+ A
A -
كتب– منصور المطلق
سجلت العديد من الانتهاكات لقانون حقوق الإنسان منذ بدء الحصار على دولة قطر بحق مواطني كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين لاسيما الطلبة الذي يدرسون في مدارس وجامعات دولة قطر. وذلك بسبب الاجراءات التصعيدية التي اتخذتها الدول المذكورة والتي تشمل إغلاق المجالات الجوية والبحرية والبرية ليس فقط في وجه التجارة والبضائع بل طالت مواطني دول مجلس التعاون في سابقة لم تشهدها دول الخليج من قبل. ضاربة عُرْضَ الحائط بجميع المبادئ والمعايير الحقوقية والإنسانية، وتبعاتها القانونية،فهذه الدول الثلاث تعلم تماماً الترابط والتداخل الكبيرين بين مجتمعات وشعوب هذه المنطقة، من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمدنية.
آليات التسجيل
وفي تقرير للجنة الوطنية لحقوق الإنسان قالت فيه تُعنى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بنشر ما تمكَّنت من تسجيله منذ 5 يونيوتاريخ بداية الحصار والحظر والمقاطعة حتى الأربعاء 28 يونيو، من انتهاكات لأبسط حقوق الإنسان التي وقعت بحق مواطني كلٍ من: المملكة العربية السعودية، ودولة قطر، والإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، دون التطرق إلى المجال السياسي فهو لا يدخل ضمن اختصاصاتها. حيث بدأت منذ صباح يوم الإثنين 5 يونيو2017 تتوارد مئات الشكاوى إلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان سواء عبر البريد الإلكتروني، أو عبر الهاتف، أو زيارات مباشرة إلى مقر اللجنة في الدوحة، وبحسب البيانات التي حصلنا عليها، يُقيم في دولة قطر قرابة 11387 مواطنا من الدول الثلاث ، ويُقيم قرابة 1927 مواطناً قطرياً في تلك الدول، وجميع هؤلاء قد تضرَّروا في نواح وقطاعات مختلفة، وبشكل متفاوت، وصلَ في بعض الحالات أن تقوم بعض الدول المقاطعة بالفصل بين الأم وأولادها.
وفي فجر الأحد 11 يونيوبعد ستة أيام من كارثة الحصار ، أصدرت المملكة العربية السعودية توجيهاً ملكياً لمراعاة الحالات الإنسانية للأُسر المشتركة السعودية القطرية، ثم تبعتها حكومة الإمارات العربية المتحدة، ثم تبعتهما مملكة البحرين، وإنَّ اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لتقدِّر وتُثمِّن هذه الخطوة،وتعتبرها تمضي في الاتجاه الصحيح، لكنَّها تُطالب الدول الثلاث بتوضيح آليات التَّنفيذ أولاً، وضرورة أن تشمل جميع النواحي الحقوقية والقانونية، وأخيراً لابُدَّ من رفع الحصار بشكل تام، وإيقاف جميع أشكال الانتهاكات، وتعويض الأسر والأفراد المتضررين.
خطة طوارئ
وفي كلمة للدكتور علي المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان قال فيها :لقد أصبحت معاناة جزء كبير من شعوب بلدان الخليج العربي بادية للعيان، عبر تقارير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والتقارير والتصريحات الدولية، والقصص عبر وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي، بعد كل هذا نأمل أن تقوم دول الحصار بتغيير نهجها وأن تأخذ بعين الاعتبار حقوق ومصالح الشعوب الخليجية .على خلفية كارثة الانتهاكات التي طالت مواطني أربع دول خليجية سواء من المُقيمين والوافدين في دولة قطر، أوالقطريين المقيمين والوافدين في الدول الثلاث التي فرضت قوانين المقاطعة، وأضاف: قامت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بإعداد خطة طوارئ، تضمَّنت زيادة ساعات العمل، حتى ضمن إجازة العيد؛ نظراً للكم الهائل من الشكاوى التي تردُ يومياً لأشخاص متضررين، حيث يقوم الضحايا بالتواصل مع باحثي اللجنة الوطنية عبر البريد الرسمي أو خطوط الهاتف الساخن، وبين رئيس لجنة حقوق الإنسان أنه في حال وجودهم في دولة قطر يقومون بزيارة مباشرة لمقر اللجنة، حيث يقومون بتعبئة استمارات خاصة بالشكاوى أعدَّتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تتضمَّن تفاصيل أساسية مطلوبة، كما يرفقون معها صور هوياتهم الشخصية، والبعض أرفق تقارير جامعية، أو مدرسية،وعقود عمل،وبيانات أُسرية، وغير ذلك من الوثائق المتوفرة.
اهم الانتهاكات
في أرشيف اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، التي قامت وستقوم على نحوٍ متتالٍ بمشاركتها مع الجهات الحقوقية والقانونية الدولية المختصة، ولابُدَّ من التذكير هنا أن الفرد الواحد قد يتعرَّض لأكثر من نوع من الانتهاكات، وبالتالي فإنَّ حصيلة الملفات التي تُعبِّر عن جميع الانتهاكات هي بالتأكيد أكبر من مجموع الأفراد، فقد سجلنا حوادث تعرَّض فيها الفرد للتشرُّد عن أُسرته، ومُنع من مواصلة تعليمه ومن التَّنقل، فهذه ثلاثة انتهاكات وقعت على فرد واحد.
