+ A
A -
يتعرض المجتمع القطري في هذه الأيام لحصار غير منطقي وغير مبرر، وهذا يتطلب منا جميعاً، مواطنين ومقيمين تحمل مسؤولياتنا وأن نكون على مستوى التحدي في مواجهة هذا الحصار المفروض علينا، وبالرغم من أن الحكومة تقوم بواجبها في تأمين وتوفير كافة الاحتياجات من السلع التموينية وغيرها، وقد قامت بمواجهة تحدي الحصار بكفاءة، ووفرت كافة الاحتياجات المعيشية اليومية إلا أن ذلك ليس مبررا لتقاعسنا عن التعاون مع حكوماتنا في هذه المواجهة.
علينا في هذه المرحلة الحرجة أن نرتقي بالوعي العام وبخاصة فيما يتعلق بترشيد الاستهلاك سواء في السلع التموينية أو الطاقة أو الموارد المختلفة، على المجتمع أن يكون على مستوى المسؤولية فيما يتعلق بضبط الإنفاق وتحجيم الإسراف في هدر الماء والكهرباء وحفظ النعمة، يجب أن تتغير سلوكياتنا وترتقي إلى مستوى المسؤولية، وهذا الشهر الفضيل فرصة ثمينة لهذا التغيير المطلوب.
إن أطناناً من المأكولات الرمضانية تذهب إلى صناديق القمامة وتستنزف ميزانيات الأسرة ولا هدف لها إلا المظاهر لدرجة استعراضها على مواقع التواصل، هذا نوع من السفه غير المسؤول، وغير المدرك لطبيعة الأحداث الجارية، بل إنه سلوك يغضب الله تعالى، ويناقض أهداف ومقاصد الصوم.
إن مما يؤسف له أن يتحول شهر رمضان إلى شهر للإسراف والتبذير والاستهلاك في كل شيء، في إعداد صنوف من الأطعمة التي لا حاجة إليها، الإسراف في الأكل، الإسراف في هدر الماء والكهرباء، الإسراف في رفع الأسعار، الإسراف في السهر بما ينعكس على ضعف الإنتاجية وتباطؤ الأداء الاقتصادي، وتعطيل لمصالح الناس، مع أن الشهر الفضيل فرصة لإتقان العمل والتفاني في الأداء والإخلاص فيه ومضاعفة الإنتاج والتنمية، فذلك كله نوع من العبادة المطلوبة، وفِي الحديث؛ «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»، يقول تعالى، «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً».
هناك فارق بين الكرم والإسراف، فقد كان الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، كريماً جواداً وبخاصة في رمضان، لكنه الكرم العقلاني المتبصر الرشيد الذي يفرق بين التوسعة على الأسرة والمحتاجين، والإسراف المظهري المؤدي إلى هدر النعمة، ورغم أن العلماء والوعاظ يكثفون جهودهم في توعية الناس وفِي تحذيرهم من الإسراف، والأطباء بدورهم يحثون الصائمين على الإفادة من فضائل رمضان الصحية والنفسية، إلا أن الحاصل أن هذه التوجيهات لا تحقق أهدافها إلا قليلا.
ولكننا اليوم بحاجة إلى تفعيل هذه التوجيهات في ترشيد السلوك الاجتماعي سواء في إنفاق المال أو المأكل أو المحافظة على الموارد أو حفظ النعمة، فهذا الإسراف والتبذير والهدر مما يغضب الله تعالى وينذر بزوال النعمة، يقول تعالى، «وكُلُوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين»، ويحذرنا من التبذير، «ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين».
ختاماً، علينا الارتقاء بسلوكياتنا ولنكن على مستوى التحدي عبر إجراءات عملية يتعاون فيها الجميع، الأسرة والمؤسسات المدنية والدينية والإعلامية والتنفيذية، بالقيام بمسؤولياتها تجاه الترشيد، بداية بالأسرة التي ينبغي عليها تربية أفرادها وتعويدهم على السلوكيات السليمة في الإنفاق.
ومن المهم أن يكون الأبوان قدوة حسنة لأولادهما، وعلى وسائل الإعلام تكثيف برامجها التوعوية في صياغة أنماط استهلاكية رشيدة تسهم في التنمية الاقتصادية، وعلى أئمة المساجد والخطباء تكثيف الخطب الدينية بتعظيم قيمة ترشيد الاستهلاك والطاقة وصيانة النعمة ونبذ الإسراف.
وعلى الجهات الرقابية لحماية المستهلك إحكام رقابتها على الأسواق والمحلات لمنع ارتفاع الأسعار والسلع وبخاصة في شهر رمضان، وعلى الجمعيات الخيرية وجمعيات النفع العام، التنسيق والتعاون في تبني برامج حفظ النعمة، وهي برامج تعنى بجمع فائض الأطعمة من الولائم والموائد والفنادق ومن ثم حفظها وتوزيعها من خلال وجبات يومية صحية ومغلفة بشكل احترافي، وتتم الإفادة من فائض الأطعمة إما بشكل مباشر مما يفيض وهو صالح، أو بإعادة تدوير ما يرمى.
copy short url   نسخ
12/06/2017
1223