+ A
A -
يمثل رمضان في حياتنا انعطافا رائقا لروتين عام كامل وكأنه محطة تقف عندها نفوسنا، وأرواحنا، وأجسادنا التي أعطبتها مخرجات الحياة، ومستلزماتها، لينظف، ويطهر، ويعيد شحن طاقاتنا، وأجسادنا حتى تنتهي بنا الحياة. بؤساء أولئك الذين لم ينتموا للإسلام، ولم يقفوا عند محطة رمضان.
في إحصائية لمنظمة الصحة العالمية ذكر أنه في العام الماضي تم إحصاء ثمانمائة ألف حالة انتحار في العالم. أي بمعدل حالة كل أربعين ثانية. لم يكن من بين قائمة المنتحرين دولة عربية أو إسلامية بل اغلبهم من تلك الدول التي تنعم بالرفاهية، والتقدم، والأمن القومي كاليابان، السويد، فرنسا، وأميركا. الأمر الذي يدعو للتأمل، والتساؤل: لماذا لا ينتحر المسلمون؟ بالرغم من أنه من منظور الواقع المر، البئيس تقف الأمة الإسلامية على رأس القائمة، وتكون الشعوب المسلمة التي ابتليت أغلبها بالفقر، والاستبداد، وفرض التخلف، والفوضى، وتسلط على بعضها اللصوص، والطغاة الحمقى الذين صنعوا واقعا مريرا يغص به كل حر، شريف وإن لم يكن منا... أشد الشعوب بؤساً، وشقاء.... رغم ذلك لا يكاد ينتحر منهم إلا القليل... القليل. الجواب طبعا يكمن في عقيدة الإسلام رغم كل الحروب المعلنة عليه. وإن كان قد تعرضت مناهجه للتغريب، والتبديل المستمر، وصورته للتشويه الممنهج، وإلصاق كافة التهم. تبقى روحه الأصيلة القوية تحيا في كل جزء من تراب أرضنا، تمتد جذوره عميقا لتمنحنا الحياة، والهوية... يجيبنا على كل الأسئلة.. نعلم يقينا لماذا وجدنا، وإلى أين نمضي. ونرى خلف سواد الواقع وليل الظلم الطويل فجر يطل من بعيد لا يلبث أن يكتسح الوجود لأن تلك سنة الله ربنا عز وجل في أرضه. في الأسبوع الماضي مع نقل السفارة الأميركية للقدس سقط عدد من الأحرار الفلسطينيين الرافضين لذلك شهداء برصاص الصهاينة المحتفين بنقل السفارة. ولم تترك دماءهم الشريفة التي صبغت مشهد الاحتفال عذرا للصهاينة، ومن والاهم، ولا للخونة من العرب فما كان من أبواقهم إلا أن جعلت من ذلك انتحارا، وعبثا بالحياة. لكن العبث ما حاولوا تصويره كونهم سقطوا في دفاعهم عن مقدساتهم، وكرامتهم وكذلك المسلم لا يواجه القتل بؤساً، ويأسا من الحياة بل يواجهه دفاعا عن الحياة، ويضحي كي تبقى ثوابته، ومقدساته، وكرامته لتمتد به الحياة طويلا، أطول من حياة قاتليه، ومن حياة الطغاة، والجلادين، والخونة.

بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
22/05/2018
2312