+ A
A -
مع إشراقة شهر رمضان المبارك، راق لي أن أقوم اليوم بجولة خاطفة، عبر صفحات بعض أصدقائي من شعرائنا خصوصاً؛ لأتفقد «المليون شيطان»، الموزعة على «المليون شاعر» هناك، هل صُفَّدَتْ- كبقية المَرَدَةِ، والعفاريت- في هذا الشهر، أم لاتزال حرة طليقة تمارس مهمتها الإلهامية لقرنائها من الشعراء، حتى في رمضان، وكم قد كانت المفاجأة، حيث وجدت عدداً من أصدقائي، استقبلوا اليوم الأول من شهر رمضان بالشعر، وحول رمضان نفسه، مما جعلني أفهم أن بعض شياطين الشعر في «بلاد المليون شاعر»، مسلمون، وليسوا من «المردة»، الجديرين بالتصفيد، بل ربما كانوا، يصومون هذا الشهر، ويقومونه، أفضل من قرنائهم من الشعراء أنفسهم؛ وقد كان أول ما صادفني أبيات للسالكة بنت المختار فتاة من شاعراتنا، تحتفي ضمنها بضيف العام المعظَّم:
رمضان.. أقبلَ.. فاحت النسماتُ
وتعبَّـقت - في عطرها- الزهراتُ
رمضان.. جاءَ.. فذي القلوب كسيرة
قد أُشْرِبَتْ من وجْدها العبْراتُ
شهرُ العبَادة.. والذنوبُ كثيرةٌ
يا رحْمةً.. ترْجى بها الرحماتُ
تتبَتَّلُ الأرواح صوْبَ إلهِها
ترْجو.. عَفُوًّا.. كلُّها حسَراتُ
فبذكْر ربِّ العالمِينَ قلُوبُنا
تصْفُو وتفْرَجُ كلّها الكربَاتُ
تَسْمُو النفوسُ وترْعَوِي عنْ غَيِّها
تتسابَقُ الحَسَنَاتُ والطاعاتُ
أنتْ الرحيمُ فخُذْ بنَا نحْو الهُدى
وامنحْ رضاكَ لنا به الجنَّاتُ
وأعدْ لنا رمضان يغسلُ همَّنا
تتجددُ الحسنَات والقُرُبات.

وقد جاراها- على صفحتها في الفيسبوك- يحيى سيدي، أحد أصدقائها، فكتب:

رمضانُ أقبَلَ فَالنُّفوسُ تطيبُ
قَدْ جاءَها بعدَ الغيابِ حبيبُ
هَلَّ الهِلالُ فللصِّيامِ تجهَّزوا
فاللهُ يغفرُ ذنبَنا ويُثيبُ
وتذكَّروا كَمْ في الورى مِنْ مُتْعَبٍ
يرجو الهلالَ ويبتغيهِ يغيبُ

وعلى مقربة من النصيْن السابقين، تدخل الشاعر إبراهيم بن محمد أحمد، المغترب في ربوع الأندلس، مناجيا ليالي رمضان:

ليالي الصوم من طيب الزمان
كعَرْف العطْر يعبق في المكانِ
ليائلَ لا يُطاولُها سواها
تتيهُ بها الدقائقُ والثواني
ويزدهر الكلامُ بها سويّا
لذيذَ الطعْم في وسْط الجفانِ
وتَعمُرُها التلاوةُ كلَّ حينٍ
وقول الله في الغُرف الحِسانِ
وما يُجزَى الصيامُ فلا حسابٌ
كريّان الدخول إلى الجِنانِ
فلو كانت ليالي الشهر حُورا
فذاتُ القدْر تخفق في جناني
ولن ترضَى بشهر أيّ شهرٍ
وألفٌ من خُطوبتها تُعاني

وفي الختام، اختبرت أنا إيمان شيطاني الشعر، فوجدته- في الحقيقة- إنسانيته ربما أكثر من تقواه، فإحساسه- في مواجهة بشائر رمضان- ينصب على «المعذبين في الأرض»، من بنس أوطاننا العربية الشهيدة، حيث ألقى إلى قبل دقائق:

رمضانُ.. كنْ رُحْمَى.. لمَنْ ضاعوا
جاعوا.. هُنا.. بيعوا.. وما باعوا
صاموا.. مَدَى المَنْفى.. بلا مَأوَى
قَامُوا.. طوَابيرًا.. بَكَوْا.. جاعوا
هامُوا.. بلا زادٍ.. سِوى ذِكْرَى
وطنٍ.. به ماتوا.. به ارْتاعوا
يَرْمِي- بهمْ- بَرٌّ.. إلى بَحْرٍ
بَحْرٌ.. إلى بَرٍّ...لقدْ ضاعوا
رمضانُ.. كُنْ سِلْمًا.. وكُنْ علْمًا
للجاهليةِ.. عَادَ أتْبَاعُ
انظرْ.. إلى اليَمَنِ.. العِراقِ.. إلى..
وإلى.. بِلَادُ العُرْبِ.. أوْجاعُ
مِنْ عهْدِ مَأْرِبَ.. لمْ يَزلْ عرَبٌ
أيْدِي سَبَا.. مَا حَانَ إجْمَاعُ؟!
مِنْ حَرْبِ دَاحِسَ.. لمْ يزلْ دَمُنَا
هدَرًا.. فهَلْ للْحُبِّ.. نَنْصاعُ؟
copy short url   نسخ
29/05/2017
2610