+ A
A -
نيويورك- قنا - قال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية إن أي انتقال أو حل سياسي في سوريا من دون مساءلة المتورطين في ارتكاب الانتهاكات وجرائم الحرب، لن يؤدي إلى نتيجة ناجعة ومستدامة.

وقال سعادته في كلمة أمام الاجتماع الرفيع المستوى حول تحقيق المساءلة في سوريا، والذي عقد على هامش أعمال الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، إن أكثر من ست سنوات منذ بداية الأزمة لم تدع مجالاً للشك في أن النظام القضائي الوطني في سوريا غير قادر أو ليس لديه الرغبة في ملاحقة أي طرف ارتكب أياً من الجرائم الوحشية في سوريا، مشيرا سعادته إلى تقاعس المجتمع الدولي في إحالة الملف السوري بشأن هذه الجرائم وهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وبين سعادته أنه من هذا المنطلق جاءت مساعي دولة قطر بالشراكة مع مجموعة أصدقاء المساءلة للتوجه للجمعية العامة من أجل إنشاء آلية دولية محايدة مستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة، وذلك انطلاقا من حرصها على تحقيق مبادئ العدالة.
وقال سعادته إن دولة قطر دعت منذ البداية إلى الحل السياسي الشامل للأزمة السورية، وأيّدت المبادرات لوقف العنف، ودعمت الجهود الدولية لمنع الإرهاب والتطرف، وأعربت عن القلق والإدانة لاستخدام الأسلحة الكيميائية، مشيرا سعادته إلى أن للأزمة السورية جوانب عديدة حازت على اهتمام المجتمع الدولي.
وأوضح سعادة وزير الخارجية أن دولة قطر لم تألُ جهداً في تقديم المساعدات للتصدي للاحتياجات الإنسانية الهائلة للأشقاء السوريين، مشيرا سعادته إلى أن دولة قطر شددت دائماً على أهمية وقف الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان حيث أن جميع هذه المسائل مازالت مسائل مهمة تستحق الاهتمام.
وبين سعادته أن اعتماد قرار الجمعية العامة رقم 71/248 كان خطوة مهمة، والتحرك الأول من نوعه من قبل الجمعية العامة لضمان العدالة للضحايا وللناجين من الجرائم الخطيرة واسعة النطاق، ولمعالجة مظالم الشعب السوري، ولوضع حد لدوامة الانتقام والعنف. وأضاف «علينا أن ندرك أن إنشاء الآلية ليس خاتمة جهودنا، بل على العكس يعد بداية لمرحلة جديدة يتم فيها تفعيل الآلية لتحقق النتيجة المتوخاة منها. وفي هذا الإطار، واصلنا الاجتماعات والمساعي لضمان تفعيل الآلية، وقدمت دولة قطر خلال السنة الأولى من تشغيل الآلية تبرعا ماليا بمبلغ مليون دولار لصالح الآلية. وتقدم سعادته بالشكر إلى جميع الدول التي قدمت الدعم المالي للآلية الدولية، وحث جميع الدول والجهات المعنية على توفير كل الدعم اللازم لتمكين هذه الآلية المهمة من تنفيذ ولايتها على أفضل وجه.
وقال «يسرنا أن نرى التقدم الذي تم في إعداد اختصاصات الآلية وتشغيلها بما في ذلك تولي السيدة مارشي-أوهيل رئاستها. ونشيد بجهود السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في هذا الخصوص.
وعبر سعادة وزير الخارجية عن تطلع دولة قطر إلى العمل بجدية من أجل ضمان التشغيل المناسب والفاعلية للآلية الجديدة، وكذلك تفعيل التنسيق والتعاون ما بين آلية الأمم المتحدة الدولية المحايدة والمستقلة، ولجنة التحقيق الدولية.. وأضاف «إننا على يقين أن اليوم الذي سوف يحاسب فيه العالم المتحضر نفسه على صمته أو التراخي منذ بداية هذه الأزمة في معاقبة مرتكبي هذه الجرائم ليس بعيداً».
ولفت سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى أن تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة الصادر هذا الشهر، أكد مسؤولية قوات النظام السوري عن استخدام أسلحة كيميائية في خان شيخون التي وقعت في شهر أبريل الماضي. مشيرا سعادته إلى أن استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين في تلك البلدة يجسد مثالا على الجرائم التي كانت الدافع لإنشاء الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، وتضاف تلك الجريمة إلى سلسلة جرائم النظام السوري في استخدام الأسلحة الكيميائية في خان شيخون وغيرها من المناطق السورية. وأوضح سعادته أن جرائم الفظائع الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وغيرها من الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي، لا تسقط بالتقادم لذا فإن معاقبة مرتكبي هذه الجرائم باتت أمراً ملحاً كضرورة إنسانية قبل أن تكون ضرورة قانونية وهذا ما يستدعي مضاعفة الجهود لتفعيل الآلية الدولية المحايدة والمستقلة لكي تكون رادعا لتكرار مثل هذه الجرائم.
وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية إن المؤتمرات الدولية التي عقدت لدعم سوريا في الكويت ثم لندن وأخيرا مؤتمر بروكسل الذي شاركت دولة قطر في عقده، شهدت الإعلان عن تعهدات كبيرة من قِبل مختلف الدول، إلا أن الفائدة من التعهدات لا تتحقق إلا بالوفاء بها.
وأوضح سعادته، في كلمة له أمام الاجتماع الوزاري حول الأزمة السورية الذي عقده الاتحاد الأوروبي على هامش أعمال الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، أن حشد التمويل والمساعدات لا يجدي نفعا ما لم يتم إيصال المساعدات إلى مستحقيها، لذلك يجب على المجتمع الدولي تكثيف الجهود لضمان إيصال المساعدات الإنسانية وعدم عرقلتها من قبل أي طرف كان، وهذا ما أكدت عليه قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالحالة الإنسانية في سوريا.
وأشار سعادته إلى أن إن دولة قطر لم تدخر جهداً في الوقوف بجانب الأشقاء السوريين وتقديم المساعدات الإنسانية لهم منذ بداية الأزمة، حيث تعهدت دولة قطر في مؤتمر بروكسل بتقديم 100 مليون دولار أميركي، وتم حتى الآن الوفاء بالجزء الأكبر من الالتزامات التي تعهدت بها في مؤتمر بروكسل ومؤتمر لندن الذي سبقه. وقال «ليس ذلك إلا جزءًا يسيرا من إجمالي قيمة المساعدات الإغاثية المادية والعينية التي قدمتها دولة قطر، والتي بلغت 1.6 مليار دولار، من خلال الدعم الحكومي والجمعيات الخيرية القطرية، لتخفيف معاناة الشعب السوري داخل سوريا وفي دول الجوار، التي نشكرها ونثمن جهودها وعلى المجتمع الدولي الاستمرار في دعمها لتتمكن من تحمل الأعباء الملقاة عليها.
ولفت سعادة وزير الخارجية إلى أنه «في ظل تحذيرات الخبراء والوكالات الدولية المعنية كاليونيسيف من ضياع جيل كامل من السوريين، وإدراكا منا لحقيقة أن حرمان الملايين من الأطفال والشباب السوريين من الدراسة هو أمر خطير وأحد أهم الأسباب المؤدية إلى التطرف والعنف والإرهاب، قامت دولة قطر بمبادرات في التعليم والتطوير المهني بالشراكة مع منظمات إنسانية وإقليمية، بما في ذلك المبادرة القطرية لتعليم وتدريب اللاجئين السوريين لصالح 400 ألف مستفيد على مدى خمس سنوات، ومبادرة «علِّم طفلاً» التي بلغ عدد الأطفال المُستَفيدين منها حوالي 985 ألف طفل، هذا بالإضافة إلى ما تقوم به مؤسسات المجتمع المدني القطرية، وبالإضافة إلى ذلك تم لمُّ شمل الآلاف من السوريين مع أسرهم المقيمة في دولة قطر.
وأوضح سعادته أنه لا يمكن الحديث عن التداعيات الإنسانية للأزمة من ضحايا وأجيال ضائعة دون الحديث عن أهمية وضرورة إيقاف الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي أفرزت تلك التداعيات، والتي لا زالت مستمرة إلى يومنا هذا، سواءً على يد النظام السوري أو تنظيم داعش، وهو ما توضحه تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بمسؤولية قوات النظام وداعش عن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، مضيفا أن التقرير الأخير للجنة التحقيق الدولية المستقلة أكد مسؤولية قوات النظام عن استخدام أسلحة كيميائية في بلدة خان شيخون في شهر أبريل الماضي.
وأكد سعادة وزير الخارجية أن المساءلة عن هذه الفظائع والجرائم المرتكبة في سوريا هو مسؤولية على عاتق المجتمع الدولي من أجل تحقيق مبدأ العدالة، وردع الجناة عن الاستمرار في ارتكاب تلك الجرائم، وإزالة العوائق أمام استدامة ونجاح حل الأزمة والانتقال السياسي والتوافق الوطني.
copy short url   نسخ
23/09/2017
1160