+ A
A -
جمهورية الصين الشعبية، تُقر بأن أيِ خلافٍ تجاري بينها وبين الولايات المتحدة سينطوي بالتأكيد على الكثير من المخاطر والمتاعب التي لا تتوقف للطرفين معاً، خصوصاً وأن الاقتصاد الصيني أظهَرَ مؤشرات تباطؤ في النشاط طاول النمو والاستثمار والإنتاج الصناعي، لكن بكين الحذرة في سياساتها الخارجية، والاقتصادية والتجارية على وجه الخصوص، تستطيع أن تَرُدُ الصاع صاعين، ولن تكون ضحية الحرب الاقتصادية والتجارية التي باتت مُعلنة ضدها من طرف الولايات المتحدة الأميركية منذ وقتٍ ليس بالقصير. هذا هو فحوى ما أعلنته وزارة التجارة الخارجية الصينية مؤخراً، في ردها على تهديدات واشنطن بفرض رسومٍ جمركيةٍ مرتفعةِ الأثمان على مجموعةٍ جديدةٍ من البضائع والسلع الصينية المُصدرة إلى الولايات المتحدة.
واشنطن، كانت نشرت قائمة جديدة للبضائع المستوردة من الصين بقيمة إجمالية تبلغ نحو 200 مليار دولار، وهو رقم كبير بكل المقاييس، والتي ستَفرِضُ عليها رسوماً جمركية بنسبة 10%.. وستمس الرسوم الأميركية الجديدة حال فرضها، ألف صنف من الصادرات الصينية وبينها، المواد الغذائية والتبغ والمنتجات الكيميائية والفحم والفولاذ والألمنيوم وإطارات السيارات والأثاث والمنتجات الخشبية.
الرد الصيني على الإجراء الأميركي حال وقوعه، أمرٌ مُمكن، وبسهولةٍ، ويُسر، ودون تكلفةٍ باهظةٍ بالرغم من متاعبه المتوقعة، فجمهورية الصين الشعبية تمتلك أكبر احتياطي نقدي من العملات الصعبة في العالم بما فيها الدولار الأميركي، وتستطيع إدارة تجارتها الخارجية مع نحو ثلثي الكرة الأرضية، دون مضارباتٍ جديةٍ من طرفِ واشنطن، وحتى من طرفِ أيٍ من الدول الصناعية الكبرى في العالم، بالرغم مما قد يَلحَقُ بتجارتها من أضرار. فالرسوم الأميركية الجديدة التي تتحدث عنها واشنطن على البضائع الصينية، ستعود بالضرر على الصين الشعبية، ولكن ضررها سيصيب الولايات المتحدة أيضاً ومجمل التجارة العالمية.
إن الحلول المتوازنة لقضايا التجارة الدولية، تفترض من المجتمع الدولي إتخاذ إجراءات مشتركة للدفاع عن قواعد التجارة الحرة وحماية منظومة التجارة المتعددة الأطراف، والتصدي للهيمنة في مجال التجارة، والشروع في إصلاح منظمة التجارة العالمية، وتعزيز دورها كمنظمة وكمؤسسة، وضمان شروط تنافس عادلة، فليس المطلوب هدم وتحطيم النظام التجاري العالمي الحالي بضربةٍ واحدى، بل المطلوب تطويره وتحسينه، وإحقاق العدالة، وتجنب خوض حروب تجارية لطالما أدت إلى نزاعات مفتوحة لاتتوقف على امتداد المعمورة. العالم ليس بحاجة لفوضى الحرب التجارية التي يعتقد الكثيرين بأن واشنطن تسير على خطاها في عهد الرئيس دونالد ترامب، والتي تنوي إطلاقها ليس باتجاه بكين فقط، بل حتى على حلفائها الأوروبيين،

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
24/07/2018
2007