+ A
A -
الدوحة- قنا - علم التاريخ يُنصف الأمم، ويحفظ تراثها، فكثير من التراث الذي تتميز به الدول يأتي بسبب حفظ التاريخ له وإبرازه بالشكل المميز لتلك الدولة ومن هنا كان اهتمام دولة قطر بتاريخها وحضارتها وتراثها الغني والذي يعد جزءا من تاريخ منطقة الخليج العربي.
وقد كانت دولة قطر سباقة في الحفاظ على تاريخها سواء كان ذلك على الجانب الأكاديمي عبر إنشاء قسم التاريخ في جامعة قطر، أو على المستوى الثقافي من خلال تعدد المؤسسات الثقافية في الدولة المهتمة بالتاريخ القطري، فهذه وزارة الثقافة والرياضة تنشر الكتب التاريخية التي تتناول التاريخ القطري.
كما يتم تنظيم فعاليات مختلفة لتأكيد التاريخ كجزء من الثقافة في وجدان المجتمع، كما تقوم بالدور ذاته متاحف قطر وكذلك المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا التي نشرت هي الأخرى العديد من الدراسات التاريخية، فضلا عن فعالياتها التي تستدعي التراث القطري والخليجي لتأكيد هذا الهدف.
وأوضح المؤرخ القطري مصطفى عقيل الخطيب الأستاذ بجامعة قطر ورئيس جمعية التاريخ والآثار في مجلس التعاون لدول الخليج العربية سابقا، في حديث لوكالة الأنباء القطرية قنا، أن المؤسسات الثقافية في قطر قامت ومازالت تقوم بدور حيوي في الحفاظ على التاريخ القطري سواء عن طريق النشر العلمي والدراسات الأكاديمية، أو من خلال الاحتفاء بالتاريخ والتراث في فعاليات مستمرة تبرز الجانب الحضاري والتراثي للدولة.
وأكد أن جهود المؤسسات العلمية والثقافية وكذلك الأفراد المختصين والمهتمين بالتاريخ مستمرة في خدمة التاريخ القطري، لافتا إلى أن تعدد المؤسسات يصب في تحقيق الهدف المنشود، فعندما تصدر وزارة الثقافة والرياضة كتابا تاريخيا مثل الخليج العربي دراسات في الأصول التاريخية والتطور السياسي، أو كتاب «لؤلؤ الخليج ذاكرة القرن العشرين»، أو تناول مفردات التراث مثل صدور كتاب عن الخيل، أو الحرف الشعبية وغير ذلك، أو تصدر متاحف قطر، أو المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا والتي أصدرت تاريخ الغوص على اللؤلؤ وغيره، أو يتبنى مركز قطر للتراث والهوية مؤتمرا لهذا الغرض، أو تقوم مكتبة قطر الوطنية برقمنة الكتب التاريخية وتوفيرها للباحثين أو دار الكتب القطرية، أو يعد مركز شباب برزان مسابقة في كتابة التاريخ القطري أو عن الشخصيات القطرية البارزة تاريخيا والذي أصدر عددا من الكتب الفائزة في المسابقة.
وأضاف أن كل هذه الجهود تتكاتف وتتعاضد لتشكيل الوعي بالتاريخ القطري ليكون حاضرا في وجدان الشعب القطري انطلاقا من رؤية قطر 2030 والتي تجمع بين التاريخ والعادات والتقاليد الموروثة وبين المستقبل والتطلع إلى التقدم.
وحول وجود اختلافات بين دراسة التاريخ وبين الاهتمام بعناصر التراث الشعبي في قطر، قال المؤرخ القطري مصطفى عقيل «إنه لا توجد خلافات بين الجانبين لأن أي جهد يبذله الباحثون سواء في جمع المادة التاريخية أو تدوين التراث الشعبي هو في النهاية يصب في مصلحة التاريخ الوطني».
