+ A
A -
الدوحة-الوطن

قال الأستاذ عصام يونس رئيس الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان – مقرها الدوحة- رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بفلسطين: إن العالم يصطف برفضه لخطه الضم الإسرائيلية ولكن يبدو أن هذه الخطوة تأتي في سياق الخطة التي أعلنها الرئيس الأمريكي ترامب بما يسمى بصفقة القرن والتي تعني ضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة وتجعل قيام الدولة الفلسطينية عملية غير ممكنة.
جاء ذلك خلال المقدمة التي استهل بها يونس الندوة التي نظمتها الشبكة العربية عن بعد عبر الانترنت حول " مخطط الضم الإسرائيلي لأراضي الضفة الغربية “وأضاف يونس: هذا القرار الأخطر كان قد بدأ بالفعل منذ العام 67 حينما قامت إسرائيل بمصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات باتباعها طرق التفافية، وكل أنواع الموبقات والانتهاكات الأخيرة للقانون الدولي، وما ارتضاه العالم المتحضر لنفسه من قواعد ناظمة. قامت الآن بالخطوة الأهم وهي الضم القانوني للأراضي الفلسطينية وهذا تطور خطير ويرتقي لمستوى جرائم الحرب وانتهاك لميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد على عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة. وأشار إلى أنه بالرغم من أن العالم كان يسمع ما يحدث في الأراضي الفلسطينية في محاولات حميمة لحسم القضايا الكبرى في الصراع؛ مثل حسم الموقف القانوني للمدينة المقدسة الذي أعقبه نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وغيرها من القضايا الهامة في ظل تغييب للعدالة وقواعدها وتغييب للمحاسبة وعلى قاعدة من أمن العقاب يسيء الأدب فإن إسرائيل أساءت الأدب مراراً وتكراراً في ظل عدم قيام المجتمع الدولي بالدور المنوط به. وقال: نأمل أن تشكل هذه الخطوة الأخيرة – خطة الضم- فرصة للعالم ليقترب من محاولات إنجاز العدالة وتحقيقها لأنه بالفعل لا يمكن الاستمرار في هذا الوضع الذي ينطوي على إعلان موت ووأد لحل الدولتين كما ينطوي مساس لحقوق أصيلة للسكان المدنيين المحميين بموجب قواعد القانون الدولي. وأضاف: نحن كمؤسسات وطنية في المنطقة وفي العالم علينا إظهار هذه الحقائق وأن تدفع المؤسسات باتجاه حراك إقليمي ودولي يليق بحجم هذا التطور الخطير. وألمح يونس لرفض الاتحاد الأوروبي لقرار الضم ودراسته لاتخاذ خطوات بهذا الشأن وقال: حتى الآن هذه الخطوات يبدو أنها غير مشجعة ولا تليق بهذا الانتهاك الخطير لقواعد القانون الدولي وهي جريمة حرب بامتياز وأضاف: نحن كمؤسسات وطنية علينا الدفع باتجاه التأكيد على المؤكد، ولكن ينتظرنا دور أكثر فعالية لأن الأسوأ قادم إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.

من ناحيته شدد السيد سلطان بن حسن الجمّالي، المدير التنفيذي للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان- مقرها الدوحة- على أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية تم فرضه كأمر واقع، وعملت على تثبيته الصهيونية العالمية ومن ورائها الإمبريالية العالمية؛ والذي شُرعن بقوة الدول الاستعمارية وسطوتها على المجتمع الدولي، والتي تعمل الآن على استكماله بتثبيت وشرعنة احتلال كامل الأرض الفلسطينية، متضمنة الأرض التي احتلت سنة 1967.
وأوضح أن هذه الندوة، تعبر عن مناهضة ممارسات وخطط الاحتلال الإسرائيلي، وتهدف لكشف مخططه والإضاءة على بعده القانوني وخطورة هذا الوضع إن أضحى راهناً ولاقتراح الخطط لتقويضه مؤكداً في الوقت ذاته أن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي على أراضي سنة 1948، جاء عن طريق الاحتلال بالقوة والقتل والتشريد والتدمير وارتكاب المجازر وانتهاك حقوق الإنسان بالجملة، وقال: كالعادة تقوم دولة الاحتلال الإسرائيلي بهذه الانتهاكات ضاربة عرض الحائط بالشرعة الدولية وقرارات المجتمع الدولي، مستهزئة به وبالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، دون أي ارتكاسه للمجتمع الدولي، لذلك لا بد من ممارسة الضغوط لتنفيذ قرارات الشرعة الدولية بهذا الخصوص.
