+ A
A -
كنت قد كتبت عدة مقالات سابقة عن أهمية دور الطبقة الوسطى لأي مجتمع لما تمثله من حامل طبيعي لقيم المجتمع وأخلاقياته ووسطيته ناهيك عن دورها التاريخي في التحول الديمقراطي وذكرت كذلك أن الطبقة الوسطى في قطر ليست ذاتية المنشأ وإنما للدولة دور كبير وواضح في إنشائها وكانت فترة السبعينيات بالذات بداية لتبلور هذه الطبقة المهمة جدا في وسطية المجتمع واتجاهه نحو التنمية، أثناء هذه الأزمة التي تمر بها قطر يبدو واضحا أهمية الطبقة الوسطى ودورها المميز في الوقوف في وجه هذا الحصار الجائر ويبدو أبناؤها الأكثر بروزا وفاعلية في أدائهم لدورهم الوطني في جميع الأصعدة الإعلامية والثقافية والفنية وتبدو أخلاقياتها واضحة من خلال مستوى الخطاب الإعلامي والثقافي الذي تميزت به قطر مقارنة بالخطاب الإعلامي والثقافي والمخابراتي المنحط لدول الحصار، لذلك أعتقد من الأهمية بمكان تعزيز دور هذه الطبقة مستقبلا بعد أن لحقها بعض الإجحاف في السنوات القليلة الماضية نتيجة لاتجاه نشاطات الدولة إلى الترفيه بدلا من التركيز على قيم الإنتاج الثقافي الحقيقي الذي تمثل عصبة هذه الطبقة، هناك من لا يحبذ استخدام وصف طبقة في مجتمعنا ويفضل بدلا عن ذلك صفة الشريحة الوسطى، لا يضيرني ذلك كثيرا وإنما المهم وجود هذه الثقافة الوسطى بين ثقافتين حديَتين، ثقافة الشريحة الأولى المكتنزة ماديا الأقل اكتنازا قيما وإلى حد ما مبادئ، والشريحة السفلى التي لا تمتلك شيئا لتقدمه سوى سعيها وراء لقمة العيش بتجرد شديد لا يحمل معه ربما أي معنى آخر سوى سد الرمق، هذه الأزمة أثبتت بجلاء دور هذه الشريحة الوسطى الثقافي والأخلاقي في التصدي للحصار المخزي والجائر على قطر من خلال إبراز خطاب كما ذكرت يليق بإنفاق الدولة عليها طيلة العقود السابقة، وكذلك يبدو واضحا أيضا عدم تسرب أي من عناصرها المدنية ولم تسجل حالة تفريط في الإخلاص والوفاء للوطن بين أفرادها، إذا استبعدنا حالة «الهيل والدهنيم» وهما حالتان حولهما لغط كبير حول طبيعة عملهما وأساس تكوينهما فهما أدوات والأداة لا حكم لها لأنها تلغى بعد استخدامها، على الرغم من أن أفراد هذه الشريحة المتوسطة لم يكنوا من أصحاب الحظ والامتيازات كغيرهم ممن انتشل اجتماعيا وجرى تعميده ولم يثبت إخلاصه وولاؤه للوطن بعد، على كل حال هذه الشريحة شيمتها الوفاء نظرا لثقافتها المدنية على الرغم من أن في هذه الحرب القذرة التي جرى فيها استخدام أقذر أساليب الإغراء والتهديد كذلك، إلا الوفاء شيمة والإخلاص خُلق وليس مجرد لقب يضاف أو تاريخ يُؤلف، أدعو بصدق إلى توسيع الإنفاق على هذه الطبقة مستقبلا حتى تصبح أوسع الشرائح اتساعا في المجتمع فنضمن مستقبلا مجتمعا متزنا لا تتجاذبه الأهواء ولا تشغله المغريات.
بقلم:عبد العزيز الخاطر
copy short url   نسخ
14/05/2018
2601