+ A
A -
- 1 -
المفارقة الصادمة في عالم السياسة ودنيا الخيال، أن تكون الدولة الأعلى صوتاً ضد الإرهاب هي أكبر داعم له! كيف ذلك؟! سنشرح ونوضح ببساطة ومباشرة ودون تعقيد. كثير من المسلمات لا تتعرض للفحص وعمليات التأكد من صحتها ومدى موافاتها للحقيقة.
عندما اصطدمت طائرات الشاب المصري محمد عطا ومجموعته التابعة لتنظيم القاعدة بمباني البنتاغون ومركز التجارة العالمي اهتزت كثير من القناعات الأميركية واستيقظت العديد من التساؤلات.
كان أهم سؤال ما طرحته مجلة النيوزويك على غلافها الخارجي: لماذا يكرهوننا؟!

- 2 -

ذلك السؤال تمدد على مساحة أحداث أخرى ولم يجد الإجابة الشفافية، السؤال معبر عن حالة شعور بالكراهية لم تتوفر لها حيثيات معلومة لدى قطاع واسع من الشعب الأميركي، عبرت عنهم النيوزويك وقتذاك.
لماذا يكرهوننا؟!

- 3 -

منذ ذلك الوقت إلى الآن لم يدرك الشعب الأميركي سر الكراهية التي تجلبها السياسات الأميركية الطائشة في العراق وأفغانستان والمنحازة لإسرائيل ضد الفلسطينيين.
سياسات أميركا الطائشة في العراق خلفت آلاف الضحايا وملايين المشردين وسياساتها المنحازة لإسرائيل خلفت الكثير من المرارات والأوجاع.
إسرائيل ظلت تمثل أكبر مصدر للشرور منذ وعد بلفور إلى قرارات ترامب الأخيرة بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.

- 4 -

إسرائيل تغتصب الأراضي وتنتهك كرامة الشعوب وتعبث بكل القيم والقوانين الدولية، تفعل ذلك بدعم وحماية أميركية تامة.
ومع ذلك لا تجد إسرائيل في العالم من يقف في وجهها بثبات وقوة مجرماً ومدين.
في السابق كانت الشعوب العربية والإسلامية تعيب على حكوماتها اكتفاءها بالشجب والإدانات دون مقدرة على الفعل والعمل.
الآن حتى الإدانات العربية والإسلامية لم تعد بذات القوة القديمة، فهي إدانات خجولة وخفيضة الصوت.

- 5 -

إسرائيل في كل تجاوزاتها واعتداءاتها السافرة تجد الدعم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي من الولايات المتحدة الأميركية، دعم بلا حدود ودون قيود.
تفعل ذلك دون مراعاة لمشاعر شعوب العالم العربي والإسلامي، وبلغ الاستفزاز مداه الأقصى بما فعله دونالد ترامب وهو ينقل السفارة الأميركية إلى القدس.

- 6 -

تلك الخطوة سيكون لها ما بعدها في منطقة الشرق الأوسط وعلى صورة الولايات المتحدة الأميركية لدى شعوب المنطقة.
مثل هذه الأفعال توفر المناخ المناسب لنمو ثقافة الكراهية وتشجع على الأعمال الإرهابية.
سيدرك الشعب الأميركي أن حكوماته المتعاقبة أكبر داعم للإرهاب ومروج للأفكار المتطرفة في العالم الإسلامي.
سيدرك الشعب الأميركي المنغلق على نفسه والجاهل بالآخر، أن العمليات الإرهابية التي تتسلل إليه بين مرة وأخرى مصدرها في الأساس أخطاء الإدارات الأميركية وتقديراتها للتعامل مع منطقة الشرق الأوسط وقضاياها.

- 7 -

في مرات عديدة ذكر أن بداية التفكير في القيام بأعمال إرهابية عبر تنظيمات إسلامية كان عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982.
فمثل تلك التجاوزات لها مردود يتناسب مع قوتها، فإذا كانت الحكومات عاجزة وغير قادرة على تشكيل ردود أفعال تتناسب ودرجة الاستفزاز فإن مجموعات أخرى في الفضاء الإسلامي ستجد من واجبها القيام بأفعال لرد الاعتبار وعبر هذه الرغبة يصبح للإرهاب سوق رائج خاصة في أوساط الشباب.
سياسات الولايات المتحدة الأميركية الفاقدة للحساسية تجاه مقدسات العالم الإسلامي هي واحدة من أخطر بؤر الإرهاب.
الإرهاب ليس عمليات تخطيط وتفجير واغتيالات وجماعات تذبح وتقتل، الإرهاب مناخ تتشكل في فضائه كل تلك الأفعال العنيفة. الإرهاب هو البذرة والأفعال هي الثمرة.

-أخيراً -

فإذا كانت أميركا منصفة في إعداد تقاريرها السنوية عن الدول الداعمة للإرهاب، فالأولى لها أن تبدأ بنفسها، فهي تدعم الإرهاب لا بالمال والسلاح ولكن بخلق الظرف المواتية لإنبات أفكاره وجني ثماره.
بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
27/05/2018
1891