+ A
A -

الدوحة /قنا/ تبدأ غداً الجمعة في "بروكسل" أعمال القمة الأوروبية برئاسة ألمانيا التي تتولى حاليا وحتى نهاية العام الجاري الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي ، ومن المقرر أن تتركز مداولات القمة التي تستمر يومين على حزمة تحفيز الاقتصاد الأوروبي المتضرر من فيروس كورونا، والتي تقدر بمليارات الدولارات، إلى جانب الإطار المالي للاتحاد الأوروبي للفترة ما بين عامي 2021 و2027.
وسيكون الحصول على إجماع الدول الأوروبية بشأن حزمة التحفيز الواردة بالموازنة الأوروبية، مهمةً صعبة، إذ إن الموازنة نفسها لم تكن موضع توافق بين دول الاتحاد الـ27 حتى قبل مرحلة الوباء، ونظرا لدبلوماسيتها الهادئة وثقلها الاقتصادي عبر القارة الأوروبية ، يراهن كثير من المراقبين على الدور الذي يمكن أن تلعبه ألمانيا خلال الأشهر الستة المقبلة لمعالجة المشاكل والأزمات الراهنة التي تواجه الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا.
واستبقت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هذه القمة بسلسلة من اللقاءات والمشاورات مع عدد من زعماء الاتحاد وكبار مسؤوليه على أمل إزالة الخلافات وتقريب وجهات النظر بينهم بشأن المقترحات والخطط الرامية لانتشال التكتل من أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها منذ الحرب العالمية الثانية.
وترى ميركل أن عامل الوقت يلعب دوراً ضاغطاً لزعماء الاتحاد للتوصل إلى اتفاق بشأن ميزانية طويلة الأجل للتكتل وخطة تحفيزية لاقتصاده.. وأكدت أن برلين ستدفع نحو التوصل وبسرعة إلى حل وسط أثناء القمة، لكنها لم تستبعد عقد قمة ثانية إذا عجز الزعماء عن الوصول إلى اتفاق خلال اليومين المقبلين، وشددت المستشارة الألمانية على ضرورة أن تخرج أوروبا من أزمة فيروس كورونا أكثر وحدة وأشد قوة.
وتتضمن مقترحات ميركل ميزانية طويلة الأجل للاتحاد الأوروبي قيمتها 1.074 تريليون يورو ، وصندوقا للتعافي بقيمة 750 مليار يورو لدعم الاقتصادات الأوروبية الأكثر تضرراً من جائحة فيروس كورونا ، على أن يكون ثلثا الأموال منحاً مجانية والثلث المتبقي قروضاً قابلة للسداد. وتصر هولندا على أن يكون الحصول على تلك الأموال مشروطا بإصلاحات اقتصادية ، وهو شيء تحرص على تفاديه، دول جنوبية، مثل إيطاليا وإسبانيا.
ومنذ قيام رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالكشف خلال يونيو الماضي عن خطة التحفيز، بدأت المفوضية مفاوضات صعبة وشاقة مع دول الشمال وهي السويد والدنمارك والنمسا وهولندا التي عارضت دفع المساعدات على شكل منح إلى الدول الواقعة بالفعل تحت أعباء الديون.
وتنال إيطاليا وإسبانيا الحصة الأكبر من الإعانات، كونهما الأكثر تضرراً من الوباء، حيث تحصل إيطاليا على أكثر من 172 مليار يورو لإنعاش اقتصادها المتضرّر بشدة وإسبانيا على أكثر من 140 ملياراً عبر هذه الآلية. وللاستفادة من الدعم المالي، على الدول الأعضاء إعداد خطط وطنية، تفصل فيها حاجاتها والإصلاحات التي ستقوم بها، ويجب أن توافق عليها المفوضية والدول الأخرى.
وإذا تمت الموافقة سيشكل هذا المقترح الخطة الأكبر للإنعاش بتاريخ الاتحاد الأوروبي، ولبلوغ ذلك يحتاج القادة الأوروبيون إلى إيجاد حل وسط وسريع لإقناع الدول المترددة للانضمام إلى دعم خطة التعافي الاقتصادية .. وبالمقارنة، ستحصل ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد داخل الاتحاد الأوروبي، على 8,28 مليار يورو على هيئة منح، وستكون ضمن عشر دول لن تحصل على قروض. ومع ذلك، يحق لدول الاتحاد الأوروبي الـ27 التقدم بطلب للحصول على منح. وتؤيد دول الشمال الأكثر تشدداً مثل هولندا، النمسا، الدنمارك، السويد، منح الدعم فقط عبر قروض، بينما تريد دول أخرى أن يكون الدعم عبر إعانات.
وإلى جانب آلية النهوض والموازنة، فعّل الاتحاد الأوروبي آلية الاستقرار الأوروبية البالغة 240 ملياراً، وهي عبارة عن تمويلات طارئة بمنطقة اليورو، مع 200 مليار يورو ستقدم للشركات، و100 مليار يورو عبر آلية الدعم للتخفيف من مخاطر البطالة في حالات الطوارئ للحد من وطأة البطالة الجزئية.
ووفق تقارير أوروبية ، يقف الاتحاد أمام أكبر تحد اقتصادي بتاريخه، فقد تضرر اقتصاد دوله أكثر مما كان متوقعا بينما يتجه اقتصاد منطقة اليورو صوب انخفاض حاد ، كما ارتفعت معدلات البطالة بجميع دول الاتحاد، خاصة بقطاعات الطيران وصناعة السيارات، وقد تتجاوز نسبة العاطلين عن العمل عشرة بالمائة ببعض الدول مثل إسبانيا وإيطاليا.
ويعتقد محللون اقتصاديون أن التأثيرات الكاملة لأسوأ تراجع اقتصادي بالاتحاد الأوروبي لم تظهر بعد بالكامل على أسواق العمل، ويقولون إن طريق التعافي لا يزال محفوفا بالغموض، وإن النتائج يمكن أن تكون أسوأ، إذا اتضح أن الوباء سيستمر لفترة أطول من المتوقع حالياً، كما أن المفاوضات التجارية غير الناجحة مع المملكة المتحدة بشأن "بريكست " يمكن أن تعرقل أي انتعاش اقتصادي للتكتل.
ويعتقد المحللون أنه رغم السياسات التي تم اتخاذها على مستوى الاتحاد الأوروبي وعلى المستويات الوطنية، فإن التكتل الذي يضم 27 دولة لن يتمكن من العودة إلى النمو الاقتصادي إلا خلال العام المقبل، كما حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من أن موجة ثانية محتملة لفيروس كورونا، يمكن أن تسفر عن 80 مليون عاطل بالدول المتقدمة.
يبلغ عدد الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي سبعا وعشرين دولة ، ويعتبر من أكبر التكتّلات التجارية وأكبر سوق على مستوى العالم ويزيد عدد سكانه عن خمسمائة مليون نسمة ويبلغ مجمع مساحة دوله 4475757 كيلومتر مربع، ويعتبر اقتصاد الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر اقتصاد بالعالم من حيث القيمة الاسميّة بعد الولايات المتحدة ، وبعد الصين من حيث تعادل القوة الشرائيّة ، وقٌّدِر الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بنحو 18.8 تريليون دولار على الأقل عام 2018، ممثلاً نحو 22 بالمائة من الاقتصاد العالمي.
copy short url   نسخ
16/07/2020
660