+ A
A -
الوطن / وكالات/ قال تقرير إخباري إن السعودية تسعى لكبح جماح "جيش الذباب الإلكتروني" الذي أنشأه سعود القحطاني، المستشار السابق لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وذكرت وكالة "فرنس برس" في تقرير لها إن "جيوشا إلكترونية" من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية تلاحق وتضايق منتقدي النظام المتنامي مع سعود ولي العهد محمد بن سلمان وسيطرته على السلطة في البلاد.

وأضاف التقرير أن النظام في السعودية حاليا بات يحاول كبح جماح تلك الحسابات بسبب ما يتعرض له من انتقادات دولية ومحلية جراءها.

وتصاعد تأثير هذه الحسابات مع صعود ابن سلمان الذي قام بسلسلة تغييرات اجتماعية في المملكة المحافظة منذ صعوده إلى السلطة.

وتنكب "الجيوش الإلكترونية" التي تعرف باسم "الذباب الإلكتروني"- على الدفاع عن سياسة المملكة وتضع صورا في العادة للحكام السعوديين- وأصبحت مؤخرا قوة متصاعدة.

وعادة ما تشير تلك الحسابات في تغريداتها التي تصف فيها المعارضين بـ"الخونة" إلى وكالات الأمن السعودية.

ويربط كثيرون هذه "الحسابات الوهمية" بسياسة كان يقودها المسؤول السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، وهو مسؤول نافذ مقرّب من ابن سلمان توارى عن الأنظار وأعفي من منصبه على خلفية دور محتمل له في مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا في 2 من أكتوبر/تشرين الثاني 2018.

ولطالما أثار القحطاني الخوف في المملكة، واكتسب ألقابًا عديدة بينها "كاتم الأسرار" و"السيد هاشتاغ" (وسم) و"وزير الذباب الالكتروني" بعدما قيل إنّه كان يقود جيشا من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عن صورة ولي العهد وتخويف المنتقدين.

ولكن سعى نقاش مؤخرا عبر قناة تلفزيونية سعودية رسمية في يونيو/حزيران الماضي إلى النأي بالحكومة عن الارتباط بهذه الحسابات. وكررت وسائل إعلام سعودية هذه الدعوة.

وتساءل مقدم تلفزيوني عبر قناة "الإخبارية السعودية ": ما خطورة وضع هذه الحسابات صورا لرموز الدولة واستخدام ذلك للتهديد وكأنهم مدعومون من الحكومة؟".

وقال الأكاديمي السعودي صالح العصيمي إن الحسابات تعطي "إيحاء بأنهم مدعومون من الدولة وأنهم حكومة موازية الحكومة الدولة بل قد تكون أشد بطشا من الدولة".

ولكن تعرض العصيمي نفسه إلى انتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد هذا النقاش. وتساءل أحد الحسابات في تغريدة على تويتر "ما الذي يريدونه منا؟ أن نتوقف عن الدفاع عن الوطن؟"

ويؤكد الخبير أنس شاكر لوكالة فرانس برس "هذه الحسابات الوهمية أثبتت أنها قيمة للقيادة السعودية". لكنه أشار إلى أنه "بينما تصبح أكثر قوة فإن الحكومة ترغب في إحكام سيطرتها وإظهار أنها السلطة المطلقة".

وقامت حسابات أخرى، من بينها حساب أمير سعودي بالدفاع عن هذه الحسابات باستخدام وسم "الحسابات_الوطنيه_درع_الوطن".

ويتخوف كثيرون من هذه الحسابات الإلكترونية التي اكتسبت شهرة بالتزامن مع حملات قمع رسمية لإخماد أي انتقادات معارضة.

ويذكر شاكر كيف قامت هذه الحسابات بملاحقة سيدة سعودية تدعى هدى الحمود في العام 2017 بعد تسميتها مسؤولة عن برنامج تابع لوزارة التعليم السعودية.

وقامت هذه الحسابات الإلكترونية بالبحث في حسابها على تويتر وعثرت على منشورات قالوا إنها مؤيدة لقطر وجماعة الإخوان المسلمين. وامتدت الملاحقة لتصل إلى حساب زوجها.

ويشير شاكر إلى نجاح هذه الحملة حيث تم إعفاء السيدة من منصبها بعد عدة أيام من تعيينها.

وتسببت هذه الحالة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر من الترصد في إغلاق سعوديين كثر لحساباتهم على تويتر، بما في ذلك أولئك الذين شاركوا في انتقاد إصلاحات ابن سلمان، بينما يتعامل آخرون لم يقوموا بإغلاق حساباتهم بحذر شديد.

وقبل مقابلات عمل حكومية، يقول كثيرون إنهم يقومون بإزالة الكثير من المنشورات التي يمكن أن تقدمهم بأنهم غير وطنيين. بينما يضع آخرون منشورات تعبر عن وطنيتهم.

ويقول عامل حكومي لوكالة فرانس برس "يوميا على تويتر أقوم بإهانة قطر مرة أو مرتين". وأضاف أن "قطر لا تهمني ولكن بهذه الطريقة لا يمكن لأحدهم أن يتهمني بأني غير وطني في حال تحدثت ضد سياسات الدولة الأخرى".

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن تويتر أنّه أغلق آلاف الحسابات المرتبطة بحكومات أجنبية والمتهمة بنشر أخبار كاذبة على موقع التواصل الاجتماعي، من بينها حسابات تضخّم الرسائل المؤيدة للسعودية في شكل مصطنع كجزء من حرب الدعاية الإقليمية.

واتهم القضاء الأمريكي موظفين سابقين في تويتر العام الماضي بالتجسس لصالح الحكومة السعودية.

ولكن يرى خبراء أنه سيكون من الصعب كبح جماح الحسابات السعودية التي صعدت تدريجيا مع تنامي المشاعر القومية.

ويقول شاكر "ترى السعودية أنه من الصعب السيطرة على العصابات الإلكترونية" مشيرا إلى أنهم قد "يهاجمون المنتقدين الأجانب يوما ما وقد يأتي دور شخصيات بارزة في الحكومة في اليوم التالي".

وسيتم اختبار ولاء هذه الحسابات للدولة بينما لجأت المملكة إلى إجراءات التقشف وخفض الإنفاق، وبينها إلغاء بدل المعيشة للموظفين الحكوميين وزيادة ضريبة القيمة المضافة.

ومن جهتها، ترى إيمان الحسين وهي باحثة غير مقيمة في معهد دول الخليج في واشنطن أن "المشاعر القومية التي دفعت بها الدولة قد تصبح بمثابة حصان طروادة".

وأضافت "قد تصبح هذه الحسابات تحديا أمام الدولة".
copy short url   نسخ
09/08/2020
605