+ A
A -
كتب – محمد أبوحجر
أكد معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الأسبق، أن الأمن الخليجي والعربي مرتبطان ارتباطاً جذرياً، وهو ما يعني تأثير الأحداث التي تجري على امتداد رقعة عالمنا العربي على أمن الخليج، مشيراً إلى أن الصراع الدائر الآن في الدول التي شهدت الربيع العربي بعد سقوط الأنظمة السابقة، وانسداد الأفق السياسي أدى إلى حدوث ثورات مضادة قد يكون تم التخطيط لها من قبل، وصراعات بين حلفاء الأمس على السلطة والنفوذ وانكشاف الأوضاع الداخلية لتلك الدول.
وذلك خلال ندوة معاليه أمس، الأحد، بجامعة قطر والتي حملت عنوان «دول مجلس التعاون الخليجي.. التحديات الإقليمية ومستقبل العلاقات مع دول الجوار»، وشهدت حضوراً لافتاً من إدارة الجامعة وأعضاء السلك الدبلوماسي وكبار شخصيات الدولة، وأعضاء هيئة التدريس والطلاب ورجال الصحافة والإعلام.
وأشار معالي رئيس الوزراء الأسبق إلى أن عدم وجود سياج فعال بين الدول العربية جعل المنطقة العربية مكشوفة لأعدائها، كما أن غياب التخطيط المحكم والتعاون البناء بين الدول العربية أدى إلى هذا الواقع.
وقال إن المستفيد الأكبر من سقوط العراق في عام 2003، وثورات الربيع العربي، هو إيران التي وظفت تلك المتغيرات لمصلحتها، في حين كانت ردة فعل الدول الخليجية تالية للأحداث وغير فعالة بما يكفي للتعامل بجدية مع المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية؛ حيث اكتفت بالإدانة وردات الفعل دون أن تلعب دوراً قوياً لإطفاء الحرائق، أو محاصرتها، موضحاً أن قوة إقليمية مهمة هي إيران تتحمل جزءاً كبيراً مما يجري من حولنا.
وسائل التواصل
وطالب بضرورة بلورة دبلوماسية فاعلة، تمنع اشتعال الحرائق، وخاصة في مرحلة ما بعد النفط، وهو أمر يدعو إلى إعادة الاعتبار للتكامل الخليجي والعمل على خلق مؤسسات مشتركة فاعلة، قادرة على تقديم حلول جذرية للتحديات الاقتصادية في فترة ما بعد النفط، ولإيجاد حلول على مستوى التحديات الراهنة، مؤكداً أن استخدام وسائل التواصل بطريقة تدعو للسخرية من القرارات هو تصرف غير مسؤول في وقت نحتاج فيه للتكاتف والتلاحم.
كما طالب معاليه بانتهاج سياسة دبلوماسية خليجية وقائية استباقية مشتركة تنطلق من المجلس، وتتعاون مع الدول الصديقة لمواجهة السياسات التي تهدف إلى خلق التوتر وإشعال الحرائق في المنطقة.
وأكد معاليه أن المواطن الخليجي يلاحظ فجوة بين قرارات القمم وطموحاته في الوحدة والتكامل، وواقعه الاجتماعي والسياسي، وقال إن المنطقة بحاجة إلى مشروع تنمية بشرية شاملة يكون أولوية مهامه تحصين مجتمعاتنا وتعزيز دولنا وتمكين مواطنينا من تطوير حياتهم في مختلف المجالات.
المأساة السورية
وحذر معاليه من وجود حالة من العجز السياسي المزدوج تعانيها المنطقة العربية بفعل الأزمة السورية التي تواصلت مأساتها بسبب الخلافات بين الدول الكبرى، وقال إن المأساة السورية المستمرة تشكل حالة كاشفة لهذا العجز العربي؛ حيث تشكل سوريا مرآة ومختبراً لصراعات المنطقة، مؤكداً أن الضعف الدولي ظهر في الأزمة السورية منذ مؤتمر جنيف الأول، لافتاً إلى أنه لا يمكن قيام شرق أوسط مستقر إلا في حالة إنقاذ سوريا من وضعها الحالي؛ لأنها في قلب الشرق الأوسط.
وتحدث عن النقاط الساخنة الأخرى في المنطقة، ومنها مأساة ليبيا وصراع حلفاء الأمس، وكثرة المتدخلين في الأزمة الليبية، وزيادة التنافس الخارجي الدولي والإقليمي حولها، كما تناول الحالة اليمنية وكيف وظفتها إيران لصالحها واستفادت من تناقضات الشأن اليمني وتهدف إيران من خلال ذلك إلى تحقيق أهدافها الاستراتيجية وتغيير جذري في توازن القوى في المنطقة.
