+ A
A -
أدت الانتهاكات المريعة لحقوق الإنسان بحق مسلمي الروهينغا إلى إدانات دولية متعاظمة، وإلى دعوات متعددة للأمم المتحدة لتشكيل لجنة تحقيق في ما يحدث. ومن المهم أن تخضع تلك الفظائع للتحقيق ومحاسبة المسؤولين عنها. ويلاحظ أن الوضع في ولاية (راكين) التي تسكنها الاقلية المسلمة المضطهدة يغذي انتقادات موجهة للرئيسة الحقيقية للحكومة السيدة سان سو كاي التي تشغل منصب مستشارة الحكومة، بينما يظل الجيش بمنأى عن سهام النقد..

هذا ما خلص إليه جوس راموس هورتا الحائز على جائزة نوبل للسلام ورئيس تيمور الشرقية السابق، وجانيلي سافين من مجموعة ميانمار في البرلمان الاسترالي. وقالا في مقال لهما بموقع (بروجكت سندكيت): إن إدانة المعارضة المنشقة السابقة سو كاي الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعدم استخدام مركزها كصاحبة صوت مسموع لمواجهة المشكلة، قد يحقق نوعا من الارتياح العاطفي أو القناعة العاطفية، لكن هذه الانتقادات لا تساعد أصحاب المشكلة الحقيقية. فينبغي أولا معرفة أن ميانمار تمر بفترة سياسية غاية في الهشاشة، وفي ظل دستور يعطي العسكر دورا قياديا في السياسة الوطنية لكنه يحرم سو كاي ويعمل على تقييدها.
ومع ذلك فإنه مع استمرار القمع، فمن السابق لأوانه إيجاد مبرر للدفاع عن أي من قادة البلاد، لكن ينبغي علينا تحديد من يتم توجيه الانتقادات إليه. فالسيدة سو كاي هي التي تتلقى معظم الإدانات بينما ينسحب العسكر إلى خلفية الصورة كلما تأزمت الأوضاع.
وعلى منتقدي سو كاي الاعتراف أن العسكر يملكون ميزة التراجع إلى الخلف كلما تعرضت هي للتدمير سياسيا. فالدستور الصادر بمرسوم عسكري يتيح للعسكريين تدبير انقلاب متى ما رأوا أن عليهم استعادة النظام. وعلى المجتمع الدولي ألا يترك نفسه رهينة لهذا الاحتمال، وأن يكون على وعي كامل بذلك.
وعلى الرغم من أن سو كاي قادت التحالف الوطني للديمقراطية نحو فوز ساحق في انتخابات 2015 البرلمانية، لكنها لم تحوز السلطة كاملة على الحكومة. وتعكس واقعة منعها من تسلم الرئاسة وإجبارها على القبول بمنصب مستشار الدولة، أوجه القصور في دستور ميانمار، حيث لا يسمح الجنرالات مطلقا لحكومة مدنية بمحاسبتهم ومراقبتهم.
ويتيح منصب مستشار الدولة للسيدة سو كاي كل مسؤوليات رؤساء الدول، لكنها لم تتمتع قط بالسلطة الكافية. وبالمقابل فإن قائد الجيش الجنرال مين هالينج لديه القليل من المسؤوليات، لكنه يتمتع بسلطات أعلى بكثير منها.
ويقول الكاتبان إنه بدلا من التركيز على سو كاي وحدها فإن على المجتمع الدولي أن يصعد الضغوط على العسكريين وبرلمان ولاية راكين للعمل مع الحكومة والأطراف الأخرى من أجل السلام. ويمكن لهؤلاء الانطلاق من التوصيات التي أعدتها اللجنة الاستشارية لولاية راكين وهي اللجنة التي ترأسها أمين عام الأمم المتحدة الأسبق كوفي عنان. وقد أكدت سو كاي مسبقا التزام حكومتها بتوصيات اللجنة، وقد حان الوقت للعسكريين ولمسؤولي راكين إظهار مثل ذلك الالتزام.
وهناك حاجة عاجلة لتعهد قوي على المستوى الدولي، من أجل تقديم الخدمات وفرض سلطة القانون في ولاية راكين وفي ميانمار بصفة عامة، فضلا عن البحث عن تسوية نهائية للأزمة. ويعمل حجب المساعدات التنموية على خدمة مصالح العسكر كما يقول بعض منتقدي السيدة سو كاي. ويتعلق الأمر ببساطة بتوفير المناخ المناسب لنمو وتطور ثقافة حقوق الإنسان وحكم القانون الذي يتعرض للتجاوزات والانتهاكات في ميانمار، لكن هذه الأهداف لا يمكن أن تتحقق بين ليلة وضحاها.
ولهذا السبب ينبغي على المجتمع الدولي مساندة استراتيجية بعيدة المدى لدعم ميانمار مع إدانة أية انتهاكات تحدث. ولن تستطيع التحقيقات الدولية وبعثات تقصي الحقائق وضع حد للعنف. وهناك تقارير تتحدث عن أن مسلمي الروهينغا بدأوا في مقاومة الاعتداءات عليهم. ومن بين كل أطراف ميانمار فإن الجيش وحده يملك القدرات والإمكانيات اللازمة لوضع حد للصراع، حيث تحدث أمام ناظريه بوادر مقاومة وانقسامات بين المضطهدين في ولاية راكين. أما إذا لم يتمكن الجنرالات من التحرك خارج نطاق أسلوبهم التقليدي في القيادة والتحكم- وفي هذه الحالة الاحتواء- فسيكونون هم من يتحمل تبعات الأزمة.
ويخلص الكاتبان أخيرا إلى القول إن قائد الجيش هالينج هو وحده القادر على إطلاق جهود حقيقية للسلام، وعليه أن يتجاهل الانتقادات الموجهة للسيدة سو كاي، والاستماع بدلا عن ذلك إلى هؤلاء الذين ينصحونه بالتعاون مع حكومتها، وإلا فليس هنالك طريق آخر للتسوية، على حسب اعتقاد الكاتبين.
copy short url   نسخ
29/04/2017
2035