+ A
A -
لم أستغرب وقع الدهشة المرسومة على وجه صاحبي العربي الزائر لقطر في مهمة عمل، كان يكلمني وكأنه يكلم نفسه، قال بتأثر واضح إنه أصيب ليلة البارحة بارتفاع مفاجئ للسكر في دمه، مما أفقده القدرة على التركيز، فسارع إلى الاتصال بالسائق المكلف بخدمته متى شاء، والذي أسرع به إلى طوارئ مستشفى حمد العام في العاصمة الدوحة، أكمل صاحبي حديثه والدهشة مازالت مقيمة على محياه قائلا: وجدتهم في طوارئ مستشفى حمد العام يعاملون العمال الآسيويين وكأنهم وزراء وليسوا عمالا، هدأتُ انفعال صاحبي المندهش وقلتُ له: يا صاحبي.. هذي قطر النهار، ترى ضوءها النفوس التي تقدر على الرؤية، وتريد أن ترى الحقائق، أعذر دهشتك العارمة.. ولا ألومك، فقد نسينا وجوهنا العربية المسلمة في ازدحام البحث عنها في مدن التيه، لكننا في قطر نعثر على وجوهنا.. يا صاحبي.

كنتُ في طريق العودة إلى البيت حين أدخلتني تحويلات الطرق الناشئة عن العمران المتسارع في قطر إلى المدينة التعليمية، كل جامعات العالم تقريبا موجودة في تلك المدينة وفي كل التخصصات ومن كل العوالم المتقدمة، شاهدتُ طلبة وطالبات من كل أصناف البشر يخرجون ويدخلون حاملين أجهزتهم المحمولة، ويتلقون العلوم المختلفة في الطب والهندسة والكيمياء وإدارة الأعمال، وكل ما هو معرفة عصرية وحديثة، قطريون وغير قطريين يمرون من حولي حتى نسيتُ أنني عائد إلى البيت، وكيف لا أنسى وأنا أرى قطر ترسم بهدوء وتمكن وإيمان ملامح الإنسان على أرضها وصورته الحقيقية التي استخلفه الله بها على الأرض.

في قطر من الممكن أن تحلم يا أخي الإنسان، لكن بشرط أن تبدأ فورا خطوات التحقيق، تلك هي الحصة الأولى في منهاج قطر الذي وضعه الأمير الوالد حمد بن خليفة، ويقوم على تجسيده والنهوض به صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد، ومعه شعب واع ومحب، تجذرت فيه الأصالة حتى كبر وسما فوق كل المعوقات في طريق تحقيق أحلامه، في كل شارع وميدان وحي أرى الأحلام تتحقق، في الرياضة والإعلام والمعمار والبناء والثقافة والمعاصرة، في كل شيء، ولمن أراد معرفة السبب ما عليه سوى أن يتذكر أن البداية كانت من بناء إنسان قادر على أن يحلم، وقادر على تحقيق الحلم.

أجدني ألوذ بمقولة النفري الجميلة كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة، عندما أكتب عن قطر النهار أو أتكلم عنها، أجدها تسبق المعنى دائما، ولا تكتفي بالجميل، بل أراها دائمة في البحث عن الأجمل، دائمة القدرة على الإدهاش، في الكثير من المدن نخاف من الشرطي ونخيف أبناءنا به، إلا في قطر، فهو الرفيق الأمين الغيور المحب صاحب الفزعة، وهو الذي يستقبل دخولك بسؤال محب وباسم عن طلبك، يدلك على الطريق وكأنه ابن عمومة لك أو ابن خؤولة، لذلك أستطيع، حسب المعطيات، التأكيد بأن قطر قادرة بحول الله على تحقيق رؤيتها لذاتها في عام ألفين وثلاثين وبعدها بالكثير الكثير من الأعوام بفضل ثلاثية بناء الإنسان فيها القائمة على الأمن والصحة والتعليم.

يا سـائلي عـــــما أُحِـبْ
قطر العزيزة والعَرَبْ
لــغتي هــــــي الـــقرآنُ
عـَم وآلَ عمرانَ وتَـبْ
قطرُ الحضارةُ والعراقةُ
والــــــثقافـــةُ والأدـب
حَمَلتْ لواءَ الأقدمــــينَ
الساجدينَ على الـرُكَبْ
مــنهمْ تصدى قائـــــــدٌ
حُــرٌ تمــيميُ النــَسَبْ
من عهدِ قاسم اقبلَ التأ
سِيسُ من ركبٍ لركبْ
وغدا تــمــــيمُ مـــنارةً
للـــفخـــرِ مـن أمٍ وأبْ
يأتي سَليلَ حــــضارةٍ
بـدأتْ بإقرأ باسم ربْ
copy short url   نسخ
24/06/2017
1540