+ A
A -
كتب– أكرم الفرجابي
أعرب عدد من أصحاب الحملات، عن تخوفهم من تسيير الحملات إلى الأراضي المقدسة، بسبب العراقيل والصعوبات التي تعتري أداء المناسك هذا العام، في وقت بدأت فيه كثير من الأصوات، تنادي بضرورة التأجيل إلى العام المقبل، باعتبار أن المناخ الحالي ليس مواتياً لأداء الفريضة. في ظل الإجراءات المعقدة التي تفرضها السلطات السعودية على الحجاج القطريين، والتي بدورها يمكن أن تجعل من أداء المناسك أمراً صعباً، خاصةً بعد المعاملة السيئة التي تعرض لها المعتمرون القطريون خلال شهر رمضان الماضي، والدور الذي لعبه الإعلام السعودي في تسميم الأجواء، بصورة تجعل أي قطري يخشى على سلامته، حال سفره إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج.

المجالس القطرية لا تكاد تخلو هذه الأيام، من أحاديث الحج والتطورات التي تحدث بشأنه، باعتباره شعيرة لها مكانتها ومشاعرها الخاصة في نفوس القطريين، الذين بدأ الشعور باليأس والإحباط يتسلل إلى قلوبهم، كون الوقت يمضي ولا وجود لأي مؤشرات، تدل على سفر البعثات إلى الأراضي المقدسة، على الرغم من أنهم كانوا يمنون النفس بلبس الإحرام الأبيض، والطواف بالبيت العتيق، في ظل الحصار وإغلاق السفارة السعودية في قطر، والأفق المسدود– تماماً– بين الدوحة والرياض، حيث مقر وزارة الحج والعمرة في السعودية، ولعل ما يزيد اليأس في نفوس الحجاج القطريين، هو عدم وضوح الرؤية من الجهات المختصة في شؤون الحج، بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي اجتمعت مع الحملات لأكثر مرة بغرض بحث الموقف الرسمي للدولة، ولكنها حتى الآن لم تتخذ أي قرار، في ظل ما يتردد عن عدم تجاوب السلطات السعودية، مع الاتصالات التي تأتيها من إدارة الحج والعمرة القطرية بخصوص موسم الحج.
سحب الجوازات
في مقابل ذلك قام عدد كبير من الذين وقع عليهم الاختيار لأداء فريضة الحج، بسحب جوازات سفرهم من مكاتب الحملات، بعد أن أبلغوا أصحابها بأنهم ألغوا خطتهم للحج هذا العام، في ظل الغموض الذي لا يزال يكتنف مصير بعثة الحج القطرية، الخطوة التي أرجعها المراقبون إلى تخوف البعض من تعرض القطريين الراغبين في أداء فريضة الحج للمعاملة السيئة، حال قيامهم بأداء المناسك هذا العام، في ظل أجواء الحصار المفروض على قطر، حيث بدأت الأصوات التي تنادي بضرورة التأجيل تتعالى، إزاء ما تداولته وسائل الإعلام وحملات الحج، من تصريحات لبعض المسؤولين حول العراقيل والصعوبات، التي تعتري أداء مناسك الحج هذا العام، إلى جانب الحملات التأجيجية ضد القطريين ومنع التحويلات المالية، بالإضافة إلى منع تداول العملة القطرية في المملكة العربية السعودية، وغيرها من الإجراءات التعسفية التي تدل على تسييس الشعائر الدينية وإقحامها في الخلافات السياسية القائمة بين الرياض والدوحة.
مشقة السفر
ما يثير الحيرة والاستغراب أن السلطات السعودية، لم تعلن صراحة منع الحجاج القطريين من الوصول إلى البقاع المقدسة، ولكنها لم تلتزم بتسهيل الإجراءات كما صرحت في بداية الأزمة، حيث أعلنت السلطات السعودية الأسبوع الماضي، عن منع الحجاج القطريين من الدخول إلى أراضيها براً، وأشارت إلى أنه يمكن للحجاج القادمين من قطر أن يدخلوا المملكة عن طريق الجو فقط، بعد إغلاق الحدود بين البلدين مؤخراً بسبب الأزمة السياسية الراهنة، وكشفت الوزارة السعودية في بيان، أنه بإمكان المواطنين والمقيمين ممن لديهم تصاريح حج من وزارة الحج والعمرة بالمملكة، ومن الجهة المعنية بشؤون الحج في قطر، إذا كانوا مسجلين في المسار الإلكتروني للحج، القدوم جواً عبر أي خطوط، باستثناء الخطوط القطرية، تختارها الحكومة القطرية، وتوافق عليها الهيئة العامة للطيران المدني في المملكة، وأن يكون قدومهم ومغادرتهم عبر مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز في المدينة المنورة، فقط خلال موسم الحج لهذا العام، الفعل الذي سوف يعرض أصحاب حملات البر، إلى خسائر فادحة، كون الفتح المبكر للإجراءات هذا العام، أتاح لهم التحرك بأريحية كبيرة، أثناء إتمامهم لإجراءات التعاقد على السكن، ووسائل المواصلات والتغذية، مع الشركات والجهات المعنية في المملكة العربية السعودية.
