+ A
A -
أوراق الطابو، أوراق الملكية الخاصة بالأراضي والعقارات، والتي كانت تُسمى في فلسطين بــ (الكوشان)، وهي كلمة مورثة من العهد العثماني، ذَهَبَت بدورها ضحية من ضحايا كارثة مخيم اليرموك الأخيرة وغير المسبوقة في تاريخ الدياسبورا والشتات الفلسطيني.
(الكوشان) وثيقة رسمية صادرة عن حكومة فلسطين قبل النكبة، وشاهد إثبات قانوني، وقطعي، على الملكية الخاصة للأرض والعقارات، له أهمية شخصية، ووطنية عالية في الوعي الجمعي الوطني للشعب العربي الفلسطيني، خاصة منه للاجئي الشتات. فالفلسطينيون يتوارثون الوجع و«كوشان» الأرض ومفتاح الدار في فلسطين والشتات.
حقيبة كاملة خاصة بالأوراق، من أوراقٍ رسمية، وبنسخها الأصلية، ضمت بين ثناياها، عشرات الوثائق من أوراق الكوشان، وغيرها في فلسطين قبل النكبة، تلك الحقيبة تطايرت ووجدت مُستقرها بين أكوام الركام والدمار في حارةٍ من حاراتِ وأزقةِ مخيم اليرموك. وبالقرب منها ايضاً وجدت وثائق متناثرة تضم كواشين الأرض لعائلاتٍ غيرها من عائلات مخيم اليرموك.
الوثائق، والكواشين قبل النكبة، تعود لعائلة فلسطينية، من مواطني مخيم اليرموك، من عائلة من قرية (الصرفند) قضاء مدينة حيفا. ولعائلة من قرية (كفر لام) قضاء حيفا أيضاً. ولعائلة من بلدة (قيسارية) قضاء حيفا أيضاً. تلك الوثائق مودعة بيدٍ أمينة لحين استلامها من قبلِ أصحابها.
ومن بين الأوراق الموجودة أيضاً، وصولات رسمية لدفع الضرائب لبلدية حيفا، عن دارٍ في المدينة لإحدى العائلات الفلسطينية اللاجئة في مخيم اليرموك. كما ومن بين الأوراق الرسمية وثائق رسمية وملكية أراضي زمن العهد العثماني أيضاً. كما من بينها وثيقة رسمية بتأجير بستان عنب لمواطن فلسطيني من بلدة قيسارية قضاء حيفا لمواطن فلسطيني أخر من عنبتا قضاء طولكرم في لواء نابلس.
الحاجة فاطمة قالتها للجميع، وبالصوت العالي، لمن دخل ينهب مخيم اليرموك بعد دماره: اسكن مخيم اليرموك حارة بئر السبع، وأنا من مواليد صفد عام 1922، اتركوا لي مفتاح بيتي في صفد، وأوراق الكوشان والطابو وخذوا كل شيء...
تاريخ حي لا يموت، ولن يُدفَنَ تحت الركام، مهما تعاظم البلاء، وتتالت النكبات. تاريخ حي حافظ عليه أجدادنا وأبائنا، عندما خرجوا بغالبيتهم، مُجبرين، مُكرهين، لاجئين، من فلسطين عام النكبة. تلك الأوراق ورثناها ونُسلمها لأبنائنا وأحفادنا. تاريخ حي، نُحافظ عليه، ليس كأوراق فقط، لها أهميتها التاريخية، والقانونية القطعية، بل كعهد، ووعد، وقسم... فهناك «شيءٌ واحدٌ لن يموتَ أبدًا: فلسطين».

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
13/06/2018
3231