وأشار إلى وجود العديد من الدراسات التاريخية التي تناولت التاريخ القطري بمختلف أبعاده الاقتصادية والاجتماعية وفي مختلف العصور، داعيا إلى أن تتوج الدولة جهودها في الحفاظ على التاريخ بإنشاء جمعية ترعى الدراسات التاريخية والأثرية وعلى الجهات المسؤولة وأن تشكل لجنة لهذا الغرض على غرار جمعيات عربية معنية بالتاريخ أو الجغرافيا لأن العلوم التاريخية في حالة تطور باستمرار لأن هناك وثائق تظهر باستمرار ولو رجعنا إلى الأرشيف العثماني نجد كما هائلا من الوثائق المتعلقة بمنطقة الخليج العربي وتم كشف أعداد قليلة حتى الآن ولذلك نحن بحاجة إلى مزيد من البحث التاريخي.
وقال المؤرخ القطري مصطفى عقيل الخطيب الأستاذ بجامعة قطر ورئيس جمعية التاريخ والآثار في مجلس التعاون لدول الخليج العربية سابقا إن قطر كما تحافظ على تاريخها فهي أيضا لها دورها في الحفاظ على التاريخ الخليجي باعتبارها جزءا منه، فقد كانت أول دولة تطبع كتاب دليل الخليج لمؤلفه البريطاني جوردون لوريمر في ستينيات القرن الماضي، ثم طبع في سلطنة عمان بعد ذلك وهو كتاب مرجعي لكل من يكتب عن التاريخ والجغرافيا في الخليج وقدم خدمة لتاريخ المنطقة، وكل دولة خليجية استخرجت تاريخها من هذا الدليل ورغم ذلك فلا غنى للباحث عنه لأنه تناول في القسم التاريخي تاريخ منطقة الخليج بشكل عام منذ عام 1507 م، ثم يتفرع ليتناول تاريخ كل منطقة أو دولة على حدة، لافتا إلى أن لوريمر اعتمد في القسم التاريخي على أرشيفات الحكومة البريطانية.
وأشار إلى أن دولة قطر قامت بطباعة دليل الخليج مرة أخرى في طبعة منقحة في عام 2005، كما كانت قطر من مؤسسي جمعية التاريخ والآثار في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي تهدف إلى تنمية الفكر العلمي في مجالي التاريخ والآثار، وإتاحة الفرصة للعاملين في مجالات اهتمامات الجمعية للإسهام في تقديم حركة البحث العلمي في مختلف تخصصاتهم وميادين اهتماماتهم، وإبراز العناصر التي أسهم بها أهالي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في التاريخ بمختلف عصوره وتحقيق التعاون بين أهل الاختصاص والمهتمين بالمجالات التاريخية والآثار والحضارة، وتبادل الخبرات والمهارات فيما بينهم، والعمل على تقوية أواصر الترابط والتعاون بين دول المجلس، وتوثيق عرى المحبة والمودة وصلات القربى بين أبناء المجلس.
وأوضح المؤرخ القطري مصطفى عقيل الخطيب أن إنشاء هذه الجمعية كان ضرورة علمية لتنظيم وتطوير جهود الباحثين الخليجيين حول هذا التاريخ الخصب وذلك انطلاقا من أن الخليج العربي إحدى المناطق الاستراتيجية الهامة في العالم ليس بسبب بحيرات النفط وحقول الغاز الكامنة في أعماق صحارى الخليج ومياهه لكنه كان همزة وصل على مر العصور بين الشرق والغرب وكان ممرا لانتقال الحضارات، لافتا إلى أنها نجحت في تقديم دراسات وأبحاث علمية خدمت ومازالت التاريخ القطري والتاريخ الخليجي من خلال ممارسة عدد من النشاطات من بينها تشجيع إجراء البحوث العلمية في مجال اهتمامها، وما يتصل به من مجالات المعرفة، ونشر نتائج هذه البحوث، وتوزيعها، وتبادلها مع الهيئات المعنية في دول مجلس التعاون، إضافة إلى عقد المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية لبحث القضايا المتصلة بمجالات اهتمام الجمعية، ومن ذلك لقاء سنوي مفتوح على مختلف العصور التاريخية والقضايا المتصلة بهما، وإصدار مجلة دورية تعنى بنشر البحوث والدراسات التي تتصل بمجالات اهتمام الجمعية.
copy short url   نسخ
28/05/2017
12199