+ A
A -

ما هي الرؤية الاستراتيجية لإدارة أوباما، تجاه الشرق الأوسط في إطار الاستراتيجية الأميركية العالمية GRAND STRATEGY الممتدة إلى آسيا من ناحية، وأوروبا من الناحية الأخرى؟.
وكان أوباما قد شرح أولوية آسيا باستخدام تعبير محورية آسيا PIVOT ASIA، وذلك منذ اتجه إلى التركيز على ترسيخ ودعم التواجد الاستراتيجى الأميركى في آسيا استكمالا لما كانت قد صرحت به هيلارى كلينتون أثناء توليها وزارة الخارجية، من أن هذه المنطقة من العالم – تقصد آسيا ستكون قاطرة السياسات العالمية في السنوات القادمة، في إشارة إلى الصين، وبقية الدول الصاعدة هناك.
وبالنسبة للشرق الأوسط. كان هناك محللون اعتبروا انتقادات أوباما – في حواره مع مجلة أتلانتيك – لدول حليفة في المنطقة، مؤشراً على هذه التوجهات، وأيضا ما وصفت به صحف غربية – منها الفاينانشال تايمز – اتفاقه مع إيران، بأنه جزء من سياسته، لتعديل الأولويات الاستراتيجية، وأن أوباما أراد خلق توازن للقوى في المنطقة بين إيران، والدول العربية، غافلا بذلك عن تمدد النفوذ الإيراني في دول خارج حدودها، مثل العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن.
كما وصفت صحف غربية اتفاقه مع إيران بأنه يمثل تحولا في سياسة توازن القوى في المنطقة. ومن الذين حللوا هذا التحول، ماكس بوت، وهو من أبرز المؤرخين العسكريين، ومحللي السياسة الخارجية، في مقال نشر بصحيفة وول ستريت جورنال، وقال أن إدارة أوباما تلتزم الصمت بدرجة كبيرة، تجاه فرض إيران قبضتها في عدة دول عربية.
كما أن واحدا من الخبراء المتخصصين في الشرق الأوسط، وهو ديفيد أرون ميللر الذي كان مساعدا للشرق الأوسط، لأكثر من رئيس أميركي، قال ان اتفاق أوباما مع إيران، يعطى أولوية قصوى للعلاقات الأميركية الإيرانية.
وطبقا لما ذكره نيكولاس بيرنز السفير الأميركي السابق في حلف الأطلنطي، فإن أوباما كان صديقا لأوروبا في نواح كثيرة، لكن لا جدال في أن لغته عن محورية آسيا، قد أعطت انطباعاً بأنه لا يركز على أوروبا بصورة كاملة.
ومن المعروف أن أوروبا كانت ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، خط الدفاع الأمامي، عن العالم الغربي، وتحالف جانبي الأطلنطي، وهي قلب الاستراتيجية الأميركية العالمية.
بالرغم من ذلك، فإن ما تتجه إليه الولايات المتحدة، فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وأوروبا، ليس إنهاء للتواجد، لكنه للتخفيف من أعبائه المباشرة عليها، بإلقاء العبء الأكبر على دول المنطقتين، طبقا للمبدأ الذي استنه أوباما في بداية حكمه، والذي قال عنه بالنص أن أميركا لم تعد تستطيع أن تواجه وحدها التحديات العالمية، أو أن تحل منفردة المشكلات الإقليمية، لكنها تحتاج شركاء يتعاونون معها.
وفى نفس الوقت لا تزال لها في كليهما، مصالح استراتيجية. ففي الشرق الأوسط يظل البترول وإسرائيل، مصلحتين استراتيجيتين، فضلا عن المصالح التجارية والاقتصادية الهائلة.
وفى أوروبا مازالت القارة تمثل خطا أماميا في مواجهة تصاعد قوة روسيا عالمياً، وكذلك ترتيبات أميركا لتقوية دول في أوروبا الشرقية، ودول الجوار الجغرافي مع روسيا، والتي تعمل أميركا على دعم أنظمتها المؤيدة للغرب. من ثم يصبح حيويا عدم التفريط تماما في الحليف الأوروبي.

عاطف الغمري
copy short url   نسخ
03/06/2016
2634