+ A
A -
أكون أو لا أكون، صيغة قد لا يعيها الكثيرون، خاصة إذا كانت الصيغة التربوية لحياة فرد ما مبهمة، لا تشمل إلا الاحتياجات المادية الأساسية للإنسان؛ حيث يكبر دون أن يعي حجم ما يجب أن يتحمله من مسؤوليات، وتكاليف في الحياة الدنيا، يظل متبوعاً بتسهيلات الوالدين ودفعهما في أحلك المواقف، وأسهلها ككائن هش رقيق يتحامل على نفسه كي يكمل مسيرته في الحياة كما قرر الوالدان، والمجتمع، لا كما تقتضيه كينونته الإنسانية الحرة.
الدروس الخصوصية إشكالية متصاعدة تتنامى في استغلاليتها، خاصة في فترة الامتحانات، تضعنا أمام تساؤل عن سبب هذا التنامي قد يخفى على الضمير الجمعي في المجتمع؛ لأنه يتماشى مع مطلب بات يبدو ملحاً لشريحة كبيرة منه، خاصة أولئك الذين لا يجدون الوقت الكافي لتلبية جميع متطلبات الحياة، وتعقيداتها التي حشرت حشراً بالكماليات واستهلكت الكثير من طاقات الإنسان، وأيام عمره، على حساب المعنويات، والأخلاقيات.
أو هذان الوالدان المترفان بالرحمة، والمال لأبناء لم تمنحهم هذه الرفاهية العاطفية، والمادية أي شيء سوى أن جردتهم من الدافعية نحو المنافسة، والعمل على الذات بل وجعلت من التراخي حتى عما يحقق مصلحتهم حقاً مكتسباً.
لذلك لم يعد غريباً أن نرى طالباً يتلقى دروساً خصوصية في كل المواد من أول العام الدراسي إلى آخره ثم يرسب آخر العام في اكثر من نصف المواد ذلك انه لم يخترع حتى الآن جهازاً يستطيع حشو المخ بالدروس والمسائل.
من المنطقي أن نثير ونحن نتكلم عن هذه الظاهرة إن سلمنا بسلبيتها تساؤلات جادة عن جدوى كل الجهود التي تبذل من قبل المعلمين، والمناهج الجديدة، وطرق التعليم الحديثة في المدارس، وكل الميزانيات التي توضع من اجل ذلك إن كان الطالب يخرج بعد كل هذا ليعتمد على الدروس الخصوصية التي غالباً ما تعطى بطرق تقليدية وتلقينية، فما جدوى تواجد هذا الطالب في هذه الصفوف المدرسية؟، وما المجهود الشخصي الذي يبذله إذاً من أجل التعلم مقابل كل ما يقدم له من اجل ذلك؟
ولماذا لا يشجع هذا الطالب على استغلال كل الفرص، والوسائل التعليمية المقدمة له مجاناً من قبل المدرسة، بدلاً من تشجيعه على الترهل العقلي، والأخلاقي كونه يعلم أنه سيجد البديل وإن كان مدفوع الثمن، بينما يتحول الحضور إلى المدرسة فقط من أجل التسلية مع الأصدقاء، وتقديم الامتحانات اللازمة للحصول على الشهادات المدرسية المعتمدة.
من الطبيعي هنا أن يتحول هذا الطالب إلى عنصر سلبي في البيئة المدرسية الحقيقية، خاصة أولئك الذين ترسخت لديهم ثقافة اللامبالاة، وعدم الحاجة للانتماء إلى البيئة المدرسية الجادة الهادفة؛ حيث يختفي بالفعل هنا الهدف الحقيقي منها، ويمثل بتواجده في المدرسة عبئاً عليها.
من ما ذكرناه نستخلص أن تنامي الدروس الخصوصية يعد نوعاً من الهدر العام، والخاص، وأعظم مصائبه على شخصية الأبناء الذين أصبحت الدروس الخصوصية جزءاً من شخصيتهم الاتكالية المفرغة من الطموح.
في أغلب الأحوال تستمر الدروس الخصوصية كونها ظاهرة سلبية تحتاج إلى علاج.

بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
31/05/2016
2067