الأزمة اليمنية
وأكد معاليه أن قطر كانت من أولى الدول التي دعت للاتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين عام 2007، وعقدنا اتفاقاً كان سيجنب اليمن الكثير من الصراعات.
وتحدث عن الأوضاع في فلسطين وعملية السلام المتعثرة وتأثيرها على الأمن والسلم في الشرق الأوسط والعالم.
وقال معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر إن العراق لا تزال تعاني من السياسة الأميركية والتي أدت إلى توتر مذهبي، مشيراً إلى جود إحباط من تعاون الحلفاء في أزمات المنطقة، على الرغم من دعمنا المستمر لهم
وأكد أن الحل الأمثل حالياً أن تعمل الدول الخليجية على تعزيز قوتها ووضع سياسات واضحة وطويلة الأمد، لافتاً إلى أن محاربة الفكر الداعشي ستبدأ منذ وضع حد للخلافات المذهبية، محذراً في الوقت ذاته من مخاطر انتشار الفكر المنحرف الذي يغذي بيئة الإرهاب، مطالباً بوجود استراتيجية خليجية لمكافحة الإرهاب مع شركائنا.
التحالف والقوة
وحذر من انتشار ظاهرة الدول الفاشلة وهي الدول التي تتردى أوضاعها الداخلية والاجتماعية والاقتصادية، مشيراً إلى أن تأثيرها سيكون سلبياً على المنطقة وأن التسوية السياسية لهذه الأزمات أمر ضروري، مؤكداً ضرورة بلورة برنامج تنموي شامل عبر تبني قاعدة اقتصادية منتجة.
وأكد أن الدول الخليجية حالياً لا تحتاج إلى حليف تعتمد عليه ولكن يجب أن نكون نحن قوة نتحالف ويتحالف معنا الغير على القاعدة نفسها، مشيراً إلى أن الحلفاء عندما يأتون للضعفاء تكون شروطهم قاسية ولذلك يجب أن نكون نحن القوة ونعتمد على أنفسنا لأن التحديات الحالية كبيرة وتحتاج تكاتفنا ونكون يداً واحدة، داعياً أن يكون هناك تعاون وسياسة قائمة على الثقة المتبادلة بين الدول.
ودعا في ختام محاضرته إلى قيام علاقات جديدة ونقل العلاقات العربية الإيرانية مـــن التوتــر والصدام إلى حالة التعاون وفق ما يتطلبه ذلك من احترام سيادة الدول وشؤونها الداخلية وأشكال الحكم فيها.
وأكد أن التعليم الجيد عنصر مهم للوعي، ولذلك لابد أن تهتم به الدول وأنه سعيد بوجوده بين طلاب الجامعة الوطنية جامعة قطر.
كلمة رئيس الجامعة
وفي كلمته بالمناسبة أكد الدكتور حسن راشـــد الدرهم، رئيس جامعة قطر، أهمية اختيار جامعة قطر لعدد من رجال العلم والسياسة وكبار المسؤولين عبر العالم للحديث أمام طلاب جامعة قطر ونقل خبراتهم وتجاربهم إلى طلبة الجامعة في ندوات متميـــزة تدعوهم لها إدارة الجامعة، وذلك في إطــار رؤية جامعة قطر ودورها الوطني وإسهاماً منها في تحـقــيــق رؤية قطــر 2030، ومن ضمن هذه المحاضرات تأتي محاضرة معــالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الأسبق؛ حيث كان لمعاليه جولات وصولات جمعت بين السياسة والدبلوماسية، فقد ملأ الدنيا بحيويته في أوقات عصيبة مرت بهــا المنطقة، واستطاع بحكمته وبُعد نظره أن يضع قطر على خريطة السياسة الدولية تنفيذاً لرؤية سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله.
وقال الدكتور حسن الدرهم، في ختام كلمته،: إننا نتطلع للاستماع إلى رؤية معاليه حول مستجدات الإقليم والمنطقة وتأثير ذلك على دول مجلس التعاون ورؤيته حول آفاق المستقبل وسيناريوهاته.
وفي نهاية الندوة قام الدكتور حسن راشد الدرهم، رئيس الجامعة، بتسليم معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية الأسبق درع جامعة قطر تقديراً له.
وقد تولى تقديم الندوة والضيف، الدكتور محمد عبدالعزيز الخليفي عميد كلية القانون بجامعة قطر.
copy short url   نسخ
24/04/2017
1778