+ A
A -
- 1 -
مشهدٌ صغيرٌ أو تصرّفٌ عفويٌّ غير محسوب، يُمكنه رفع قدر ومكانة زعيم، وزيادة شعبيَّته، أو العكس، بخفض الشعبيَّة وجلب الكراهية له. صورةٌ عابرةٌ ومشهدٌ عفويٌّ وحركةٌ صغيرة، بإمكانها رسم صورة ذهنية للقائد أو المسؤول الرفيع. دونالد ترامب الرئيس الأميركي، أكثر الخاسرين من هذه الثورة الجديدة؛ فهو رئيسٌ كثيرُ الهفوات، تتبعه الكاميرات، ترصد حركاته الخرقاء وتصرفاته الغريبة، وسقطاته التعبيريَّة الشاذَّة عن الذَّوق السليم.
- 2 -
ما فعله حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، في نهائي كأس العالم في المقصورة الرئيسية، مثَّل درساً عالميَّاً للزعماء والرؤساء.. تصرُّفٌ لم يتجاوز الثواني، أضاف إليه الكثير لدى رُوَّاد مواقع التواصل الاجتماعي، ومُشاهدي الفضائيات على مستوى العالم.
تصرُّف أمير دولة قطرمع سيدة فرنسا الأولى بريجيت، كان له وقعٌ خاصٌّ لدى الشعب الفرنسي؛ فهو شعب في غالبه مرهف وحسَّاس، يلتقط بذكاء مثل هذه اللمحات الخاطفة، التي تدلُّ على الذوق وحسن الخلق.
الصحافة الفرنسيَّة سلَّطت الضوء على تصرُّف أمير دولة قطر، ووصفته بـ «النبيل» تجاه سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون، زوجة الرئيس الفرنسي.
وكان أمير دولة قطر، تخلَّى عن مقعده في الصفِّ الأول بالمقصورة الرئاسية في ملعب لوجنيكي، من أجل زوجة الرئيس الفرنسي لتجلس إلى جواره.
وكان أمير دولة قطر، يجلس بجانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وجياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا».
- 3 -
العالم اليوم، لم يعد كما كان في السابق.. تغيَّرت بفعل ثورتي المعلومات والاتصالات كثيرٌ من القيم والأعراف المُرتبطة بمفهوم ورمزيات هيبة السلطة وجلال المناصب العليا.
في السابق، كانت البروتوكولات والمراسم ومظاهر الفخامة جزءا مُقدَّسا من هيبة السلطة ورمزها.
حتى حينما يُحاول بعض الزعماء والرؤساء التبسُّط والتواضع مع العامَّة، تخرج تصرفاتهم بصورة مصطنعة ومُفتعلة لا تحظى إلا بالابتسامات الصفراء.
في زمن ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هنالك حساسيَّة عالية وعناية فائقة بالتفاصيل الصغيرة التي ترسم الصورة الكلية.
- 4 -
رئيسة كرواتيا كوليندا غرابار كيتاروفيتش، حازت على نجومية المونديال ببساطتها ودفء مشاعرها، وابتسامتها العفويَّة البسيطة المُباشرة.
كوليندا نشرت على حسابها في فيسبوك، فيديوهات تُظهرها في غرفة تغيير ملابس اللاعبين، وهي ترقص فرحةً بعد الفوز الذي تحقَّق على المُنتخب الروسي بركلات الترجيح، وحينما هزمتهم فرنسا بكَتْ معهم، ومسحت دموعهم بأناملها الرَّقيقة.
- 5 -
قبل فترة فوجئ رُكَّاب طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية المُتَّجهة من القاهرة إلى أديس أبابا، بأنَّ رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد الدكتور آبي أحمد يجلس معهم على متن نفس الطائرة بالدرجة الاقتصادية، وهو عائدٌ إلى بلاده بعد إكمال زيارته الرسمية إلى مصر.
في بريطانيا ظلَّ ديفيد كاميرون رئيس الوزراء، يستقل مترو الأنفاق في حركته من المنزل إلى المكتب.
وفي روسيا حرص وزير الخارجية سيرغي لافروف، على استقبال نظيره الأميركي جون كيري، بسيارة روسية قديمة، أُنتجت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م.
جويس «باندا» رئيسة مالاوي أول امرأة تتولى شؤون البلاد، كانت دولتها تعتمد بشكل أساسي على المعونات الخارجية، حاولت القضاء على الفساد، مما أكسبها قلوب وعقول سكان مالاوي، خفضت راتبها الشهري بنسبة 30%.
عَرَضَتْ «باندا» طائرة الرئاسة للبيع، والتي كان ثمنها يقدر بنحو 13 مليون دولار، ثم 60 سيارة رئاسية بِيعت لإطعام أكثر من مليون شخص يُعانون نقصاً مُزمناً في الغذاء.
-أخيراً-
ما يراه البعض هيِّناً وصغيراً في حسابات الزمان والمكان، هو الآن في ميزان شعوب وسائل التواصل الاجتماعي عظيم، يرفع القدر والشأن ويزيد الشعبيَّة، وقد يصنعها كذلك.. صُور الزعماء تُكملها التفاصيل الصغيرة.
بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
29/07/2018
1783