+ A
A -
الخرطوم - محمد نجيب
نظم منتدى «المسطبة الثقافية» بالخرطوم ندوة حول النقد وعلاقته بالنص والقارئ، في محاولة لقراءة الراهن الثقافي وأبعاده المتشابكة في مسألة الإبداع، ما بين النقد الأكاديمي والذائقة الإبداعية والقارئ. شارك فيها العديد من كتاب الرواية والقصة والنقاد والشعراء والأكاديميين.
يقول البروفيسور الأستاذ الجامعي محمد الفاتح يوسف أبوعاقلة: إن الذائقة وحدها لا يعول عليها في النقد الأدبي، مع ضرورة توفرها عند المهتمين بهذا المجال الحيوي في الثقافة عموما، ويضيف أن للتجارب الإنسانية العميقة وسعة المخزون المعرفي دورا مهما في أداء النقد لوظيفته الإبداعية إذ هو إبداع له مقوماته وخصائصه، ويضيف أبوعاقلة أن الإلمام بالاتجاهات النقدية المختلفة مع الإحاطة بالمنجز الحضاري للمجتمع المعين، ومعايشة الثبات والتحول في المفاهيم، والراسب الأنثروبولوجي النازل الذي يؤسس للبصمة الوجودية، أو الهوية مع حاسة التذوق الفني الجمالي للأثر الإبداعي، تشكل الأمشاج التي يتخلق منها النقد الأدبي. ثم يستحضر هنري ديفيد ثورو والمهاتما غاندي وليف تاليستوي مبرزا أن بينهم صلة وجودية عميقة جدا، بالرغم من تباعد الحيز المكاني والزماني بينهم، فالزمانية مصطلح يحتاج لإعادة تأسيس على مستوى الدالة، وعتبات السرد محمل لمنطلقات ذات أثر طيب لمعرفة بواطن السرد بعامة.
بينما يرى الدكتور اليمني والأستاذ بالجامعات السودانية نزار غانم أنه بدون النقد التفكيكي الموسيقي تبقى علاقتنا بالذائقة السمعية قاصرة وسلبية في حد السماع، وبالنقد نرتقي إلى إيجابية الاستماع فالاستمتاع طويل المدى وقصيره معا، وتذهب الدكتورة الناقدة لمياء شمت إلى أن العملية النقدية تتم في كنف القراءة وإعادة القراءة، فاختيار النصوص قد لا يكون عادة بقصدية واعية، بل الأمر أحيانا أشبه ما يكون بسياحة قرائية وتذوقية مفتوحة على كل المنجز الإبداعي الإنساني، تختمر فيها فيوض وخبرات التذوقي والمعرفي والحياتي، في أفياء تنزه طليق، يتيح تأمل بيادر ممتدة، وتذوق ثمار متنوعة من حقول الشعر والسرد والتشكيل والموسيقى والسينما والمسرح. فمن بعض منن النص الجميل المكتنز قدرته على خلق كيمياء تلقي خاصة، تنتج بدورها تفاعلاً محرضا وحافزاً للتدبر ومعاينة الوجود عبر نافذة النص المشرعة. فالنص الإبداعي الوهاب، ترى د. لمياء، يعرف كيف يُغوي ويتوامض ليرسل إشاراته وإلماحاته وهسيسه الخاص، وهو ما يستدعي مأثورة كولن ولسون التي تقول إن الأحاسيس والأفكار عندما تتحاشد، والأسئلة عندما تتدافع، فليس هناك إلا منفذ واحد ضيق لإخراجها هو رأس القلم..
أما الدكتور عزالدين هلالي أستاذ الدراما بالجامعات السودانية فيقول: إن الحتمية التاريخية هي التي تشكل المواضيع ببثها للأفكار في تيار الشعور العام للبنية الثقافية والاجتماعية زمانا ومكانا، وإن كانت الحتمية الفنية هي التي تفجر ا?شكال في ذهنية المبدع المشبع بتراث النوع الفني الذي يشتغل عليه حال عثوره على الموقف الضدي، لذا فإن العمل الفني ما هو إ? جماع الحتمية التاريخية والحتمية الفنية في لحظة ما داخل مبدع ما. وعليه، فهل يجوز ?ي كائن أن يدعي قدرته على تحليل هذا العمل دون أن يكون ملما بالحتميات التاريخية التي شكلت المواضيع ومدركا للحتميات الفنية التي فجرت ا?شكال؟ يجيب د. هلالي بالنفي إذ لا يستقيم إرجاع عمل إبداعي إلى عناصره ا?ولية دون إدراك لهذه العناصر أولا، ويضيف أن النقد في أبجدياته هو إرجاع العمل الإبداعي إلى عناصره ا?ولية تشريحا وتفكيكا، وليس النقد الحكم على العمل فقط، فليس كل من يصدر حكما على عمل ما هو ناقد بالضرورة. فمسؤولية النقاد، لا تقل عن مسؤولية المبدعين في تحقيق النهضة الفنية وا?دبية الشاملة. بل قد تتقدم مسؤوليتهم على مسؤولية المبدعين، إذ ولى زمان كان فيه النقد تابعا للإبداع منذ أن اقتلع ماثيو آرنولد رائد النقد الموضوعي العملية النقدية من براثن النظرة الاجتماعية الضيقة التي كانت تكبله في انجلترا في القرن التاسع عشر، ممهدا له الطريق ليستحيل جهدا موضوعيا يرى العمل ا?بداعي كما هو على حقيقته. وهو التعريف الذي ارتبط بماثيو آرنولد، وأمن عليه من بعده رواد النقد الموضوعي، ثم جاء ت. س. إليوت لينسف بكتاباته في التراث والتقاليد الفنية والمعادل الموضوعي آخر القلاع التي كان يتمترس خلفها كتاب الانطباعات. ومن ثم استقل النقد بذاته، واستحال لعلم له أصوله وأسسه وقواعده ومعاييره، و? يحق لمن لم يتسلح بهذه القواعد وا?صول وا?سس والمعايير أن يدعي أنه ناقد.
في نفس الاتجاه، ترى الشاعرة المغربية نعمة ابن حلام أن النقد الأدبي هو المدخل الرئيسي لفهم النصوص الأدبية بمختلف أنواعها.
copy short url   نسخ
29/05/2017
2204