+ A
A -
متابعة- نجوى إسماعيل
أكد مراقبون أن قرار منظمة الطيران المدني «ايكاو» الذي صدر مساء الاثنين الماضي والذي أقر بضرورة التزام دول الحصار باتفاقية شيكاغو 1944 يعتبر انتصاراً لدولة قطر حيث يجبر دول الحصار على فتح سبعة ممرات جوية دولية أمام الطيران القطرية والشركات الأخرى (من وإلى قطر) والتي أغلقتها منذ بداية الحصار، كما يعزز من ثقة المنظمات الدولية بقطر لكونها لجأت إلى القانون للحصول على حقوقها ولم تعامل دول الحصار بالمثل حيث أبقت على اجوائها مفتوحة أمام جميع شركات الطيران.
وأكدوا لـ الوطن أن تنازل دول الحصار عن موقفها قبل يوم من إصدار القرار حيث أعلنت تخصيص ممرات طوارئ للطائرات القطرية في أجوائها وأصدرت الإعلان الملاحي حسب القانون الدولي قبيل انعقاد جلسة المجلس التنفيذي لمنظمة ايكاو بقليل، هو خطوة لحفظ ماء الوجه أمام العالم لإدراكها أن قرار المنظمة لن يكون لصالحها وبأنه سيلزمها بتنفيذ قراره بشكل حاسم.
اجتماع استثنائي للمنظمة
وكانت منظمة الطيران المدني «ايكاو» قد عقدت اجتماعها الاستثنائي في مدينة مونتريال الكندية مساء الاثنين الماضي، حيث طالبت جميع الدول الأعضاء بها بالالتزام باتفاقية «شيكاغو» التي تنص على حرية الملاحة الجوية، ودعت المنظمة جميع أعضائها للتعاون من أجل ضمان سلامة وأمن الطيران.
وأكدت هيئة الطيران المدني القطرية، في مجموعة تغريدات على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن «المجلس التنفيذي لمنظمة إيكاو استعرض الملف المقدم من دولة قطر، وأقر ضرورة التزام جميع الدول باتفاقية شيكاغو 1944 وملحقاتها، ودعا الدول لفتح المسارات على المياه الدولية».
وذكرت الهيئة أن «ملف قطر حظي بتأييد كبير من أعضاء مجلس منظمة الطيران المدني»، مشيرة إلى أن «قطر طلبت رسمياً من المنظمة الدولية إنشاء إقليم معلومات الطيران الخاص بها».
وحث المجلس التنفيذي للمنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) جميع الدول الأعضاء في المنظمة على الالتزام والامتثال لاتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي لسنة 1944 وملحقاتها، ومواصلة التعاون في مجال سلامة وأمن الطيران وكفاءته واستدامة الطيران المدني الدولي.
وقد تم خلال الجلسة، والتي حضرها وزير المواصلات والاتصالات سعادة الوزير جاسم بن سيف السليطي، استعراض ملف دولة قطر الفني حول الآثار السلبية التي سببتها دول الحصار على مجال الطيران والأمن والسلامة الجوية، والتي تنافي كل الأعراف والاتفاقيات الملزمة لجميع الأطراف.
وثمن وزير المواصلات والاتصالات القطري الدور الرئيسي للمجلس التنفيذي للمنظمة الدولية للطيران المدني وعقده الجلسة الاستثنائية للنظر في الملف الفني لدولة قطر، بخصوص تعدي دول الحصار على حق المرور الجوي وخرقها القانون الدولي واتفاقية شيكاغو.
وقال إن «الملف الفني الذي قدمته دولة قطر للمنظمة الدولية للطيران المدني دفع دول الحصار إلى التنازل وفتح سبعة ممرات جوية دولية أمام الطيران القطري والشركات الأخرى (من وإلى قطر) وذلك استنادا للمادة رقم (54 إن) من اتفاقية شيكاغو، التي تخص الممرات الدولية والبنود المستعجلة العالقة»، موضحا أن «الخطوة التالية ستكون تقديم ملف قطر الكامل الذي يطالب بفتح الممرات الجوية فوق دول الحصار، وهو حق تكفله اتفاقية شيكاغو، إلى جانب طلب تنفيذ اتفاقية العبور بالترانزيت، معربا عن تطلعه لأن تنظر منظمة (إيكاو) إلى ذلك سريعا».
