+ A
A -
تعرف كلمة (غنيمة) في الاصطلاح الدولي بالممتلكات التجارية التي يستولى عليها في البحر أثناء الحروب البحرية، وتؤخذ حصرا من سفن العدو كتعويض المنتصر عن خسارته بالحرب، وتعرف الشريعة الإسلامية الغنيمة بأنها «ما يؤخذ من مال حربي عنوة وقهرا عن طريق القتال مما هو واجب الاقتسام بين المقاتلين»، ونظمت التوراة مسألة الغنائم بحيث تكون هناك حصة للرب، وتسع حصص للمقاتل مقابل حصة واحدة للمدني. وعبر التاريخ البشري في كل الحروب التي حدثت بين الشعوب والدول والقبائل، كانت الغنيمة أحد بنود الحرب، كما كانت سببا رئيسا للغزوات عند القبائل، إذ يبدو وكأن المنتصر في الحرب لا يكتفي بانتصاره، بل يسعى إلى إذلال عدوه بكل الطرق الممكنة. لهذا، أيضا فإن الحرب والموت المرافق لها ونشوة الانتصار كفيلة بالقضاء على أي قيمة أخلاقية يتحلى بها البشر، فالغنائم، مهما كانت التبريرات ليست سوى سرقة شرعتها القوانين، وبالتالي منحت المنتصر حقا إضافيا، حتى ليبدو أن جميع القوانين سواء الوضعية أو المنزلة تعطي للقوي ما لا تعطيه للضعيف.
تأخذ الغنائم في الحروب، بين الدول المتعادية، أو القبائل المتناحرة، أو تأخذها الجيوش الغازية حين تغزو بلادا غريبة، التاريخ البشري ممتلئ بالحديث عن غنائم الحروب، إذ لا تكاد توجد حرب بلا غنائم، من كل الأنواع بدءا بالمال والذهب، مرورا بوضع اليد على الأراضي وأغلالها بوصفها حقا للمنتصر، وليس انتهاء بالسبايا من النساء اللواتي كن يصبحن جواري لدى المنتصرين.
يقال إن هولاكو كان يحتل مدنا يدخلها لمدة ثلاثة ايام لينهب جنوده ما يمكنهم نهبه منها.
على أن ما يحدث في الحرب السورية شيء مختلف تماما، لهذا لم يسمه أحد بالغنائم، بل تم إطلاق اسم محلي جدا عليه (تعفيش)، والتعفيش كلمة بين الفصحى والعامية مأخوذة من مفردة (العفش) أي فرش البيت أو أثاثه، ومفردة تعفيش تعني سرقة أثاث البيت كاملا وأخذه من قبل المعفش، ما يحدث في سوريا لا يمكن وضعه، ولا تحت أي ظرف، ضمن قوانين غنائم الحروب، فالذين تتعفش منازلهم هم السوريون، ومن يمارس فعل التعفيش هو الجيش السوري، الذي يفترض به حماية الوطن والبلد وأهل البلد، منذ أكثر من ست سنوات بدأت ظاهرة التعفيش بالانتشار، ما أن يدخل الجيش السوري منطقة حتى يعقها عن بكرة ابيها بعد اقتحامها وتهجير سكانها، حتى صارت هناك اسواق سميت (أسواق السنة) في كل المدن التي بقيت تحت سيطرة الأسد، يمكن لقاصدها أن يرى اثاث بيوت كاملة بكل ما تحمله من ذاكرة اصحابها.
لعل الصورة الأبشع لظاهرة التعفيش ظهرت بالأيام الأخيرة إثر تدمير مخيم اليرموك بالكامل وتهجير أهله، حيث لم يتورع جنود جيش الوطن والمرتزقة الفلسطينيين الذين يقاتلون معهم من الابتسام أمام عدسات الكاميرات وهم ينقلون كل ما وجدوه تحت الأنقاض، أو في البيوت شبه المهدمة، كل شيء، ثمة صور لشاحنات تنقل الأثاث المعفش من مخيم اليرموك إلى أسواق جديدة ستسمى سوق الفلسطينيين، لتضاف إلى العار السوري السابق لها.
بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
29/05/2018
2561