+ A
A -

الدوحة /قنا/ بدأت اليوم أعمال الملتقى الاقتصادي الافتراضي الدولي الأول للاستثمار في أفريقيا تحت شعار "كورونا والتحول الاقتصادي" بمشاركة شخصيات فاعلة وأكثر من 50 خبيرا دوليا ورجال أعمال وممثلي شركات كبرى ومستثمرين شباب، بالإضافة إلى معاهد بحث وجامعات ووزراء ورؤساء حكومات من الدول العربية وأفريقيا والعالم.
وتستمر فعاليات الملتقى الذي يعقد عن بعد بواسطة الفيديو أربعة أيام ويناقش خلالها عدة موضوعات كالبحث عن الاستثمار الآمن والتوجهات الاقتصادية الجديدة للزراعة والصناعة الغذائية والطاقة الشمسية والتكنولوجيا والرقمنة والتمويلات البنكية والتجارة والصناعة والبحث عن مصادر تنويع الاقتصاد.
ويأتي انعقاد هذا الملتقى الأول من نوعه لمناقشة أثر جائحة كورونا على جميع اقتصاديات الدول حيث فرضت منطقا جديدا بالتعامل الاقتصادي وجعلت من طريقة التفكير وتبني الرقمنة امرا حتمياً بالنسبة للعديد من البلدان التي تأثرت كثيرا من هذا الوباء .
وتتوقع تقارير اقتصادية إن يؤدي انتشار الفيروس التاجي ، إلى تقليص التدفقات الإجمالية للاستثمار الأجنبي المباشر على القارة بنسبة خمس عشرة بالمائة خلال العام الجاري ، وأن تكبد الجائحة أفريقيا فاقدا بالناتج الاقتصادي يصل إلى تسعة وسبعين مليار دولار هذا العام وحده مع الخطر الإضافي لفقدان ملايين الوظائف ،لكن التقارير تضيف أن القارة السمراء ستظل أرضا للفرص الواعدة التي يمكنها تحويل كل التحديات والعراقيل إلى برامج ومشروعات مربحة، حيث تتعدد القطاعات الاستثمارية الواعدة فيها بشكل يجذب الاستثمارات الأجنبية من كل حدب وصوب.
ومن لاغوس إلى كينشاسا ، ومن دار السلام إلى أديس أبابا ، تشكل أعداد السكان المتضخمة عاملا دافعا للحاجة إلى استثمارات ضخمة لمعالجة البنية التحتية المتدهورة ، وتهيئتها للتحديث والتطوير والعمران ، ويأتي قطاع البنية التحتية على رأس القطاعات الاستثمارية بالقارة ، بتقديرات تصل إلى ما يقرب من مائة وسبعين مليار دولار سنويا خلال العقد القادم ، وذلك لخدمة عدد سكانها المتزايد واحتياجاتهم المتصاعدة للمزيد من الطرق والسكك الحديدية والمطارات والموانئ ومشروعات الطاقة والمدارس والمستشفيات .
و قد شهد قطاع العقارات الأفريقي تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة ، وتشكل عائداته الكبيرة عامل جذب للمستثمرين الأجانب، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050 ستكون أفريقيا موطنا لأربع عشرة مدينة ضخمة ، يتجاوز عدد سكان الواحدة منها عشرة ملايين نسمة . ويتوقع البنك الأفريقي للتنمية أن تنمو الطبقة الوسطى بدول القارة من 350 مليون نسمة حاليا إلى ما يقرب من مليار نسمة عام 2040، ويرى أن من شأن هذا النمو أن يسهم بتطوير قطاع التجارة بالتجزئة وتحديثه لتلبية حاجيات الأعداد المتزايدة من المستهلكين.
وتأتي الزراعة بين أكثر القطاعات نموا بالبلدان الأفريقية ، ويساهم هذا القطاع بأكثر من خمس عشرة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للقارة، يليه قطاع التصنيع إذ تتمتع القارة بوفرة المواد الخام التي يمكن تحويلها بسهولة إلى منتجات مصنعة، ومن شأن ازدهار التصنيع أن يدفع عجلة النمو الاقتصادي والتنمية بشكل كبير عبر القارة، لكن هذا القطاع يواجه تحديات كبيرة مثل نقص اليد العاملة الماهرة ومشاكل البنية التحتية.
ويشكل التمويل مجالاً رحباً للاستثمارات الطموحة ، حيث يمثل القطاع المالي أحد أهم القطاعات بأفريقيا، فهو ينظم عملية التمويل لجميع القطاعات الاقتصادية، ويضمن الابتكار بهذا المجال وتطوير الخدمات المصرفية وتسهيل دمج الأسواق والحد من المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون، كما يؤثر القطاع المالي بشكل كبير على مجموعة واسعة من القطاعات مثل الرعاية الصحية والزراعة والإسكان والتعليم والاتصالات وشبكات وتطبيقات الانترنت ، ما يوفر فرصا واعدة للاستثمار.
ويقول محللون اقتصاديون إن القارة تواجه العديد من الصعوبات الاقتصادية التي قد تقلل من جاذبيتها للمستثمرين الباحثين عن الربح السريع، غير أن الفرص الاستثمارية على المدى البعيد قد تبدو واعدة للغاية، كما أن نظرة فاحصة للأسواق الحديثة بالقارة تظهر العديد من القطاعات الجاذبة للمستثمرين الدوليين ويعزز ذلك حملات واسعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والمالية والضريبية التي تزيد من احتمالات النمو الاقتصادي وتخفيف المخاطر التي قد تواجه الاستثمار بالأسواق الأفريقية الناشئة.
وقد حققت بعض دول القارة نجاحات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، وباتت من أسرع الاقتصاديات نمواً في العالم، لدرجة أن البعض أطلق على عدد من دولها مثل رواندا وكينيا وموريشيوس صفة النمور الأفريقية على غرار النمور الآسيوية. ومن المتوقع أن يصل إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لأفريقيا إلى 29 تريليون دولار بحلول عام 2050، وهو ما يعادل إجمالي الناتج المحلي الإجمالي الحالي للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ما يساهم بشكل كبير بنشر الرخاء والحد من الفقر عبرالقارة السمراء.
ولعل الأمر الأكثر تشجيعاً للاستثمارات الدولية بالقارة هو إنشاء اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية الرائدة ، العام الماضي والتي تعد أكبر اتفاقية للتجارة الحرة في العالم من حيث الدول المشاركة، وباعتبارها سوقًا أفريقية واحدة للسلع والخدمات ، حيث تحفز بشكل فعال الإنتاج ، والتجارة والصناعة ، ما يزيد من فرص الاستثمار الواعدة.
وتنتشل هذه المنطقة ملايين الأفارقة من الفقر المدقع ، وترفع الدخل الحقيقي للقارة إلى حوالي 450 مليار دولار ، وهو مايفتح الباب أمام عهد جديد من التنمية للقارة السمراء ، وتبلغ مساحة منطقة اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية أكثر من سبعة عشر مليون كيلو متر مربع، أي ما يعادل ضعف مساحة الصين أو الولايات المتحدة تقريباً، ويزيد عدد مواطنيها على 1.2 مليار شخص، ويتجاوز ناتجها الإجمالي 3.4 تريليون دولار سنوياً، وهو ما يعني آلاف الفرص الاستثمارية وملايين الوظائف وفتح الأبواب على أوسع نطاق أمام زيادة وتسريع الاستثمارات عبر الجهات الأربع للقارة.
copy short url   نسخ
04/08/2020
1005