+ A
A -
كتب – محمد أبوحجر
أدان ممثلو المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية للصحفيين وحقوق الإنسان وحرية التعبير المشاركون في المؤتمر الدولي الذي أقيم في الدوحة والذي نظمته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين، والمعهد الدولي للصحافة مطالب حكومات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية ومملكة البحرين والتي تطالب بإغلاق قناة الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام بما في ذلك العربي 21، وشبكة رصد والعربي الجديد وعين الشرق الأوسط؛ كما نعرب عن تضامننا الكامل مع الصحفيين وغيرهم من مسؤولي الإعلام والمساعدين في قناة الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام المستهدفة.
وخرج المؤتمر بـ3 توصيات لدعم حرية الرأي والتعبير وهي:
أولا: سلامة الصحفيين
حيث أقر المؤتمر بالقرارات العديدة التي اتخذتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن في السنوات الأخيرة، والتي تعرب عن أسفها لتأثير الاعتداءات على الإعلاميين على حق الجمهور في الحصول على المعلومات، كما تعرب عن قلقها إزاء التأثير السلبي لهذه المخاطر على وسائل الإعلام ككل، وخاصة عندما ترتكب دون عقاب.
وأكدوا أن عمل الإعلاميين غالبا ما يعرضهم لخطر الترهيب والمضايقات والعنف، وبالإضافة إلى ذلك، نؤكد على ضرورة ضمان المساءلة عن جميع أشكال العنف ضد الصحفيين وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام كعنصر أساسي في منع حدوث هذه المخاطر في المستقبل.
وشجع المؤتمر بضرورة وضع صك دولي ملزم جديد مكرس لسلامة الصحفيين، بما في ذلك آلية تنفيذ محددة، من شأنها أن تحسن الاستجابة الدولية للهجمات ضد الصحفيين وتدعم ثقافة الإفلات من العقاب، مؤكدين أن وضع اتفاقية حول سلامة العاملين في وسائل الإعلام، والتي يمكن التفاوض بشأنها في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، من شأنه أن يدعم تنظيم الالتزامات ذات الصلة والتي لا يمكن استنتاجها من النصوص القانونية المتعددة مما يجعلها في متناول صانعي القرار وسلطات إنفاذ القانون، إلى جانب مراعاة معايير حقوق الإنسان والقانون الإنساني لوضع الصحفيين.
وتشمل هذه الاتفاقية، على سبيل المثال، الالتزام بحماية الصحفيين من الاعتداءات على حياتهم، والاعتقال التعسفي، وحملات العنف والترهيب، والالتزام بالحماية من الاختفاء القسري والاختطاف (من جانب موظفي الدولة أو الجهات الفاعلة الخاصة)، والالتزام بتنفيذ وإجراء تحقيقات فعالة في التدخلات المزعومة وتقديم مرتكبيها إلى العدالة؛ في سياق النزاع المسلح، والالتزام بمعاملة العاملين في وسائل الإعلام والمنشآت ذات الصلة بوصفهم أعيان مدنية (ومن ثم استثنائها من الأهداف العسكرية) مع اتخاذ كافة التدابير اللازمة أثناء القيام بالعمليات العسكرية لتجنب المخاطر بهدف حماية الصحفيين الذين يقدمون تقارير في مناطق النزاع.
ويؤكد المؤتمر أنه ينبغي توسيع نطاق الأحكام القانونية الحالية إلى ما هو أبعد من الالتزام بحماية الصحفيين من الاعتداءات على حياتهم، بما في ذلك الاختفاء القسري والاختطاف.
ودعا المشاركون إلى ضرورة الاعتراف بجميع التوصيات والعهود والإعلانات والقرارات التي أصدرتها أو أقرتها المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة واليونسكو؛ وكذلك تنفيذ خطة العمل الأخيرة للأمم المتحدة وتعزيز عملها مع المنظمات المكرسة لسلامة الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام؛ بالإضافة إلى الإقرار بقبول الالتزامات بمنح الصحفيين الحماية كمدنيين في حالات النزاع وتعزيز القوانين الوطنية بما في ذلك القوانين الجنائية وإصلاح نظام العدالة لوضع حد للإفلات من العقاب وتوفير المساعدة القضائية والتشريعية لمنع الانتهاكات الخطيرة للقوانين الإنسانية الدولية بما في ذلك استهداف الصحفيين.
