+ A
A -
حوار- نورما أبوزيد

ينظر عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي»، النائب أنطوان سعد إلى مستقبل سوريا، فيراه دون الأسد، يقول جازماً إنّ «الأسد لن يحكم سوريا مجدّداً»، و«ترامب لن يتراجع عن إقصائه»، و«الضربة الأميركيّة لمطار الشعيرات كانت رسالة له».
في ما يخصّ الموضوع السوري، يعترف سعد بأنّ هناك توافقاً ما بين روسيا وأميركا، «ولكن هذا لا يعني أنّ واشنطن ستتراجع عن إخراج الأسد من الحكم»، وبرأيه الحلّ لدوامة العنف السوريّة هو بـ «إقصاء الأسد عن الحكم كي تضمحلّ داعش من تلقاء نفسها». يقول سعد بثقة العارف: «إن ترامب لن يكون أوباما رقم 2»، والدليل هو فريق الجنرالات المعادين لطهران الذي يحيط نفسه به، وبالنسبة للنائب الذي لا يشذّ عن ثوابته السياسيّة، «أميركا بدأت مسيرة ضرب إيران وأعوانها.. والتضييق المالي على «حزب الله» هو أوّل الغيث، وبرأيه «عندما تجفّ منابع حزب الله الماليّة، لن يجد من يقاتل معه سواء في لبنان أو في الخارج»، وفي ما يأتي نصّ الحوار:

التفّ الرئيس الأميركي على عدد من تصريحاته السابقة حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد من خلال القول إنّ «تحقيق السلام ببقائه ليس مستحيلاً»، وإنّ إدارته «لن تصرّ على رحيله».. هل عاد ترامب ليعزّز قلق المراهنين على موقفه الحاد تجاه الأسد؟
- في السياسة، لا يمكن المراهنة على المعلن، وأنا هنا أودّ أن أعود إلى ما قبل ترامب لتسليط الضوء على الأسباب التي أوصلت سوريا والمنطقة إلى ما هما عليه اليوم؛ فالرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي مارس سياسة الانكفاء حيال ملفات المنطقة، يتحمّل مسؤولية ما وصلنا إليه، وتاريخياً الجمهوريون أكثر إقداماً من الديمقراطيين؛ الديمقراطيون لم يخوضوا إلاّ الحرب العالميّة الثانية، وأوباما هو من هذه المدرسة التي تنظّر كثيراً كلامياً ولا تفعل شيئاً، وتهديده بضرب سوريا على خلفية السلاح الكيميائي هو أكبر دليل على سياسة الثرثرة هذه، وقد برّر تراجعه بوعد الروس له بسحب السلاح، والروس لم يسحبوا هذا السلاح وهو مدرك لذلك، ومجزرة خان شيخون هي أكبر دليل على أنّ روسيا لم تفِ بوعودها..
(مقاطعة): وهل تعتبر أنّ النظام هو المسؤول عن مجزرة خان شيخون؟
- طبعاً، لقد زارت مسؤولة من الأمم المتحدة خان شيخون، وأكّدت أنّ البلدة تعرضت لهجوم كيميائي.
اعتبر بشار الأسد في مقابلة تليفزيونيّة أنّ هجوم خان شيخون مفبرك لتشريع توجيه ضربة أميركيّة لسوريا..
- (مقاطعاً): كذب لأنّه كاذب وهذه الصفة ملازمة له منذ زمن طويل، وهو مجرم حرب، وترامب قالها علانية إن ما يفعله أعمال حيوانية، ومثله فعل وزير خارجيّة فرنسا، ومن يرتكب كلّ هذه المجازر بحقّ الشعب السوري هو حتماً مجرم حرب، وبرأيي لن يبقى بشار الأسد رئيساً للجمهوريّة السوريّة، والفترة الزمنيّة التي سيبقى فيها في الحكم هي رهن اتّفاق الأميركي والروسي. الطبخة الروسيّة– الأميركيّة لم تنضج بعد، وعندما تنضج يتمّ تشكيل حكومة تشرف على الانتخابات، وعندها يكون بشار الأسد قد بات حتماً خارج السلطة، لن يحكم الأسد سوريا مجدّداً، والضربة الأميركيّة لمطار الشعيرات كانت رسالة موجّهة له.