وأوضح الجمّالي أن سلطة الاحتلال الغاصب، يعمل بشكل ممنهج لفرض وقائع غير شرعية على الأرض من خلال إقامة المستعمرات على الأرض المحتلة سنة 1967، ونقل "المستعمرين" للإقامة فيها، ومصادرة الأراضي، وإقامة جدار الضم والفصل العنصري، علاوة على ممارساته بحق المواطنين الفلسطينيين من حجز لحرياتهم، والتعرض لحياتهم وأمنهم الشخصي، وعرقلة حركتهم، وحصارهم داخل مدنهم وقراهم.
ونوه بأن دولة الاحتلال قامت سنة 1948، باجتياح قرابة 78% من مساحة فلسطين التاريخية، مقتلعة السكان الأصليين من مدنهم وقراهم بهدف استجلاب وإحلال المهاجرين اليهود مكانهم، وقال متابعاً: واستكملت سنة 1967 احتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية، محققة بذلك جزءاً كبيراً من مشروعها الاستعماري الإحلالي، المنافي لكافة المواثيق والقوانين والأعراف الدولية، ولا زالت تنكر حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وكاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران لسنة 1967، وفق ما أقرت به الشرعية الدولية.
وفي ذات السياق أكد معالي السيد محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان بجمهورية مصر العربية، أن مشروع الضم الاحتلالي مرفوض فلسطينيًا وعربياً وقال: "لم يعد هنالك طريق آخر أو خيار سوى المقاومة" وذلك يحتاج إلى مساعدات مادية للشعب الفلسطيني من الدول العربية حتى تستمر الحياة في فلسطين وأضاف: سوف تمارس سلطات الاحتلال في المرحلة القادمة ضغطاً شديداً على الشعب الفلسطيني وعلى حياته حتى يقبل أن يبيع وطنه مقابل الخمسين مليار دولار المعلنة وبطبيعة الحال "هؤلاء لا يفهمون أنّ الأوطان لا تباع" وطالب فايق الفلسطينيين بضرورة المصالحة الوطنية وقال: إن المصالحة والوحدة الوطنية أصبحت ضرورة ملحة في هذه المرحلة الحرجة كما طالب بضرورة الضغط بكل الطرق شعبيًا ودبلوماسيًا وإعلامياً لحمل الأمم المتحدة على فرض مقاطعة اقتصادية على إسرائيل وقال: هذا الأمر قد يأخذ وقتاً ولكن الرأي العام الدولي بدأ يتغير وستكون هنالك مبادرة من بعض الشخصيات ذات التأثير على الأمم المتحدة لصياغة بيان ضغط لتهيئة العالم للضغط على الأمم المتحدة.
من جهته أكد السيد محمد النسور رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للمفوضية السامية لحقوق الإنسان على موقف المفوضية السامية لحقوق الإنسان الثابت من اليوم الأول للإعلان عن خطة الضم والوارد في بيان المفوضة السامية ميشيل باشلي بعدم قانونية قرار إعلان الضم ليس فقط تحت القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بل أيضاً يتنافى مع قرارات مجلس الأمن وميثاق الأمم المتحدة الذي يتضمن صراحة بعدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة وأشار إلى أن هذا البيان كان نقطة فاصلة في حسم الجدل القانوني الذي كان سائدًا مع بداية إعلان خطة الضم خاصة في ظل الحديث حول تدرج الضم بنسب مختلفة الذي لا يعني بأي شكل من الأشكال أن قرار الضم قانونياً . وتعليقاً على مقترح السيد محمد فايق بالضغط على الأمم المتحدة قال النسور: إن المفوضية ليست بحاجة لضغط من أحد خاصة فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني وحق تقرير المصير واستطرد قائلاً: أما أمر المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل تتطلب قراراً من هيئات أخرى بالأمم المتحدة أعلى من المفوضية السامية ومجلس حقوق الإنسان. وقال النسور: كذلك صدر بياناً هاماً مشترك عن 67 مقرر خاص ومجموعة عمل بالأمم المتحدة يمثلون في مجملهم جميع الآليات الأممية لحقوق الإنسان وهي المرة الأولى التي يجمع فيها كافة أصحاب الولايات الخاصة في منظومة الأمم المتحدة بإصدار بيان مشترك وأضاف: تضمن هذا البيان محاورًا هامة؛ أولها التأكيد على أن مخطط الضم هو انتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان وتكريس لعدم المساواة في الأنظمة القانونية التي يتعاطى بها السكان في الضفة الغربية. ودعا النسور لضرورة التفكير في مسألة ماذا