+ A
A -
2 - تنامي الشعور في أوروبا بأن أميركا لم يعد يهمها سوى مصالحها الخاصة، وإنها غير مكترثة بالمصالح الأوروبية وأخذها بالاعتبار، وهذا الشعور تعزز مؤخراً بقرار ترامب فرض الرسوم على دخول مادتي الحديد والألمنيوم إلى الولايات المتحدة.. وبقرارات فرض العقوبات على روسيا، مما أضر بمصالح أوروبا.
3 - إدراك العديد من الدول الأوروبية، وخصوصاً المانيا، بأن السياسة الأميركية لم تعد متوازنة، وهي تتخبط ولا تراعي التوازنات الدولية ولا تحترم توقيعها على الاتفاقات الدولية في وقت ترى فيه أن مثل هذه السياسة لا أفق لها وهي تعرض الأمن والاستقرار الدولي والإقليمي لمزيد من التوترات والاضطرابات، وهو ما أشارت إليه المستشارة الألمانية ميركل تؤكد «أن العلاقات الأوروبية الأميركية تعرضت لانتكاسة بعد القرار الخاص بإيران، وأن خروج ترامب من الاتفاق النووي جعل الوضع الإقليمي أكثر توتراً.
4 - التحولات الاقتصادية الدولية التي غيّرت من موازين القوى الاقتصادية وأدت إلى انتقال مركز الثقل في الاقتصاد العالمي من الغرب إلى الشرق، في وقت تتوافر للدول الأوروبية فرصاً وإغراءات كبيرة للخروج من اسر التبعية لأميركا، فالصين الصاعدة اقتصادياً والتي تحولت إلى مصنع العالم، وروسيا الرأسمالية التي استعادت دورها الدولي وتنهض اقتصادياً وأصبحت تحتل المرتبة الخامسة دولياً وإيران التي تتوافر فيها إمكانيات كبيرة للاستثمار، وهي تملك ثروات هامة، وغيرها من الدول المنضوية في اطار مجموعة البر يكس أو منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي، التي تقدم بدائل لأوروبا وتشجعها على أخذ قرار البقاء في الاتفاق النووي والصمود في مواجهة الضغوط الأميركية والعقوبات الأميركية.
على أن هناك مؤشرا قويا على اتجاه أوروبا إلى سلوك هذا الخيار، تمثل أخيراً في الاتفاق الذي تم بين إيران وكل من الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق(بريطانيا، المانيا، فرنسا) ويقضي بحصول إيران على ضمانات لاستمرار وارداتها النفطية إلى السوق الأوروبية وكذلك التعاملات المالية، بعيداً عن أي تأثر بنظام العقوبات الأميركية، وذلك مقابل استمرار التزام إيران بالاتفاق وعدم الانسحاب منه رداً على الانسحاب الأميركي.
وتبع هذا الإعلان عن هذا الاتفاق تصريح لـ فيديريكا موغيريني مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي أكدت فيه إننا «لن ننسحب من الاتفاق النووي ما دامت إيران ملتزمة به وانه ليس هناك حل بديل عن الاتفاق مع إيران».
على أن اتجاه أوروبا (حسب قول الكاتب جنيفر روبن في صحيفة واشنطن بوست الأميركية)، للنظر الآن إلى الرسائل المادية التي يمكن ان تكون في غير متناول واشنطن.. وأنها ستطبق القانون الأوروبي ضد الشركات الموجودة في الخارج ضمن ردّ بالمثل على إجراءات تتخذها واشنطن ضد الشركات غير الأميركية مؤشراً أخر على هذا التوجه الأوروبي الجديد.
وإذا ما أصرت أوروبا على الاستمرار بالاتفاق والالتزام في تنفيذ اتفاق الضمانات مع إيران فان ذلك سيشكل بكل تأكيد تحولاً هاماً في مسار العلاقات الدولية.

بقلم : حسين عطوي
copy short url   نسخ
27/05/2018
1660