ألا تعتقد أنّ الضربة الأميركيّة كانت مجرّد خطوة استعراضيّة؟
- هم أبلغوا الروس طبعاً قبل الضربة كي يتسنّى لهم إخراج جنودهم من المطار، ولكن الضربة قضت على نحو 20 طائرة حربيّة سوريّة، وبتقديري الشخصي، ترامب لن يتراجع، وما الجنرالات الذين عيّنهم ضمن فريقه والذين من بينهم وزير الدفاع الحالي إلاّ مؤشّر على أنّه سيعتمد سياسة نقيضة لسياسة أوباما تجاه سوريا والمنطقة؛ فوزير الدفاع الأميركي الحالي اختلف مع أوباما حيال النظرة إلى إيران، وأُقيل من مهامه في تلك الفترة جرّاء هذا التضارب في وجهات النظر بينه وبين الرئيس الأميركي، والتغيير نلمسه أيضاً من خلال مراقبة تصرّفات روسيا؛ فروسيا في زمن ترامب مختلفة عن روسيا في زمن أوباما..
(مقاطعة): اسمح لي أن أخالفك الرأي هنا وأقول إنّ الغلبة مازالت لروسيا في سوريا والدليل هو تصريح وزير خارجيتها مؤخراً بأنّ مباحثاته مع الجانب الأميركي تضمّنت اتّفاقاً على أنّ «تكرار الضربات ضدّ سوريا ليس مقبولاً»..
- روسيا تحكم سوريا اليوم، وهذا الأمر ليس خاضعاً للنقاش، ولكن هذا لا يعني أنّ أميركا ستتراجع، وبشار الأسد لن يكون مستقبلاً في سوريا، وسيطاح به حالما يتمّ الاتّفاق على توزيع المغانم في سوريا بين روسيا وأميركا، وفي ما خصّ روسيا، أكثر ما يهمّها في سوريا هو الاحتفاظ بالقواعد العسكريّة والنفط والغاز.
روسيا على حافة الانهيار
هل يعني ذلك أنّ روسيا تعطي الأولويّة للنفوذ الخارجي والاقتصاد على الأمن القومي؟
- الأمن القومي الروسي مضبوط من خلال ممارسة روسيا للأمن الاستباقي، ولكن هذا لا يكفي؛ لأنّ الاقتصاد الروسي على حافة الانهيار. موسكو هي المدينة الروسيّة الوحيدة التي توحي بوجود حالة من الازدهار في روسيا، ولكن كلّ ما هو خارجها يعيش في فقر مدقع، وبوتين يعتقد أنّه أحد أبرز قياصرة روسيا، ولكن اعتداده بنفسه لا يكفي لكي يستمرّ في حكم روسيا؛ فروسيا محكومة من أربعة أشخاص فقط، وهؤلاء الأربعة يسيطرون على الاقتصاد الروسي، ولذلك لا أعتقد أنّ روسيا بعيدة عن الانفجار الاقتصادي، وربّما أميركا تتعمّد إغراقها في سوريا كي تُسرع في هرولتها الاقتصاديّة نحو الهاوية.
هل ترى بداية توافق بين روسيا وأميركا على بعض النقاط في الملفّ السوري؟
- بالطبع هناك توافق، ولكن هذا التوافق لا يعني أنّ أميركا ستتراجع عن إخراج الأسد من الحكم.