كما يدعو المؤتمر وكالات الأنباء إلى الإقرار بواجبها المتمثل في رعاية جميع صحفييها، ولا سيما المسؤولين عن جمع الأخبار والموظفين أو العاملين المستقلين ومسؤوليتها عن تنظيم دورات تدريبية في مجال السلامة البيئية وتوفير المعدات ذات الصلة وذلك في أوقات النزاعات أو غير ذلك.
ثانيا: حرية وسائل الإعلام
إيماناً بأن حرية التعبير هي أحد حقوق الإنسان الأساسية والمنصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، والتي تنص على أنه «لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود»؛ وهدياً بما أقرته اليونسكو في هذا الصدد وإيماناً بدور الدول في ضمان عدم تعارض التشريعات المصممة لمعالجة شواغل الأمن القومي والجريمة مع قوانين حماية المصادر إلا في ظروف استثنائية محددة بدقة، على أن تضع الدول قوانين لحماية حقوق المصادر.
ودعا المؤتمر الحكومات إلى الإقرار بحق المنظمات الإعلامية في الإبلاغ بحرية ودون أي تدخل من جانب الحكومة والسماح للمواطنين بالحصول على المعلومات ذات الصلة بالحكومة ومؤسساتها في سبيل تحقيق الشفافية والمساءلة، كما يدعو الحكومات إلى الحد من تقييد إمكانية وصول وسائل الإعلام ووضع حدود للإبلاغ والحصول على المعلومات وضمان الشفافية والاستقلالية في البت في القرارات المتعلقة بالنشر.
كما أقر المؤتمر بالدور الحيوي الذي تؤديه نقابات العمال في دعم حرية التعبير للصحفيين والدفاع عن حق الصحفيين في الإبلاغ عن القضايا المثيرة للجدل ومنحها سلطة المساءلة.
وإدراكا لمخاطر وضع حدود قانونية للتعبير، والسماح للدول بالتدخل في النشر عبر الإنترنت، يدعو المؤتمر الحكومات والمنظمات الإعلامية إلى العمل على تحدي خطاب الكراهية، بما في ذلك معاداة المرأة والعنصرية والإسلاموفوبيا ومعاداة السامية، والإيمان بتشجيع تعددية الأفكار والإيديولوجيات كأحد الحلول لمواجهة التعصب والتحيز.
كما يدعو المؤتمر الصحفيين إلى احترام مدونات قواعد السلوك التي تطالب بضمان الإنصاف والدقة والحاجة إلى معارضة آلية «كبش الفداء» ضد الأقليات والقضاء على التحامل والجهل.
ثالثاً: حقوق العمال الدولية
أقر المؤتمر بالارتباط الوثيق بين حرية التعبير- خاصة في ما يتعلق بوسائل الإعلام- وحرية العاملين في وسائل الإعلام للاضطلاع بدورهم المهني دون ترهيب أو تمييز.
وإيمانا بالدور المركزي لمنظمة العمل الدولية في وضع وتنفيذ معايير العمل العالمية، يقر المؤتمر بالمبادئ الحيوية المنصوص عليها في الاتفاقيات الأساسية الثمانية لمنظمة العمل الدولية بما في ذلك الاتفاقية الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي- 1948 (رقم 87) و2، واتفاقية حق التنظيم والمفاوضة الجماعية- 1949 (رقم 98)، والحق في شروط عمل عادلة ومناسبة هدياً بما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وإيمانا بقدرة نقابات العمال على حماية الحق في حرية التعبير والدفاع عنه من خلال مدونات قواعد السلوك ووضع المعايير المهنية والمساعي الجماعية، يدعو المؤتمر الحكومات إلى احترام أحكام المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتصرف وفقا لاتفاقيات منظمة العمل الدولية.
