+ A
A -

بعض الأمور في الحياة لا تحتاج منا جهداً كي نعود بالذاكرة إليها، ليس لصعوبة تذكرها ولا لضخامة حجمها بل لأنها لم تبرح الذاكرة مطلقاً، فجر الرابع والعشرين من مايو العام المنصرم لم يكن فجراً اعتيادياً بالنسبة لنا، إذ يصادف ذكرى قرصنة وكالة الأنباء القطرية «قنا» وبث أخبار مكذوبة على لسان صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (حفظه الله).
فدول الحصار كان رهانهم أن تسقط الدولة خلال الأيام الأولى ومن يتتبع أسلوبهم في إدارة الأزمة يكتشف أنهم رموا بكل أوراقهم منذ اليوم الأول على أمل أن يؤدي هذا إلى عجز وشلل الدولة في مرافقها الأساسية خلال الساعات الأولى من الحصار، وفي الحقيقة ما حدث أن قطر استطاعت مواجهة هذا الحصار في أقل من أربع وعشرين ساعة وبهدوء وحكمة في إدارة الأزمة من جميع جوانبها، فتحركات دولة قطر لمواجهة هذا الحصار لم تكن ردة فعل وإنما تحركات مدروسة كشفت أن هناك عقولا تفكر وتخطط لمستقبل الوطن وشغلها الشاغل هو كيف تحافظ على مستقبل قطر.
وتستمر الرغبة في أن يصدق العالم ما افتعلوه من أكاذيب لنوايا مبيّتة ليستمر مسلسل الأكاذيب على مدار أيام الأزمة والتي جعلت دول الحصار تبدو كالغارقة في بحر من الرمال كلما حاولت الخروج منه بكذبة جديدة زادت سقوطاً وتقزمًا أمام صرح الأخلاق العملاق لدولة قطر وأهلها والمقيمين بها، وهو ما أبهر الجميع من قاصٍ ودانٍ تجاه كمية الإسفاف في الرد من دول الحصار، حتى باتت كالقابع في مستنقع أكاذيب وافتراءات يدعو بعضها إلى السخرية والضحك أحياناً رغم الانتهاكات المؤلمة، ورغم ما سببته أكاذيب دول الحصار من شرخ عميق في جدار البيت الخليجي إلا أنها أكدت التزام قطر بالعقلانية والحكمة ودفعت المواطنين إلى الالتفاف حول القيادة الرشيدة.
ولعل قرصنة وكالة الأنباء القطرية ما كان إلا بداية الكذبة تلتها أكاذيب توضح حجم المخطط الذي تم إعداده ضد دولة قطر لاستهداف أمنها واستقرارها وتطبيق نظام الوصاية على قرارها السياسي وما يعزز وجهة النظر القائلة إن دول الحصار تسير في اتجاه المجهول آخذة المنطقة برمتها معها في الاتجاه نفسه، هو إصرارها على استكمال مخططها ومواصلة تأزيم العلاقات الخليجية- الخليجية بشتى الطرق والوسائل غير الشرعية، فأصبحت القضية ليست شيطنة قطر فقط، بل إلصاق تهمة الإرهاب بها بأي ثمن كان وبأي وسيلة كانت فمع مواصلة الدول الخليجية حصارها الجائر ضد دولة قطر يتضح مدى فشل هذه الحملة الجائرة فهم يتحدثون عن كشف حساب لقطر يدَّعُونَ أنه يوضح سياسة دولة قطر خلال ما يقرب من العشرين عاماً تجاه المنطقة، وكانت الصدمة لهم قدرة قطر على مواجهة حصارهم خلال مدة اعتُبِرَت إنجازا تاريخيا لدولة بحجم قطر تواجه عدوانا ثلاثيا منع عنها التواصل مع العالم بسبب حجج واهية وغير صحيحة اعتمدت على فبركات في أساسها وأظهرت الدولة وقد تجاوزت آثار الصدمة الأولى بحِنْكَةٍ واقتدار دون ضجيج المهزوم وصراخ المعتوه.
ولأننا لن ننسى ما حدث من افتراءات بل وفي شهر الرحمة والتقارب والخير فأننا لن نطرح السؤال المعتاد «لماذا أقدموا على حصارهم» بل سؤالاً أهم وهو «كيف استطاعت قطر الصمود في وجه هذا الحصار وحل مشاكلها بهذه السرعة»؟؟ لتأتي الإجابة الواضحة كالشمس أنه قد ظهر للعالم أجمع وجود رؤية وخطط استراتيجية لعبت دورا في قلب الموازين لصالح قطر وجعلت دول الحصار عاجزة عن تنفيذ خطط بديلة واللجوء إلى أساليب لم نشهدها من قبل في المنطقة.
ولعل المراقب للوضع يرى بوضوح أن دولة قطر لطالما تعايشت مع مشاكل منها سياسية أو اختلاف في المواقف مثلما حدث في عام ألفين وأربعة عشر وما قبله أيضا والتاريخ يحتفظ بكل ذلك، ونعلم جميعاً أن الدول المتحضرة لديها خطوط حمراء بين الاختلاف السياسي وكيفية معالجته وعدم تخطي الأخلاق خاصة أن شعوب الخليج متداخلة بنفس القبائل، وهناك علاقات إنسانية واجتماعية وتعاملات اقتصادية مشتركة لكن للأسف كان الاعتقاد بأن الضغط على الشعوب بهذا الشكل سيولد ثورة على الحكومة وهذا ما قالوه وأرادوه صراحة في بداية الأزمة التي جاءت في توقيتٍ سيئ ليأتي حصارهم كنكبةٍ رمضانية الهدف منذ البداية منها الإرباك والمفاجأة.
ودعوني أكون أكثر صدقاً فلا خوف على قطر التي رسمت طريقها نحو المستقبل بكل ثقة بفضل الله أولاً وقيادتها الحكيمة التي أبهر بها سيدي تميم المجد (حفظه الله) الجميع بإدارة هذه الأزمة التي أظهرت العقلية الواعية والحكيمة التي تتمتع بها القيادة.. فوطن به هذه القيادة وهذا الوعي من مواطنيه يحق لنا أن نفتخر به.
والآن بعد مرور عام على قرصنة وكالة الأنباء القطرية، لايزال العبث قائماً والذي نواجهه بالمضي قدماً وقبل الختام أقول إنها: مؤامرة دُبرت بليل.. ليلٍ كشف غدر وزيف
زيف تلاه كذب طويل.. وابداع بكل تحريف
وهذا جيل بعد جيل.. صعب ينسى هالتزيّف
ونقسم بالولاء ماله بديل.. وأميرنا المجد له طايعين
وأخيراً للعلا يا موطني.
بقلم : ابتسام الحبيل
copy short url   نسخ
26/05/2018
2215