خارج الخدمة
وقبل نشوب الأزمة الدبلوماسية بين قطر والسعودية، كان من المفترض أن تتوجه حملات الحج الجوية إلى مكة المكرمة، في الرابع من ذي الحجة 1438هـ، الموافق 26 أغسطس المقبل، فيما تتحرك حملات البر في اليوم الثلاثين، من ذي القعدة الموافق 22 أغسطس، لكن بعد الإجراءات التي أعلنتها السلطات السعودية مؤخراً، أصبحت حملات البر خارج الخادمة، على الرغم من انخفاض تكاليفها، مقارنة بأسعار الحملات الجوية، حيث تبلغ تكاليف رحلة الحج جواً بين عشرين ألفاً وخمسة وثلاثين ألف ريال قطري، ويمكن أن تصل التكلفة إلى ستين ألف ريال، بالنسبة للحجاج الراغبين في السكن بجوار المسجد الحرام، أما أصحاب الحملات البرية فتتراوح التكاليف، بين اثني عشر ألفاً وخمسة عشر، شاملة السكن في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتبلغ حصة قطر من الحجاج ألفين ومائتي حاج، نظراً لاستمرار عمليات توسعة الحرم المكي، ووصل عدد الحملات المرخص لها هذه السنة بحسب وزارة الأوقاف أربعاً وعشرين حملة، منها أربع عشرة حملة جوا، وعشرا برا، بينما بلغ عدد المتقدمين لحج هذه السنة قرابة واحد وعشرين ألفا ومئتين وثلاثة، بحسب الإحصاءات التي أعلنتها الوزارة.
سلامة الحجاج
ويذكر أنه هنالك بعض الحملات التي قدمت اعتذارات عن تسيير رحلاتها هذا العام؛ تفادياً للمضايقات التي قد تحدث للمواطنين القطريين في الأراضي المقدسة، ونظرا للخسائر التي تعرض لها عدد من حملات الحج والعمرة خلال الموسم، وأشار أصحاب الحملات إلى أنهم لا يضمنون سلامة الحجاج من المواطنين والمقيمين، إلى جانب أن سفارة المملكة العربية السعودية في الدوحة مغلقة تماماً، بينما أكد آخرون التزامهم بالقرار الرسمي الذي ستتخذه الدولة، سواء بتحرك الحملات إلى مكة المكرمة، في الوقت المحدد لذلك أو عدمه، لافتين إلى أنهم مع بلادهم في أي موقف تتخذه، وأنهم يقفون صفاً واحداً خلف القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأشاروا إلى أن الانسحابات التي حدثت طبيعية، وأن انسحاب الحملات من موسم الحج أمر وارد سنوياً، كون إدارة الحج والعمرة لا تدخل في اختيار الحملة التي يراها الحاج مناسبة بالنسبة له، بعد إرسالها لرسالة الموافقة النصية، فمن الطبيعي أنه تكون هنالك حملات الإقبال عليها ضعيف، من قبل الحجاج الذين يرغبون في أداء الفريضة، وبالتالي تضطر إلى الانسحاب من موسم الحج، باعتبار أن الكوتة البالغ عددها (1200) حاج، يتم توزيعها على (25) حملة، منها (15) حملة جوية، و(10) حملات برية، وأشاروا إلى أن بعض الحملات قد تحصل على (20) حاجاً، علماً بأن النصاب الرسمي للتحرك هو (50) حاجاً فأكثر، مما يضطرهم للدمج مع حملات أخرى بهدف خفض التكاليف وسرعة الإجراءات.
وسائل الضغط
من جانبها حذرت منظمات حقوقية محلية وعالمية، من محاولات الزج بالمناسك الشرعية، في الصراعات السياسية، حيث أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن خشيتها من أن يُستخدم موسم الحج، لهذا العام كإحدى وسائل الضغط السياسي من طرف السعودية على دولة قطر، كما أعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن قلقها الشديد إزاء الإجراءات التي تتبعها السلطات السعودية بشأن موسم الحج، ولوّحت اللجنة باللجوء إلى الآليات الدولية في حال عدم رفع القيود وتسهيل إجراءات الحج وضمان أمن وسلامة الحجاج من دولة قطر، بما فيها رفع شكوى إلى المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد وكذلك اللجوء إلى منظمة «يونسكو» وبقية الوكالات الدولية المتخصصة، في حال عدم رفع القيود عن إجراءات الحج»، مشيرة إلى أنه من غير المقبول أن يتم تسييس الشعائر الدينية ومنع المسلمين من أداء فريضة الحج تحت أي ذريعة كانت.
copy short url   نسخ
26/07/2017
1540