بعد الضم وكيف يكون التصرف من النواحي القانونية وطالب المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بأهمية التفكير في كيفية دعم الجهود الوطنية لإعادة الاهتمام بالشأن الفلسطيني وإعادة التفكير بالمبادئ القانونية الخاصة بحقوق الشعب الفلسطيني وقال: للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان دوراً هاماً في الدفع لإبقاء هذا الأمر ضمن أولويات الوطنية والإقليمية والدولية وعدم الاكتفاء فقط بردود الأفعال الآنية. وأكد حرص المفوضية السامية لحقوق الإنسان على دعم هذا الاتجاه وقال: نحن في المفوضية لن نتأخر عن أية دعوة لنقاش حقوق الشعب الفلسطيني وتمكينه من الحصول على تلك الحقوق والقيام بأية إجراءات وقائية لإجهاض القرارات الإسرائيلية بضم الأراضي الفلسطينية. وتوجه النسور بالشكر للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لدعوته المشاركة في هذه الندوة التي وصفها بالهامة ذات الموضوع الحساس ليس فقط للشعب الفلسطيني بل لشعوب المنطقة بشكل كامل.
من ناحيته استعرض د. عمار دويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ورقة حول سيناريو الضم الاحتلالي وأثره على حقوق الشعب الفلسطيني والخطوات القادمة. وأوضح أن موضوع الضم أمر ثابت على طاولة حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة منذ عام 67. وقدم شرحاً حول تعريف الضم في القانون الدولي لافتاً إلى أن القانون الدولي يميز ما بين الضم الفعلي والضم القانوني الرسمي مشيراً إلى أن الضم الفعلي هو مشروع مستمر ومتدرج منذ احتلال الضفة الغربية في 67. وقال: إن القانون الدولي يصف الضم بأنه انتهاك لحق تقرير مصير الشعب الفلسطيني كما إنه يمثل انتهاكاً للعديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية لاهاي 1907 وجنيف الرابعة 1949 وقرارات الشرعة الدولية ونظام روما الأساسي وفتوى محكمة العدل الدولية وغيرها من الاتفاقيات الدولية. وتناول دويك في ورقته شرح خارطة للتوسع الاستيطاني وأهدافه وسياساته المتبعة إلى جانب عدد المستوطنين والبؤر الاستيطانية، كما تطرق إلى إعلان الضم الحالي وسيناريوهاته. واستعرض د. عمار دويك جملة من التوصيات منها تأكيد الموقف الرافض لقرار الضم بجميع أشكاله باعتباره انتهاكاً جسيماً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، إلى جانب ضرورة التزام جميع الدول بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والتزام جميع الدول التي لها اتفاقيات مع إسرائيل بمبدأ التمييز بين أراضي إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية بالإضافة إلى أهمية قيام القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بالتصدي لمحاولات بعض الحكومات -لم يسمها – تجريم حق الفلسطينيين في مقاومة الاستعمار باعتبار التجريم انتهاك للقانون الدولي أو تجريم مقاطعة إسرائيل لاعتبارات سياسية وأخلاقية باعتبار ذلك التجريم يخل بالحقوق الأساسية للمواطن في تلك الدول. وحث دويك في توصياته الدول التي لها علاقات أو اتفاقيات مع إسرائيل باتخاذ إجراءات عقابية ضدها على قاعدة تلك الاتفاقيات في حال تنفيذ إسرائيل لخطة الضم.
وتخللت الندوة كلمات من قبل رؤساء المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وممثليهم وعدداً من المنظمات الأخرى منهم السيد علي البغلي عضو الديوان الوطني لحقوق الإنسان بدولة الكويت والسيد علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان والدكتور رحيل الغرايبة رئيس مجلس أمنا المركز الوطني لحقوق الإنسان بالأردن والسيد عبد الباسط حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان والسيد إدريس فاضلي رئيس اللجنة الدائمة للشئون القانونية بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالجزائر والدكتور أنس العزاوي عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالعراق والسيدة منى محمود عضو المفوضية القومية لحقوق الإنسان بالسودان.
copy short url   نسخ
15/07/2020
499