+ A
A -
ارجع عدد من خبراء وعلماء دين ضعف وفتور العلاقات الاجتماعية في وقتنا الحالي مقارنة بالماضي إلى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والتي أثرت تأثيرا سلبيا على علاقات الأفراد والعائلات والأقارب ولعبت دورًا في قطع الأرحام، حيث أصبح تبادل التهاني عبر الرسائل القصيرة «SMS» ووسائل التواصل الاجتماعي هو السائد في هذا الزمن، بعد أن كان الناس يتواصلون ويتزاورون في شهر رمضان المبارك وفي فترة الأعياد وغيرها من المناسبات الدينية الأخرى وأكدوا أن انتشار ظاهرة إرسال التهاني عبر عدد من البرامج والأجهزة الذكية التي تقوم بإرسال الصور والمعايدات الصوتية والنصية، رغم أنها تعمل على تقريب المسافات، إلا أنها تساهم في التباعد بين الأفراد والعائلات، وبما يؤثر بصفة عامة على التوادد والتراحم بين أفراد المجتمع.
وقالوا لـ الوطن إنه بات من الضروري توعية الجيل الجديد بخطر مثل هذه الوسائل على التكافل الاجتماعي، وتربيتهم على التمسّك بهذه العادات المرتبطة بصلة الأرحام التي يجب أن يمارسها الأفراد عبر تبادل الزيارات.
الوطن طرحت هذه الظاهرة على مجموعة من المواطنين والمقيمين وخبراء وعلماء دين لمعرفة مدى خطورة هذه الظاهرة التي عمقت البعد الاجتماعي و أضرت بالعلاقات بين الأفراد التي كانت قبل ظهور هذه الوسائل علاقة تقارب وتآزر بين فئات المجتمع أقارب وأصدقاء وزملاء...
في البداية يقول عبدالعزيز جاسم، إن وسائل التواصل الاجتماعي قد أثرت بشكل كبير جدا على سير العلاقات الاجتماعية بين الناس وهذا ما جعل الأصدقاء والأقارب لا يلتقون ويتبادلون التهنئة مشيرا الى أن هناك من يقوم بتهنئة صديقه أو زميلة عبر رسالة على التليفون أو الفيسبوك أو التطبيقات الجديدة بمناسبة دينية: رمضان أو العيد وهو على مسافة بضع امتار واحيانا اخرى في نفس البيت يتواصلون عبر هذه الوسائل مما يجلب الانتباه.
وتابع بالقول إن ما عادت العلاقات كما كانت في الماضي مبنية على التواصل والتآزر والتضامن كلا على حال سبيله مما أثرت سلبا هذه التواصل في تقطيع الأرحام وبرود العلاقات الاجتماعية رغم أنها وجدت لتقريب المسافات.
ومن جانبه يقول علي عبدالله الملا انه بلا شك رغم ان العالم اصبح قرية صغيرة في ظاهره إلا أن في باطنه عمق البعد واصبحنا نتحدث عن أزمة اللا تواصل رغم توافر كل الوسائل الممكنة لتحقيق كل التقارب: يقول إن كثيرا من الأصدقاء الذين يعرفهم لا يزورون أقاربهم للتهنئة والمعايدة بشتى المناسبات الدينية والمناسبات العادية واصبحوا فقط يكتفون ببعث رسائل عبر التليفون والتطبيقات الأخرى الأمر الذي جعل البعض يعترف أنهم مقصرون بحق صلة الرحم التي وجب على كل مسلم العمل بها.
ومن جهته يقول، الدكتور عادل سليمان زرعة بروفسيور في علم النفس والاجتماع ورئيس قسم التدريب بمركز كلايفلاند كلينك باوهايو بالولايات المتحدة الأميركية إن التواصل الشخصي والاجتماعي قد تضاءل بشكل كبير رغم ظهور الوسائل التي جعلت لتقرب المسافات إلا أنها عمقت المسافات خاصة وان هناك أشخاصا يعايدون انفسهم في هذا العالم الافتراضي رغم المسافات المقربة أحيانا يكون بأمتار كما أن التهنئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل تعد سلاحًا ذا حدين، إيجابي وسلبي، حيث تسهل التواصل بشكل أسرع بين الأقارب، خاصة أن سرعة الحياة وكثرة الانشغالات أصبحت عائقًا أمام الزيارات خاصة أن النمط الاجتماعي تغيّر، فلم تعد هناك حياة القرى والأحياء القديمة التي كانت تتيح التقارب عبر الزيارات، فالوضع اختلف الآن وأصبح الجار لا يرى جاره إلا بالصدفة أو في المناسبات.