وشدد على أن «فتح سبعة ممرات جوية دولية أمام الطيران القطري سيحقق فائدة كبيرة، حيث سيعمل على زيادة الرحلات الجوية للطيران الوطني والطيران الآخر، كما سيساهم في تقليل وقت الرحلات الجوية التي كانت تسلك ممرات أخرى أطول».
إدانة لدول الحصار
وفي تصريح للصحافة مساء الاثنين، قال رئيس الهيئة العامة القطرية للطيران المدني، عبدالله بن ناصر تركي السبيعي، إن حث المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو) دول الحصار على الالتزام بمبادئ اتفاقية شيكاغو وملحقاتها يعتبر إنجازا كبيرا يحسب لدولة قطر، وفي نفس الوقت إدانة موجهة لهذه الدول التي خرقت الاتفاقية باتخاذ مثل هذه الإجراءات التعسفية ضد الطائرات المسجلة في دولة قطر.
وأضاف السبيعي، في تصريح صحفي، أن قرار المجلس التنفيذي لمنظمة (إيكاو) بفتح المجال الجوي على المياه الدولية يذهب إلى صلب الاتفاقية بضمان حركة طيران تتوفر فيها السلامة الجوية والتي تنشدها اتفاقية شيكاغو.
وأعرب عن شكره للمنظمة الدولية التي تعاملت مع ملف دولة قطر بكامل الحياد، وأنصفت قطر في مطالبها المتوافقة مع قانون الطيران الدولي، منوها بدعم جميع الدول الأعضاء في مجلس المنظمة للملف القطري الاحترافي.
وعي وحكمة قطرية
قال أحمد حسين، خبير سياحة وسفر، إن الحق دائماً ينتصر والقطرية بفضل إيمانها وحكمتها ووعيها التام للقانون ولحقوقها تمكنت من إجبار تلك الدول على التراجع عن قراراتها ليس بالتنازل والرضوخ بل بالقانون وهو أمر يجعلنا نشعر بالفخر لأننا نتعامل مع تلك الدول بشكل حضاري وقانوني ونطالب بحقوقنا ليس عبر المنابر والاتهامات والمعاملة بالمثل بل للجوء إلى المنظمات القانونية التي تضم حقوق الجميع.
وأشار حسين إلى أن قطر أثبتت دبلوماسيتها وأخلاقها عندما تركت أجواءها مفتوحة أمام الجميع ولم ترد على إساءتهم بالإساءة، وهذا ما دفع منظمة ايكاو للطيران المدني بأن تشيد بموقف قطر وذلك من شأنه أن يعزز الثقة بهذه الدولة أكثر عالمياً لكونها لا تتصرف بعشوائية خلال الأزمات السياسية.
وأكد أن قرار دول الحصار كان غير مدروس بتاتاً ولا يمت إلى المنطق بصلة، فمنظمة ايكاو تعارض أي إغلاق مشابه في حالات الأزمات السياسية ولا يحق لأي دولة القيام بهذه الخطوات، لكن تلك الدول لم «تحسب حساباً» لأي عواقب جراء قراراتها واتخذت تلك القرارات بين يوم وليلة، حيث إن الأمور ليست بهذه العشوائية بل هناك برامج معينة ونظم عالمية تسير عليها الشركات وتلتزم بها فالموضوع لا يخضع للمزاجية أو لأي أهداف سياسية، وسيترتب على قرارهم نتائج وخيمة سيدفعون هم ثمنها ويخسرون ليس فقط مادياً بل معنوياً أيضاً.