وفي نهاية المؤتمر أقر المشاركون على الموافقة على رفع التوصيات الماثلة إلى المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية؛ كما أوصى المشاركون باعتبار جميع أوراق العمل وتقارير جلسات العمل وثائق رسمية مع اعتماد نشرها بموافقة معديها.
وقال الدكتور علي بن صميغ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ختام المؤتمر إن الحضور على مدار يومين كان نوعيا لأهم المنظمات الدولية الحقوقية، والنقابات العالمية للصحفيين، والمؤسسات الإعلامية؛ ولقد عرض خلال اليومين ما يقارب 30 ورقة عمل، وحتى الذين لم يتمكنوا من الحضور لأسباب قاهرة أبوا إلا أن يقدموا أوراقهم عبر السكايب.
وتابع: لقد شكل المؤتمر أرضية صلبة، ومنبرا مهما لتبادل الخبرات، وأفضل الممارسات في دعم حرية التعبير، وحماية الصحفيين. وإن التوصيات التي خرج بها ستساهم بشكل كبير في تقديم الحلول للحكومات والمنظمات للرقي بحقوق الإنسان.
وأضاف المري: حضوركم ومشاركتكم في هذا الظرف العصيب الذي تمر به منطقة الخليج، هو رسالة واضحة ليس فقط لدول الحصار؛ بل لكافة دول العالم بأن انحيازكم في هذه اللحظة التاريخية، هو انحياز لحقوق الإنسان وحرية التعبير؛ وأن دفاعكم عن قناة الجزيرة هو دفاع عن مبدأ راسخ في حقوق الإنسان، ألا وهو حرية التعبير وحق الأفراد في الحصول المعلومات.. قائلا: حضوركم أعطى رسائل قوية، بأنه لا يمكن محاصرة دولة ليُطلب منها أن تنتهك حقوق الإنسان وحرية التعبير، وإن وقفتكم هذه قد أعطت الأمل لكل صحفيي العالم في النضال، والتكاتف والدفاع عن الصحفيين والضحايا، وعبرت على أن التجرد من قيمنا ومبادئنا لا يمكن مهما اختلفنا لأن القضية بكل بساطة هي مسألة مبدأ، فلا يهم من حاصر ولا من حُوصِر؛ بل الأهم هو أن تبقى حرية التعبير وحق الأفراد في الوصول إلى المعلومة حرة طليقة في سماء الحرية رغم الأعاصير.
وأكد أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بصدد التباحث مع الحكومة القطرية في كافة الحلول والخيارات المتاحة لمزيد من تخفيف معاناة ضحايا الحصار؛ خاصة على مواطني تلك الدول المقيمين في قطر، والعوائل الذين تشتتوا، والصحفيين الذين هددوا، سواء الحلول القانونية أو الإنسانية، لكن مهما فعلنا ستبقى تلك الحلول غير كافية ما لم يرفع الحصار، مشددا على إن دول الحصار تتحمل مسؤولية قانونية، وأخلاقية عما ألحقته من أضرار بالمواطنين، وندعوكم من هذا المنبر أن تكونوا سفراء كل من تضرروا وصوت كل من عانوا من جراء هذا الحصار من صحفيين وأسر وطلبة ومرضى وعمال وغيرهم.
وفي الختام نعدكم بأننا سنعمل جاهدين مع شركائنا لإيصال مخرجات وتوصيات هذا المؤتمر، إلى كافة المحافل الدولية، خاصة: الأمين العام للأمم المتحدة ؛ والمفوض السامي لحقوق الإنسان؛ والأمين العام لمنظمة اليونسكو؛ وإلى كافة المنظمات الدولية والإقليمية؛ وسوف نرسم مع شركائنا خطة وآليات لتنفيذ توصيات هذا المؤتمر.
copy short url   نسخ
26/07/2017
1469