+ A
A -
كثيرا ما كنا نرى في المسلسلات أن التغيير قد يأتي في لحظة فاصلة بعد عمر كامل من الشرور نتيجة حادثة مفاجئة، أو فقد قريب، وما إلى ذلك.. ولشدة ما تكرر هذا السيناريو كنا نظنه الحقيقة. حتى فهمنا أن أغلب هذه السيناريوهات السينمائية، والتليفزيونية لا تحمل الحقيقة بقدر ما تحمل رسائل متضمنة لما يراد منا أن نصدقه، أو أن يتقبله وعينا لأسباب قد تكون تخريبية أحيانا.
خلال هذه الأعوام ومع توالي سقوط الكثير من الأقنعة، والشخصيات، وانكشاف المزيد من الحقائق الصادمة رأينا مرارا كيف أن التغيير لا يأتي غالبا مع لحظة فاصلة بل يأتي بالتدريج بعد حدث كبير، أو أحداث متتابعة ربما يكون سريعا، وقد يأتي متباطئاً كي يكنس في طريقه حطام الماضي، وجذور الفساد. لكنه في النهاية يأتي حتى لو جبن الناس عنه، أو ضعفوا خاصة مع تراكم المظالم التي تبدو أحيانا كالمستحيل الذي لا يتقبله العقل، والمنطق إذ كيف لرجل واحد أن يحمل ومن يعاونونه كل هذا الظلم على عاتقهم، وكل هذا الشر في ذواتهم. في هذا الوقت مثلا أقف عاجزة عن الاستيعاب ونحن نشاهد ما يحدث في اليمن من دمار، وما يتسرب لنا من قصص التعذيب الوحشي في سجون الإمارات هناك، تفاصيل مريعة لا تختلف عن سجون الطاغية بشار، ولا في ما حدث في سجن أبو غريب حيث يقف الضمير الإنساني عاجزا أمام سادية، وجرم المسؤولين عن كل ما يحدث.
حالياً نقف متفرجين بلا حيلة أمام منظر الانهيار التدريجي لدول كبيرة كانت شقيقة، الانهيار الذي سيأتي بالتغيير لدول عميقة في الشر، والتآمر الطويل على الأمة من داخلها. انها تأكل ذاتها حيث تحول الشعب، والبلد بمقدراته إلى ملكية ذاتية تعصف بها المظالم، ورغبات قلة جعلوا منها بقرة حلوب حتى آخر قطرة. أعجبني قول أحدهم لله عز وجل جنود لا نعرفها وقد تكون حماقة أحدهم جندا من هذه الجنود. المنظر يبدو مأساوي وفيه الكثير من التفاصيل المزعجة لكن ذلك أشبه بمراحل علاج عضو مريض متقيح، قبل شفائه، أو قبل بتره. أي قبل التغيير.
وأياً كانت النهاية بالعلاج أو البتر فإن الثابت أن الأمة باتت حاجتها للتغيير ملحة، والكثير من قضايا المسلمين، ومآسيهم أصبحت بمقياس هذا العصر تحتاج إلى دول إسلامية كبرى مخلصة تدير قضاياهم من المشرق، إلى المغرب. وتدافع عن حقوقهم بل ووجودهم في زمن أصبح فيه دم المسلم أرخص من السراب.
المؤلم أننا نراقب بصمت تآكل وانهيار دول شقيقة.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
29/05/2018
2109