+ A
A -
كتب – محمد ابوحجر
قضت المحكمة الادارية بابطال بند في عقد مبرم بين شركتين تقوم من خلاله احدى الشركات النفطية بتزويد الشركة الاخرى بالوقود اللازم وذلك بعد وقوع خلاف بين الطرفين حول سعر التوريد والذي اصرت الشركة النفطية بأن يكون وفقا لسعر النفط عالميا وليس محليا كما قضت بالزام شركة النفط بتعويض الاخرى بمليون ريال.
وتتلخص وقائع الدعوى في علاقة تعاقدية بين احدى الشركات واحدى الشركات النفطية، التزمت بمقتضاه الأخيرة بتزويد الأولى بالوقود اللازم لتنفيذ أحد المشروعات بالدولة، ولكن الخلاف ثار حول أحد بنود العقد المتعلقة بالجانب المالي، فقد (فرضت) الشركة النفطية على الاخرى شرطاً تعسفياً يتمثل في توريد الوقود بالسعر العالمي، وليس بالسعر المحلي وفقاً لما ينص عليه قرار مجلس إدارة الشركة النفطية الصادر في هذا الشأن.
وقال المحامي والخبير القانوني مبارك السليطي أن سلطات الشركات النفطية ليست مطلقة، والتعاقد معها يمكن مراجعته، حتى وإن انعقد العقد وأصبح ملزماً لطرفيه، يمكن إلغاؤه كلياً أو جزئياً إذا ما قُرئت بنوده جيداً من قبل قانونيين محترفين قادرين على تسليط الضوء على ما ظهر في العقد من مخالفاتٍ للقانون أو تعسف أحد الطرفين.
وأضاف أن الأصل العام هو علو بنود العقد على أي أحكام قانونية تنظم ذات العقد، ما لم تكن تلك الأحكام من النظام العام الذي لا يمكن مخالفته، إذا فأن العقد هو شريعة المتعاقدين، ولكن استثناء قد رسمه المشرع يمكن بمقتضاه، على الرغم من عظم هذا المبدأ وعلو شأنه، للمحاكم طرح أحد بنود العقد جانباً في بعض الحالات.
وأكد انه استند لأحد تلك الاستثناءات وطوعها- بعد قراءةٍ جيدةٍ، وفهمٍ عميقٍ، وقناعةٍ تامةٍ بها- لخدمة مصلحة موكله المشروعة باعتباره أحد أكبر الشركات القطرية.
وأضاف أنه بعد دراسة وتحليل كافة التشريعات، وقراءةٍ السوابق القضائية الحاكمة لموضوع النزاع، نجحنا في إقناع المحكمة بإلغاء هذا البند (سعر التوريد)، مستندين إلى مخالفته للقرار الصادر عن مجلس إدارة الشركة النفطية والذي بموجبه ألزمت الأخيرة نفسها بتوريد الوقود للشركات القطرية بالسعر المحلي، وليس العالمي.
وأشار السليطي إلى أن الشركة النفطية تمسكت خلال تداول الدعوى ببنود العقد وما تحمله من قوةٍ ملزمة لها ما لها من علوٍ وسموٍ فوق رغبات ومصالح طرفي العقد، ولكن سؤالاً فاصلاً قد طرق أذهاننا ودفعنا للتفكير خارج الصندوق، وهو: منذ متى وكانت التشريعات بهذا الجمود والضيق، وكيف يمكن المساواة بين طرفين انعقدت إراداتهما (الحرة) على إبرام عقد والتفاوض حول بنوده بحريةٍ تامة، وآخرين أبرما العقد ولكن كان أحدهما ضعيفاً ومذعناً أمام الطرف الآخر الذي فرض عليه بنود العقد على طريقة (اقبله كله أو اتركه كله)، متسانداً إلى تقديمه لمنتجٍ يصعب الحصول عليه.
وقال: يجد هذا السؤال صداه في القانون المدني القطري، والذي أفرد فصلاً كاملاً لأحد صور العقود الشائعة، وهو التعاقد بطريق الإذعان. والإذعان هو اضطرار الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية إلى القبول والتسليم بـ (كافة) الشروط التعاقدية التي يفرضها الطرف الآخر (الأقوى) دون مناقشة أو تعديل، مها بلغ ما فيها من تعسفٍ. والأمثلة على التعاقد بطريق الإذعان كثيرة في حياتنا اليومية، وهنا يثور سؤال آخر ما تأثير الإذعان على القوة الملزمة للعقد؟ ألم يرتضِ الطرفان بنوده؟ وقد أجابت عن هذا السؤال المادة (106) من القانون المدني، والتي أجازت إلغاء بعض بنود عقد الإذعان إذا ما خالفت قانوناً.مستندين إلى تلك المادة وتطبيقاتها القضائية والتي هدمت ما للبند المعني من قوةٍ ملزمةٍ، دخلنا في نزاعٍ، وسجالٍ، وجدل طويلٍ وشاقٍ مع الممثلين القانونيين لخصم موكلنا، إلى أن قال القضاء كلمته وحُسم النزاع بحكمٍ فاصلٍ يقضي بإلزام الشركة الموردة برد الفرق بين السعر العالمي الذي فرضته على موكلتنا والسعر المحلي الذي كان لزاماً عليه- من البداية- تطبيقه، ليس ذلك فحسب، بل قضت المحكمة أيضاً بتعويض وقدره مليون ريالٍ قطريٍ لصالح موكلتنا.
copy short url   نسخ
26/04/2017
3144