وأوضح بالقول أن الخسائر لم تقع على الناقلة الوطنية القطرية وحدها بل شركات طيرانهم والشركات التابعة لها تضررت بشكل كبير، فقطر أوجدت ممرات جديدة وعبرت أجواء دول مثل إيران وغيرها، ولا نقول إن القطرية لم تتكبد خسائر جراء تغيير مسارات رحلاتها التي أصبحت مدتها أطول إلا أن دول الحصار كانت خسائرها أيضاً كبيرة، كما أنها فقدت ثقة العالم اليوم، فأي دولة باتت تتوقع أن خلافا سياسيا سيجري معها سوف يؤدي إلى تعطيل جوانب أخرى وتأثر قطاع الاقتصاد والتجارة والسياحة وهذا أمر يضر باستثماراتهم وخصوصاً أنهم وبشكل خاص إمارة دبي تعتمد بشكل كبير على الاستثمارات الأجنبية.
واستنكر حسين القضية الأخطر في موضوع الحصار وهي قضية الحجاج حيث تخطت دول الحصار كل الأعراف والأخلاق الدينية والاجتماعية عبر منع الحجاج الدخول إلى السعودية سواء أكانوا قطريين أم مقيمين رغم أن بيت الله الحرام هو للجميع ولا فرق بين جنسية وأخرى، قائلاً إن تصرف تلك الدول كان غريباً ومفاجئاً وسبب الدهشة لنا لابتعاده كل البعد عن المنطق والأخلاق.
وحول حجم الأضرار التي تسبب بها الحصار، فقد أكد أن الجميع متضرر، سواء شركات الطيران والمواطنون في قطر وفي دول الحصار والمقيمون كذلك، ولابد من تعويض كافة الخسائر، ليس فقط على صعيد الطيران بل أيضاً التجارة فهناك خسائر هائلة جراء ضرب قطاع التجارة في دول الحصار وتأثر الاستثمارات، في حين أن كلمة حضرة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد أمير البلاد المفدى، كانت سباقة إلى إدراك نتائج هذا الحصار عندما قال سموه «رب ضارة نافعة» فقطر كانت مستعدة لأي أزمة وتمكنت من تخفيف الخسائر وتفاديها بالحكمة في إدارة الأمور.
قرار متوقع
وبدوره، قال خبير السياحة والسفر عادل الهيل إن قرار منظمة الطيران المدني (ايكاو) بمطالبة دول الحصار بالالتزام باتفاقية شيكاغو 1944 وملحقاتها كان متوقعاً منذ بداية أزمة الحصار وإغلاق تلك الدول لمجالاتها الجوية، وذلك لأن القانون كان واضحاً وهو لا يشرع لأي دولة من الدول الأعضاء في المنظمة بالقيام بخطوات مماثلة لما قامت به دول الحصار ضد قطر، لافتاً إلى أنه حتى تلك الدول كانت تدرك أن خطواتها غير قانونية ولكن اتخاذ القرارات بشكل تعسفي وسريع لم يمنحهم الوقت ليفكروا بطريقة منطقية وليدركوا عواقب ما يقومون به.
وأشار الهيل إلى أن دول الحصار قامت قبل يوم واحد من إصدار ايكاو لقرارها بفتح ممرات جوية طارئة أمام قطر وذلك لأنهم أدركوا أن القرار لن يكون لصالحهم فقاموا بخطوة استباقية كي لا يظهروا وكأنهم فشلوا، وبأنهم خالفوا الأعراف الدولية وخصوصاً أن المنظمة أشارت إلى أن ملف قطر حظي بتأييد واسع من أعضاء مجلس منظمة الطيران المدني ما يدل على أحقيتها في مطالبتها..
وحول موعد تنفيذ القرار الصادر عن ايكاو فهو ينفذ بعد 60 يوماً من تاريخ تقديم الشكوى، مما يعني أنه سيطبق بعد فترة قليلة، مشيراً إلى أن هذه الدول ملزمة بتطبيق هذا القرار رغماً عنها ولا خيار أمامها إلا التنفيذ وإلا فأنها ستتعرض للمساءلة والعقوبات في حال رفعت قطر شكوى جديدة بعد القرار بعدم التزام الدول به.
