+ A
A -
حينما أعلن زعيم حركة «النهضة» التونسيه الشيخ راشد الغنوشي العمل على فصل العمل الدعوي داخلها عن العمل السياسي وبالتالي تحولها إلى حزب سياسي، ومعللاً ذلك بأن هذا الاتجاه جاء نتيجة لقراءة الاحداث وتفاعلا مع مقتضيات العصر، يكشف كم كان فكر حزب النهضة وتعاملها مع مخرجات الربيع العربي يسبق بمراحل فكر الاخوان المسلمين في مصر أو في غيرها من بلاد المشرق العربي، وراشد الغنوشي يتمتع بشخصية براجماتية تاريخيه لا تتهيأ لأحد سواه من زعامات الاخوان ولا من شيوخهم في الخليج ولا في المحيط. نادينا منذ زمن أنه لا يمكن للديني أن يسير السياسي بمعزل عن العصر، ولا يمكن للسياسي أن يستغل الديني، لتحقيق مآربه السياسية تحت غطاء الدين، نحن في الخليج نعاني من اشكالية داخل إشكالية الديني والسياسي، وهي إشكالية الديني والاجتماعي، أو سيطرة الديني على الاجتماعي، فنلاحظ التمكين الاجتماعي لـ «رجل الدين» حتى يتحول إلى أيقونة اجتماعية اقتصادية، لا اقول إنه ليس له الحق في العمل والتملك، لكن أقول أن يكون سنده فقط أنه يمتلك صك «الدين»، فيدخل من باب الدين إلى حيازة المجتمع. وتأتي التسهيلات من كل جانب اليه بما فيها التسهيلات المصرفية والاعفاءات من هذا الباب، ملاحظة سريعة وقراءة مبسطة لتاريخ الدعوة والدعاة خلال العقود السابقة القليلة في بلدنا الحبيب، توضح ما قلته، فإذا كان فصل الدعوة عن العمل السياسي مطلبا واستراتيجية تنشدها حركة «النهضة» في تونس، لتقدم نموذجا جديدا عن فهمها للدين ومتطلبات العصر، فإن فصلا بين الدين واستغلاله اجتماعيا مطلب ملح جدا لنا أصحاب الاقتصادات الريعية، لأنه لا توجد يد أخف من يد من يدعي امتلاك ورقة «الدين» في مجتمع متدين بالفطرة، ولا أسهل من استغلال المنبر للوصول إلى السوق.

بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
27/05/2018
2184