هناك من ينظر إلى الأمر من زاوية تقليص المشاركة الأميركيّة في جنيف والأستانة وعليه يعتبر أنّ واشنطن غير مهتمّة بإنجاح المسار السياسي.. فما هو تعليقك على ذلك؟
- لا أعتقد أنّ أميركا ستترك الأمور فالتة على غاربها في المنطقة كي يتسنّى لروسيا وضع يدها بأريحيّة.
ألا تعتقد بأنّ أميركا تضع ثقلها في منطقة الشرق الأقصى وغير مبالية بالشرق الأوسط؟
- صحيح أنّها تضع بثقلها هناك ولكن ليس بمقدورها التخلّي بشكل كلّي عن الشرق الأوسط؛ فمن قال إنّ بمقدور أميركا اليوم «فرط» تحالفها مع السعودية وسائر دول الخليج؟!
سوريا مهمّة استراتيجياً، وإذا تمكنّت روسيا من السيطرة الكليّة عليها، ستتمكّن حتماً من السيطرة على سائر دول الشرق، وهذا لا يصبّ بالطبع في مصلحة أميركا، ومن ثم ترامب لن يسمح بذلك لأنّه لن يكون أوباما رقم 2.
هل التهجير المذهبي الذي تعيشه البلدات والمدن السوريّة في الآونة الأخيرة مُدرج في «وصفة» الطبخة الأميركيّة– الروسيّة؟
- الفرز المذهبي هو أمر طبيعي في زمن الحرب، ولكن إذا كان هذا الفرز مخطّطاً له بغية تقسيم سوريا إلى دولتين واحدة علويّة والثانية سنيّة، فسنكون حتماً أمام حرب عمرها مائة عام إلى الأمام، والحلّ لسوريا هو بإقصاء بشار الأسد عن الحكم، كي تضمحل «داعش» من تلقاء نفسها.
بالانتقال إلى لبنان، يضع رئيس الجمهوريّة البلاد في قفص القانون الانتخابي.. فهل سيفكّ أسر اللبنانيين بقانون انتخابي عادل أم سيقفل باب القفص عليهم؟
- أمضينا أكثر من ثماني سنوات نناقش في مقترحات لقوانين انتخابيّة دون أن نتوصّل إلى نتيجة تُذكر، ومشاريع القوانين الجديدة غير دستوريّة وغير ميثاقيّة، وقانون باسيل الأخير هو قانون تهجيري لما تبقّى من مسيحيي لبنان، وأقلّ ما يُقال فيه إنّه يضع مصالحة الجبل على المحك، فمن أين خرج علينا صهر الرئيس بأنّه لا يحقّ للزعيم وليد جنبلاط بنواب مسيحيين في كتلته؟
- نحن نعلم أنّ باسيل جديد على السياسة، ولكن فليقرأ قليلاً في كتب التاريخ، وعندها سيجد أنّ كلّ الفعاليات السياسيّة في البلد كانت تاريخياً لديها كتل نيابيّة منوّعة طائفياً، ككتلة جوزيف سكاف، وكتلة رشيد كرامي، وكتلة صائب سلام، وكتلة كميل شمعون.
«حزب الله» يطالب بالنسبيّة الكاملة التي تحوّله إلى قاطرة في المجلس النيابي بمقدورها أخذ البلد إلى حيث تريد..
- (مقاطعاً): النسبيّة الكاملة على أساس لبنان دائرة واحدة غير ممكنة بوجود السلاح مع «حزب الله». اليوم يحكم «حزب الله» البلد بصورة غير شرعيّة، وإذا حصل على 70 أو 80 نائباً في الانتخابات المقبلة، سيحكم البلد بصورة شرعيّة.
بحسب القانون النسبي على أساس لبنان دائرة واحدة، لا يمكن لأيّ كتلة سياسيّة أن تخترق «حزب الله» بنائب شيعي واحد، بينما بمقدور «حزب الله» في المقابل أن يأكل من صحون الجميع، وبرأيي الخاص لن تحصل انتخابات في لبنان إذا كانت النتيجة غير مضمونة لصالح «حزب الله».