وأضاف: حتى الزيارات الأسبوعية أصبحت تقتصر على أقرب المقرّبين وليس كل المعارف، وفي المناسبات الاجتماعية والدينية يصعب التواصل أو زيارة الجميع ما يجعلنا نلجأ للرسائل الإلكترونية.
وعن الجانب السلبي قال: تأثيره على العلاقات الاجتماعية سلبي ويتسبب في نوع من التباعد بين الأسر، فرغم أن الفرد يسعد بالتهنئة عبر رسالة من أحد أصدقائه لم يره منذ فترة طويلة، إلا أن الاتصال يسعده بشكل أكبر.
وقال: حتى وإن كانت هذه الوسائل تساهم في زيادة التواصل السريع، إلا أنها سبب مباشر في ندرة الزيارات، حيث وصل الأمر إلى الاقتصار على التهنئة الإلكترونية في الأعياد والمناسبات الكبيرة، دون القيام بالزيارات التي تعوّدنا عليها كمجتمع عربي مسلم موضحا أن الزيارات الاجتماعية خلال المناسبات تنمّي العلاقات وتثري الأحاديث وتبادل الخبرات والآراء وتوصيل الخبرة من جيل لجيل، خاصة أن المجتمع القطري كان يحرص في الأعياد والمناسبات الدينية على الزيارات العائلية، ولكن كثرة الوسائل والتكنولوجيا أضعفت العلاقات تدريجيًا.
ونوّه بأن الجيل القديم مازال محافظًا على زيارة الآباء والأمهات والأقارب لأنه تربى عليها، والخوف هو على الجيل الجديد الذي لا أعتقد أنه سيفعل الشيء ذاته مع استمرار تقدّم التكنولوجيا ووسائل الاتصال.
وأضاف: دور المجتمع والأسر مهم للغاية في توعية النشء والأبناء بأهمية الزيارات العائلية وتدريبهم على ضرورة عدم الاكتفاء بإرسال الرسائل والصور فقط.. موضحا أن التغيّرات المجتمعية وعصر العولمة نمّى دور وسائل الاتصال وأصبح لها دور إيجابي، ولكنها ساهمت في التأثير على العلاقات وبالتالي لا بد من مواجهة هذا التأثير بالتوعية المجتمعية والناحية الدينية، مُطالبة بضرورة التمسك بالعادات والتقاليد والثقافة رغم التطور التكنولوجي، وغرس القيم الإيجابية لدى النشء.
ويقول الداعية احمد البوعينين، إن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت الناس في التقارب خاصة وان الناس يتواصلون على بعد كبير وبين دول مختلفة رغم التباعد ولكن هذا لا يغني أبدا على ضرورة الزيارة مشددا أن الزيارة قد أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم. إن الزيارة تقوى من صلة الرحم، وأشار إلى أن عدم تبادل الزيارات والاكتفاء بإرسال الرسائل بالطبع يؤثر على العلاقات الاجتماعية، مؤكدًا أهمية عدم تأثير هذه الوسائل على صلة الأرحام، لأن الأشخاص يشعرون بالفرح والسرور وقت زيارة أحد لمجلسهم.
وقال: الأصل في صلة الأرحام هو الودّ وزيارة الأشخاص ابتغاء مرضاة الله عز وجل بدون أي مصلحة أو غرض، وبعض الأشخاص لا يرضيهم مجرد الاتصال بهم، ولا يُعطيهم الرضا الكامل، ولكن إذا زاره أحد يشعر بالسرور، وهو الهدف، وناشد المواطنين بعدم الاكتفاء بإرسال الرسائل والحرص على الزيارات الاجتماعية التي لها أهمية كبيرة في تلاقي الأذهان والوجوه والود وسماع الكلام الطيب وتبادل الخبرات.
copy short url   نسخ
28/05/2017
1854