وأكد الهيل أن ما حصل كان متوقعاً، وهو يسمى انتصاراً للناقلة الوطنية التي لم تتوقف منذ بداية الحصار عن الدعوة وتقديم الشكاوى للمطالبة بحقها، موضحاً أن الواقع سيتغير بعد الآن، حيث إن الخسائر من جراء إغلاق المجالات الجوية سوف تصبح أقل، علماً أنها طالت الجميع، لافتاً إلى إمكانية دفع تعويضات للقطرية جراء الخسائر التي تسببت بها قرارات دول الحصار التعسفية.
معركة رابحة
من جانبه، أكد صالح الطويل، خبير سياحة وسفر، أن دول الحصار اتخذت قرار فتح الأجواء قبل اجتماع منظمة الطيران المدني ايكاو بدقائق حيث قدمت ملفاً قبيل بدء الاجتماع مما عزز موقف قطر أمام المنظمة في قضيتها العادلة.
وأضاف: ما عزز مطالب قطر أمام المنظمة أن المادة 84 من اتفاقية شيكاغو تسمح للدول بغلق مجالها الجوي لكن دون تمييز، أي أنه يحق لأي دولة غلق مجالها شرط أن يطال ذلك كل الرحلات ليس رحلات معينة، وهذا ما قامت به تلك الدول عندما سمحت لشركات الطيران الأخرى باستخدام أجوائها باستثناء الخطوط الجوية القطرية مما يدل على التمييز ويمثل سقطة لهم تدل على عدم التزامهم بمضمون الاتفاقية.
وأشار إلى أن إغلاق الأجواء يؤثر على سلامة النقل الجوي وهو ما ينص عليه بند 54 من الاتفاقية منوهاً إلى أن قرار المنظمة الأخير وتوصيتها على ضرورة انصياع الجميع لاتفاقية شيكاغو يعتبر بمثابة رسالة واضحة للجميع وتحذير واضح، لافتاً إلى أن دولة قطر تتوقع أن يمتثل الجميع بتوصيات المنظمة مما يعني تحسنا كبيرا في الأيام القادمة بقطاع الطيران وتخفيف الخسائر التي أثقلت كاهل شركات الطيران كافة جراء القرارات التعسفية لدول الحصار.
ووصف الطويل ما حصل بأنه «معركة رابحة» جديدة لدولة قطر ضد دول الحصار، مبيناً أن قطر تربح بالقانون والمنطق وليس بالتهديد وباتخاذ القرارات المسيئة والعشوائية، ومن هنا فقد خرجت من المعركة منتصرة ليس فقط في القرار الحالي بل أيضاً مستقبلاً حيث إنها كسبت ثقة المنظمة الدولية والتي تجعل سمعتها أكثر لمعاناً أمام كافة المنظمات وأمام العالم كله.
انتصار للمواصلات
وفي السياق نفسه، قال محمد عبداللطيف الجوابري، إن قرار منظمة ايكاو الذي صدر مؤخراً يعتبر انتصاراً لوزارة المواصلات القطرية وهيئة الطيران المدني القطرية، حيث استطاعت الجهتان أن تجبرا دول الحصار على فتح المجال الجوي أمام الطيران القطري ولو بشكل محدود، مؤكداً أن هذا القرار سوف يخفف كثيراً من خسائر الخطوط الجوية القطرية التي عانت منها بسبب ارتفاع استخدامها للوقود في رحلاتها بسبب إغلاق دول الحصار لأجوائها أمامها أطول، باعتمادها على أجواء دول أخرى، ما يعني أننا أمام مرحلة تبعث على التفاؤل وتعيد مسارات القطرية.
ولفت الجوابري إلى أن الناقلة الوطنية لم تستخف أبدا بحقوقها حيث طالب الرئيس التنفيذي أكبر الباكر منذ أيام الحصار الأولى المنظمات الدولية بإنصاف القطرية وقدم شكاوى لها لإدراكه التام لطبيعة القوانين وما تضمنه من حقوق لدولة قطر لمواجهة ما تقوم به دول الحصار ضدها وقد نجح بالفعل في تحقيق ذلك، حيث انتصرت منظمة الطيران المدني للقطرية ولدولة قطر وضمنت لها حقوقها عبر إرغام دول الحصار على فتح الممرات.
copy short url   نسخ
02/08/2017
3336