+ A
A -
مصطلح غير دقيق، شاع في الآونة الأخيرة، ويطلق على الجماعات والتيارات والأفكار التي تستمد مرجعيتها الفكرية والسياسية من فهم خاص للدين الإسلامي وتسعى في الوقت نفسه للوصول إلى الدولة واستخدامها كأداة لإقامة المجتمع الذي يتصورون أنه يتسق مع ما يرونه متطابقا مع "الشريعة الإسلامية". لا أعارض شخصيا قيام أي مجموعة من المواطنين بتشكيل حزب أو جماعة تستند رؤاها وبرامجها السياسية إلى "مرجعية إسلامية"، شريطة: 1 - أن يكونوا واعين بأنهم حين يمارسون نشاطا يستهدف الوصول إلى السلطة فإنهم يمارسون نشاطا سياسيا وليس دينيا، وبالتالي فإن ما يقولونه ويكتبونه ويطرحونه كأفكار وبرامج في هذا السياق هي من قبيل الاجتهادات السياسية وليس الدينية. 2 - أن يكونوا مدركين لحقيقة أن الدين الإسلامي اكتمل بتمام نزول القرآن، تصديقا لقوله سبحانه وتعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا". معنى ذلك أن كلام الله هو وحده المصون والمعبر عن "صحيح الدين" لأن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظه وحمايته من أي انحراف أو تشويه. ولأن محمد صلى الله عليه وسلم بشر اختاره الله لتبليغ رسالة الإسلام، فمن الطبيعي أن تعد أحاديثه وتصرفاته شارحة للإسلام ومفسرة له. لكن ينبغي هنا أن نميز بين أقوال وأفعال الرسول وما نقل عن هذه الأقوال والأفعال والتي لا تكون دقيقة بالضرورة. فما تضمنته كتب الفقه منها منقول عن بشر غير معصومين ولم يتم تدوينه كتابة إلا بعد سنوات طويلة من وفاة الرسول، وبالتالي فالخطأ غير المقصود وكذلك الدس المغرض والخبيث أمور واردة. 3 - كل تفسير للقرآن أو للأحاديث النبوية الشريفة اجتهاد بشري يحتمل الصواب والخطأ، وبالتالي فمن حق كل مسلم أن يأخذ بالتفسير الذي يقتنع به، أي يراه أقرب إلى قلبه وعقله ويتماشى مع الغايات والمقاصد العليا للدين الإسلامي التي تدور دائما حول مصلحة الفرد والجماعة وتستهدف الارتقاء بها إلى أعلى المراتب الإنسانية الممكنة. 4 - الإسلام دين واحد لا يعرف الطائفية أو الحزبية. فلم يكن هناك في زمن الرسول شيعة وسنة أو غيرهما من الطوائف التي يعج بها العالم الإسلامي الآن، والتي هي بالقطع نتاج صراع سياسي وقبلي جرى فيه توظيف الدين. لذا تعد الاختلافات القائمة بين هذه الطوائف اختلافات سياسية لا علاقة لها بالدين في شيء حتى ولو كانت خلافات حول قضايا دينية. لذلك فإن التهم المتبادلة بين الشيعة والسنة والتي تؤدي احيانا إلى قيام بعض هؤلاء أو أولئك بتكفير الفريق الآخر، هي انعكاس لصراع سياسي ومن ينبغي التعامل معه في هذا السياق وحده وليس في أي سياق آخر. 5 - من الخطأ اختزال الشريعة الإسلامية في فقه "الحدود"، وبالتالي ينبغي أن ندرك أن للشريعة الإسلامية بعدين رئيسيين لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، بعد يتعلق بالمقاصد الكلية للشريعة، وهي ضرورية تماما لفهم البعد الآخر المتعلق بتطبيق الحدود ولا يمكن فهمها إلا في إطار الفهم المتعمق لأسباب النزول. ومن المعروف ان بعض الخلفاء الراشدين أوقفوا تطبيق بعض الحدود التي نزل بشأنها نصوص صريحة لا خلاف على تفسيرها، وذلك لأسباب تتعلق باختلاف الظروف وعادات المجتمعات وتقاليدها بعد اتساع الممالك الإسلامية، وفي إطار الاتساق مع المقاصد والغايات الكلية للشريعة. 6 - لا يوجد نظام سياسي محدد في الإسلام، وأهم دليل على ذلك أن القرآن الكريم لم ينص على طريقة محددة لاختيار "خليفة" رسول الله في إدارة الدولة، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن كل من اعتبر نفسه كذلك أنه خلفه فقط في إدارة الدولة، وليس في النبوة أو في التكليف بنشر وتبليغ الرسالة وهي أمور خص الله بها نبيه محمد ولا يملك أحدا كائنا من كان أن يدعيها لنفسه. من هنا الاختلاف حول طريقة انتقال السلطة بين الأنصار والمهاجرين أولا، ثم اختلاف فهم كل خليفة راشد لما ينبغي أن يقوم به في هذا السياق. وقد تحولت "الخلافة" في تاريخ المسلمين من "بيعة" إلى "ملك عضود"، أو بالمصطلحات المعاصرة من "النظام الجمهوري" إلى "النظام الملكي"

بقلم: د. حسن نافعة
copy short url   نسخ
05/07/2018
2402