قُمنا في هذا التقرير بتسليط الضوء على أهم الانتهاكات التي وقعت، وقمنا باختيار وعرض أبرز حادثتين أو ثلاثة لكل نوع من أنواع الانتهاكات، حفاظاً على حجم مُعيَّن للتقرير، مع التأكيد أنَّ بإمكان الجهات المختصة الحصول على الاستمارات والوثائق كافة، كما قمنا بالإشارة إلى حروف من أسماء الضحايا حفاظاً على أمنهم وسلامتهم، وخصوصاً في ظل إجراءات غير مسبوقة من دولة الإمارات عبر تصريح باتخاذ عقوبات تصل إلى السجن مابين 3 و15 عاماً وغرامة مالية تصل إلى 500 ألف درهم لمجرد التعاطف، فماذا سوف يكون حال الضحية من مواطني دولة الإمارات الذي قام بتقديم شكوى على خلفية ضرر لَحِقَ به؟. وبكلِّ تأكيد فقد تفاوتت البيانات التي زوَّدنا بها الضحايا بين حالة وأخرى، لكنَّها جميعاً تمتلك درجة عالية من الموثوقية، وقد قُدِّمَ معظمها بشكل شخصي وبحضور صاحب العلاقة نفسه، كما وردتنا بعض الشكاوى عن انتهاكات وقعت على ضحايا من أقربائهم من الدرجة الأولى، حيث لم يتمكن الضحايا في البلدان الأخرى من زيارة مقرِّ اللجنة أو الاتصال بها أو إرسال بريد إلكتروني حتى الآن، -والتي نؤكد أنها مازالت تصل على نحو يومي-، وفي هذا الصدد نحن نحثُّ جميع مواطني الدول الأربعة الذين وقع عليهم انتهاك إثر تلك القرارات الجائرة التي صدرت على تقديم شكاوى عبر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أو غيرها من المنظمات الوطنية أو الدولية. بناء على ذلك، فإنَّ كل ما استطاعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تسجيله وتوثيقه يبقى في الحد الأدنى، خاصة أنَّ كثيراً ممن تعرضوا للانتهاكات لا يعلمون بوجود آليات تقديم الشكاوى. كما أنَّ لدى كثير منهم خوفا حقيقيا من اتخاذ إجراءات انتقامية بحقهم من قبل سلطات بلادهم في حال الاتصال أو تقديم شكوى، وأخيراً وقوع انتهاكات بحق أطفال أي من هم دون سنِّ الـ 18 عاماً، وبالتالي فهم لايمتلكون هوية، ولهذا فإنَّ الإحصائيات لا تشمل عدداً كبيراً منهم، ويبقى الأثر النفسي الذي ربما يحتاج إلى أجيال لإزالة هذا الكم من الانتهاكات.
ولفت المري إلى أن حكومة دولة قطر لم تَقُم بأي إجراء بحق مواطني الدول الثلاثة، ولم نتلقَ في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أية شكوى في هذا الخصوص.
تجاوزات مستمرة
لعلَّ هذا الانتهاك إثر تداعيات القرارات الجائرة التي اتخذتها الدول الثلاثة من أخطر وأفظع الانتهاكات على الإطلاق، لأنه يمسُّ ويُهدد كيان الأسرة الخليجية الواحدة، ويُفتِّتها ويُشرذمها، ويُهدِّد الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع مثل المرأة والطفل وذوي الإعاقة وكبار السن بشكل مخيف، عدا عن كونه انتهاكاً سافراً لعدة مواد في القانون في هذا الصدد سجلت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان قرابة 480 استمارة تتعلق بحالات قطع شمل الأسر، لكنَّنا على ثقة أنَّ الحصيلة الحقيقية أضخم بشكل كبير. إضافة إلى كل ذلك فقد منعت دول الحصار الثلاثة أي مواطن أو مقيم في دولة قطر القيام بأية حوالات مادية أو حتى بريدية، وبالتالي فهي لم تكتفي بتقطيع أواصر الأسر في شهر رمضان والعيد، بل منعت معيل الأسرة من تحويل أموال لزوجته وأولاده المشردين عنه، وقد يكون المشرد طفلا بلا معيل، وهذا انتهاك مضاعف، وقد يكون امرأة لوحدها، وهذا أيضاً إعدام لجميع الأعراف الحقوقية، بناء على ذلك، ونظراً لعدم تدارك دول الحصار لأية تداعيات لقراراتها الجائرة، تشكَّلت لدى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان قناعة أن تلك الدول لم تتخذ تلك القرارات على عجل، بل تعمَّدت إهانة وإذلال وانتهاك الحريات الأساسية والقيم والأعراف الدينية والاجتماعية.
وفي هذا السياق أدلت السيدة م. ب بشهادتها للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وذكرت تفاصيل الانتهاك الذي تعرضت له قائلة: أنا أحمل الجنسية القطرية ومتزوجة من بحريني، أُقيم مع أسرتي في دولة قطر وكنتيجة لقرار قطع العلاقات سيضطر زوجي وأولادي لمغادرة قطر وستتفرق أُسرتنا، زوجي لديه عمل هنا وأطفالي يتلَّقون التعليم، وأضافة حياتي مُهددة ومستقبل عائلتي مجهول في ظل هذا القرار .
من جانبها زارت السيدة ف. ج وهي سعودية الجنسية من مواليد عام 1990 مقرَّ اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وذكرت تفاصيل الانتهاك الذي تعرَّضت له قائلة: نا من مواليد دولة قطر وأعيش هنا منذ ولادتي، ولديَّ عمل وحياة هنا، ووالدتي تحمل الجنسية القطرية، وعلى إثر قرار قطع العلاقات مع دولة قطر سأضطرُّ للعودة إلى السعودية والانفصال عن والدتي، لكنني لا أرغب بمغادرة الدولة التي عشت فيها كل حياتي ولا أستطيع ترك والدتي.
copy short url   نسخ
27/07/2017
1489