كونك ابن المؤسّسة العسكريّة.. هل أنت راضٍ عن التعيينات الأمنيّة التي حصلت مؤخّراً لا سيّما في قيادة الجيش؟
- التعيينات العسكريّة هي عبارة عن محاصصة سياسيّة بين أهل السلطة، وكلّ المناصب المسيحيّة يتمّ تعيين أشخاص فيها يوالون رئيس الجمهورية، ولكن رغم انتماء هؤلاء الفاقع إلى ميشال عون، بعض الذين أعرفهم منهم يتمتّعون بأخلاق رفيعة كمدير المخابرات في الجيش اللبناني، أمّا قائد الجيش فلن نحكم عليه قبل أن نرى أداءه.
ماذا يعني وصول جنوبي إلى قيادة الجيش؟
- لا يعني شيئاً لأنّ ابن الجنوب مثله مثل ابن البقاع وابن بيروت وابن الشمال، وبحسب زملاء له هو صاحب سيرة ذاتية جيّدة، ولكن «حزب الله» له ضلع بوصوله إلى سدّة قيادة الجيش، وفي الوقت الحاضر لا يصل إلى قيادة الجيش إلاّ من يحظى برضا «حزب الله».
المحاصصات السياسيّة في التعيينات الأمنيّة أمر مؤسف، وهي عادة طارئة ودخيلة، ولم تكن تحصل سابقاً، تماماً كعادة رفع اليافطات المهنّئة سواء بتعيين قائد الجيش أو مدير المخابرات، وهذا أمر يجب أن يكون محطّ رفض قائد الجيش نفسه، الذي يجب أن يعطي أمراً بإزالة كلّ اليافطات والصور حرصاً على هيبة المؤسّسة العسكريّة.
هل صحيح أنّ العهد الجديد يفتح ملفات قائد الجيش السابق جان قهوجي الماليّة؟
- لم أسمع بهذا الأمر، ولكن قبل أن يفتح هذا العهد ملفّات قهوجي الماليّة فليفتح ملفّاته هو. ما يهمّني أنا في ملف جان قهوجي هو أنّه كان قائداً ناجحاً للجيش، وساهم في ضبط الأمن، وأحبط عمليات إرهابيّة كثيرة، وهذه الأمور أهم بالنسبة لي من الشقّ المالي الذي يتحدّثون عنه.
تعتبر أنّ واشنطن جديّة حيال توجيه ضربة إلى طهران..
- (مقاطعاً): طبعاً واشنطن جديّة في هذا الأمر، وكلّنا نعلم أنّ وزير الدفاع الحالي اختلف مع أوباما حول ملفّ طهران.
هل تعوّل على ضربة أميركيّة لطهران وأعوانها تمتصّ فائض القوة لدى «حزب الله»؟
- من الواضح أنّ أميركا بدأت بمسيرة ضرب طهران وأعوانها، وما الإجراءات الرقابيّة الموضوعة على المصارف اللبنانيّة إلاّ خير دليل على ذلك. فالتضييق المالي على «حزب الله» هو أوّل الغيث، وعندما تجفّ منابع «حزب الله» الماليّة الخارجيّة لن يجد من يقاتل معه سواء في لبنان أو في الخارج، وبتقديري ستتدرّج أميركا في مسيرة المواجهة مع طهران وصولاً إلى استخدام القوّة العسكريّة.
هل ترى لبنان ساحة من ساحات المواجهة بين أميركا وإيران؟
- هذا أمر وارد، ولكن نحن لا نتمنّاه،
إلى الآن هناك اتّفاق محلّي وإقليمي ودولي بتحييد لبنان عن صراعات المنطقة ونيرانها، ونتمنّى أن نبقى مستقبلاً في منأى عن صراعات المنطقة.
copy short url   نسخ
29/04/2017
3007