معلومة عن رسالتهم تجدهم أفقر الفقراء بالأسلوب وتدني لغة الحوار التي معها تأسف على هذه الدرجة العلمية التي أصبحت رخيصة بسهولة شرائها والتغني والتغريد بها!!!
أن تكون باحثا حقيقيا في المقام الأول موهبة يهبها الله لمن يشاء من عباده، أن تكون متفوقا وتسعى لتنمية مهاراتك البحثية في دراسة الماجستير أو الدكتوراة فهي رغبة وطموح يسكن كثيرا من النفوس والأرواح الجادة والعقول الباحثة والتي للأسف تصطدم بعشوائية الاختيار! بمنح الفرصة بمزاجية لا بمنطقية! أو بمعايير ومتطلبات تكون عقبة لابن الوطن الجاد في جامعات وطنية ومحلية جعلت هدف تحقيق المعايير الدولية للاعتراف بها هدفا قبل تحقيق أهمية وهدف وجودة المخرجات.
أن تكون باحثا حقيقيا يعني إنك وصلت لدرجة الأستاذ والدكتور والمعلم والمرشد معنى أن تكون إنسانا راقيا بكل مفردات الرقي والتعامل والتعاطي مع الظروف..
نعم هناك من تغربوا وابتعدوا عن أرض الوطن طلبا للعلم وسعيا للإسهام في البحث العلمي، ويتفوقون وينالون شهادة الماجستير والدكتوراة ويعودون ليكون نصيبهم التهميش أو فائضا على قوة العمل! وهم يملكون الخبرة والمعرفة والقدرة على الإضافة والبحث لكن يواجهون العقبات والعثرات والحسد مِمَّن هم أقل خبرة وعلم.. ليكونوا فائضا في وطن يحتاج الخبرات والقدرات والإسهامات في وقت وظروف تحتاج الجميع.
كم من خبراء وحملة شهادات يتم استعارتهم وتعيينهم من الخارج في وظائف ومؤسسات حساسة هل هم أولى بالمكان والمنصب؟ حتى إنهم يتعدون سن التقاعد بسنوات إلا إنهم متمسكون بمناصبهم وامتيازاتهم، وفي الجهة المقابلة ابن البلد يرفض لابن بلده التميز والتواجد العملي.. حسدا واستحواذا على المنصب والمكان وكأنه إرث ورثه عن والده وأجداده!
آخر جرة قلم: الدول تُبنى بسواعد أبنائها، إن تغرب ابن الوطن سيعود بشوق وحب ليخدم وطنه، ولن يبقى في غربته طويلا وسعيدا.. سواء كانت غربته دراسة أو مهمة أو أي ظرف هناك؛ كل يعود لوطنه.. منتظرا المكان الذي يخدم وطنه ويسهم فيه بخبرته وشهادته، فـلنلتفت ونعتني بابن البلد ونمنحه ثقة فهو الباقي في كل الظروف والأحوال.. ونستفيد من كل الخبرات فالوطن يبقى ويقوم ويستمر بالمخلصين وهم كثر فقط يحتاجون من يكون له ضمير وطني ويلتفت لهم..
TW:@SALWAALMULLA

بقلم : سلوى الملا
copy short url   نسخ
09/08/2018
3553